الوقت- يبدو أن الرئيس الفلبيني متردد بشأن قطع العلاقات مع حليفه السابق أمريكا، إذ بات الأمر محيرا لكل من واشنطن وبكين، لاسيما بعد إعلان دوتيرتي المفاجئ بانفصال بلاده عن الحلف الامريكي من قلب العاصمة الصينية، إلا أنه سرعان ما أعاد صياغة تصريحاته خلال عودته الى الفلبين قائلا، بأنه كان يقصد القطيعة الدوبلوماسية فقط؟
وجاءت توضيحات دوتيرتي هذه بعد أن طلبت واشنطن منه إبانة ماقاله في بكين. لتبدأ أمريكا ببحث دوافع وتداعيات لما أراد الرئيس الفلبيني قوله بشأن الانفصال عن الولايات المتحدة، وأبدت الخارجية الامريكية حيرتها قائلة: ليس من الواضح لنا ما يعنى ذلك بكل تشعباته.
إلا أن الأمر المحير هو التأرجح في مواقف الرئيس الفلبيني "رودريغو دوتيرتى"، الذي لبّى استفسارات واشنطن بشأن توضيح تصريحاته، قائلا للصحافيين في مدينته "دافا" بعد عودته من الصين أمس السبت: لن أنهي الحلف القائم بين مانيلا و واشنطن، الأمرلا يتعلق بقطع العلاقات. القطيعة هي قطع العلاقات الدبلوماسية. لا يمكننى ان افعل ذلك. لماذا؟ من مصلحة بلادي ألا افعل ذلك.
وكان قد طمأن وزير الدفاع الأمريكي "أشتون كارتر" الرئيس الفلبيني امس الجمعة، معربا عن اعتزام بلاده الحفاظ على تعهداتها تجاه الفلبين. وقال للصحفيين في أنقرة خلال زيارته لتركيا: لدينا إلتزامات تحالف مهمة نعتزم الحفاظ عليها في الفلبين. وتابع كارتر: إن أي علاقة تكون علاقة تبادلية وسنستمر ببحث الأمر مع نظرائنا بالفلبين.
وأطرى دوتيرتي خلال زيارته الى الصين بالعلاقة "الدافئة" بين مانيلا وبكين، ملفتا الى أن الصين دولة صديقة للفلبين، وأنّ جذور الروابط بين البلدين عميقة وليس من السهل قطعها. وامتدح الرئيس الفلبيني نظيره الصيني قائلا: وصلنا إلى بكين ونحن على أبواب الشتاء، ولكنّ علاقتنا اليوم في فصل الربيع.
وخاطب الرئيس دوتيرتي العاملين الفلبينيين في بكين قائلا: لا تدخل أمريكياً بعد اليوم... لقد حان الوقت لكي نقول وداعاً. كذلك رأى دوتيرتي، الذي كانت بلاده مستعمرة أميركية حتى عام 1946، أنه خلال الحرب الباردة، عُدّت الصين طرفاً شريراً... ما قرأناه في كتبنا المدرسية كان فقط دعاية فبركها الغرب.
ويبدو أن الصين والفلبين تنويان حل النزاع القائم بينهما بشأن بحر الصين الجنوبي، الأمر الذي أشار إليه الرئيس الصيني خلال لقائه دوتيرتي، واصفا إعادة العلاقات بين البلدين بـ "البالغة الاهمية" مشيرا الى رغبة بلاده بتعزيز التعاون مع مانيلا وحل النزاعات بشكل كامل معها.
الى ذلك رحّبت "هوا شونيينغ" المتحدثة باسم الخارجية الصينية، بالخطوة المعلنة نحو حلّ الخلاف "عبر التشاور والحوار"، قائلة: هذه هي الطريقة التي لابد أن يتعامل بها جاران قريبان. من جهته قال وزير خارجية الفلبين، برفكتو ياساي: إن النزاعات الحدودية بين الفلبين والصين قد تظل مدى الحياة، لكنها يجب ألّا تقف عائقاً أمام بناء علاقات أوثق مع بعضنا بعضاً.
وتأجّج التوتر بين الفلبين وأمريكا بعد ردود دوتيرتي "الخشنة" على انتقادات الرئيس الامريكي "باراك اوباما" لحرب الفلبين على تجارة المخدرات، والتي قتل فيها أكثر من 2400 شخصا منذ تولي دوتيرتي السلطة قبل شهرين.
وانتقد دوتيرتي في وقت سابق، تدخل الأمم المتحدة في شؤون الدول الأخرى معتبرا أن المنظمة تقدم مقترحات "سخيفة"، لافتًا إلى أنَّ الذين فقدوا حياتهم خلال مكافحة المخدرات قتلوا في أثناء الاشتباكات مع عناصر الشرطة.
وكان قد طالب دوتيرتي عقب انتخابه رئيسا للفلبين، بقتل مهربي المخدرات الذين يتحدون العدالة، متعهدًا بمكافأة المواطنين الذين يساعدونه في حربه ضد الجريمة والمخدرات، معلنًا عن مكافأة مالية قدرها خمسة ملايين بيسو فلبيني "نحو 320 ألف دولار" لمن يساعد في اعتقال بارون مخدرات.
وبهذا يكون الرئيس الفلبيني الصارم بشأن حربه على تجار المخدرات، قد أوجد انقلاباً في سياسة مانيلا الخارجية عبر التقرب من الصين وروسيا، على الرغم من أن مانيلا كانت من أقرب حلفاء واشنطن في آسيا، وبين البلدين معاهدة دفاع مشترك، ولكن منذ تولي دوتيرتي منصب الرئيس بات التغير واضحا مواقفه تجاه أمريكا.