الوقت – اجرى السوريون انتخاباتهم البرلمانية بعد مضي قرابة 6 سنوات من الحرب ليقولوا انهم استطاعوا الحفاظ على وحدتهم الداخلية رغم المؤامرات، وكانت هذه الانتخابات اول انتخابات تجري بعد اصلاحات دستورية حصلت باوامر من الرئيس السوري بشار الاسد، ورغم ان امريكا وحلفائها لم يعترفوا بالانتخابات السورية لكن لهذه الانتخابات رسائل ودلالات على الصعيدين العربي والدولي، فما هي هذه الدلالات والرسائل وهل ان الانتخابات ستترك تأثيرا في مستقبل سوريا؟
الرسائل الداخلية للانتخابات
لقد اثبت السوريون انهم مع الانتخابات حتى في احلك ظروف الحرب كما اثبتت الحكومة السورية قدرتها على اجراء الانتخابات في كافة الاراضي السورية، ومن جهة اخرى اثبتت مشاركة باقي الاحزاب والاطراف السياسية (غير حزب البعث) في هذه الانتخابات ان الشعب قادر على تقرير مصيره.
الدلالات الاقليمية
ان من اهم دلالات هذه الانتخابات على الصعيد الاقليمي هي ان سوريا باتت انموذجا في المنطقة التي اكثر انظمتها هي انظمة شمولية او ملكية ولايحق لشعوبها اجراء انتخابات، كما اثبت السوريون بانتخاباتهم قوة بلادهم واستقرار الحكم في سوريا فالدول الاجنبية المتآمرة التي نجحت في تدمير البنى التحتية السورية وقتل عدد كبير من السوريين عبر دعم الارهابيين لم تنجح في اسقاط النظام السوري.
رسائل دولية
ان اهم رسالة للانتخابات السورية على الصعيد الدولي هو فشل قرابة 83 دولة في اسقاط النظام السوري فامريكا التي ترى في الاسد داعما للمقاومة في المنطقة جيشت امكانياتها لاسقاطه لكنها فشلت حتى الان ولذلك ستترك هذه الانتخابات تاثيرا بالغا على المفاوضات السياسية الجارية حول سوريا وسيتمكن المفاوضون السوريون من فرض مواقفهم بقوة اكبر.
اما فيما يتعلق بتأثير هذه الانتخابات على مستقبل سوريا السياسي فيمكن القول ان هذه الانتخابات لها تاثير على مفاوضات السلام والحلول السياسية فالبرلمان الذي يتشكل حسب اصوات الشعب يضم نوابا موالين ومعارضين وهذا ما ينفس عن المعارضين ويحد من ضجيجهم المثار، ومن جهة اخرى تضع هذه الانتخابات النظام السوري في موقف افضل من ذي قبل وهذا سيدعم مواقف النواب الموالين في البرلمان في الفترة القادمة.
ان النظام الحاكم في سوريا الذي قام بتعديل الدستورواحترام مطالب الاكثرية الشعبية استطاع تهيئة الظروف لمشاركة القسم الاكبر من المواطنين في الانتخابات وهذا يدل بأن سوريا استطاعت الحفاظ على انسجامها الداخلي رغم الحرب الكونية التي تشن عليها بالوكالة.
وقد اثبت الشعب السوري امام القوى الاجنبية واعداء بلاده انه متمسك بأرضه ومتشبث بحقه في تقرير مصير بلاده كما اثبت النظام السوري انه لايسمح بحدوث فراغ قانوني في البلاد رغم كافة الضغوط التي تمارس على هذا النظام.
ويعتقد المحللون ان استمرار المؤسسات الحكومية والقانونية في ممارسة عملها في سوريا كان من اهم اسباب صمود سوريا ومن اهم اسباب جلب دعم وحماية اصدقاء سوريا الذين لم يكونوا يدعمون سوريا في حال انهيار المؤسسات في هذا البلد.
ويؤكد هؤلاء المحللون ان الضغوط التي مارستها القوى الاقليمية المعادية لسوريا بهدف جعل هذه الانتخابات اداة ضغط سلبية على سير المفاوضات السياسية في جنيف قد فشلت وان دمشق لم ترى نفسها محرجة في اجراء انتخابات حسب معايير القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن الدولي اذا تم التوصل الى اتفاق سياسي في جنيف لبدء مرحلة سياسية جديدة في سوريا.
ومن جهة اخرى يستطيع اصدقاء سوريا ان يزيدوا الدعم المقدم لهذا البلد خلال الفترة المقبلة بسبب نجاح النظام السوري في تنظيم انتخابات برلمانية لأن من شأن هذه الانتخابات ان تسكت المدافع والبنادق الاعلامية الغربية والعربية التي تريد النيل من سوريا كيفما كان بسبب مواقف دمشق الداعمة لحركات المقاومة في المنطقة ولذلك يمكن الجزم ان المرحلة المقبلة في سوريا هي مرحلة تقديم المزيد من العون والدعم من قبل اصدقاء دمشق لها.