الوقت - على الرغم من أن النتائج التي تظهرها الإنتخابات الأمريكية، هي نتائج تمهيدية، فإن أهميتها تكمن في تبيان حجم وقوة المرشحين. وهو الأمر الذي يبدو أنه لا يمكن حسمه بسهولة، نتيجة المفاجآت التي أظهرتها نتائج الإنتخابات التمهيدية. فيما يبدو أن دونالد ترامب، عاد للواجهة مرةً أخرى. أما بيرني ساندرز، فقد أثبت أنه منافس شرس لهيلاري كلينتون. فما هي نتائج الإنتخابات التمهيدية التي اجريت في ولاية نيوهامبشير؟ وكيف تعامل المرشحون معها؟
فاز دونالد ترامب والسناتور بيرني ساندرز بالإنتخابات التمهيدية التي أجريت في ولاية نيوهامبشير لاختيار مرشحي الحزبين الجمهوري والديموقراطي لسباق الرئاسة الأمريكية 2016. وأظهرت نتائج تصويت الديمقراطيين حصول السناتور بيرني ساندرز 74 عاماً على نسبة 58% من الأصوات، مقابل 40% لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون. وأقرت روبي موك مديرة حملة كلينتون بالهزيمة في ولاية نيوهامبشير، فيما أرجعت التحليلات فوز ساندرز إلى تصويت الأمريكيين من أصول إفريقية ولاتينية له.
أما دونالد ترامب فقد تصدر المركز الأول لنتائج تصويت الجمهوريين في ولاية نيوهامبشير، ليعوض بذلك خسارته الماضية في ولاية آيوا أمام تيد كروز. وحصل ترامب على 35% من التصويت بعد فرز 14% من الأصوات، بينما حل جون كاسيش حاكم ولاية أوهيو في المرتبة الثانية بحصوله على 16% من التصويت، يليهما تيد كروز في المرتبة الثالثة.
وكان كروز قد فاز بأغلبية أصوات الناخبين الجمهوريين في الإنتخابات التمهيدية التي شهدتها ولاية آيوا الأسبوع الماضي، فيما فازت كلينتون في انتخابات الحزب الديموقراطي، ومن المقرر أن تجري في ولايتي نيفادا وساوث كارولينا المرحلتان التاليتان من الإنتخابات التمهيدية المقبلة.
وبعيد إعلان النتائج، هنأ ترامب المرشحين الآخرين في السباق ووعد بالعودة سريعاً إلى أسلوبه القتالي النزعة وأخذ يلكم الهواء بقبضتيه وسط صياح أنصاره المبتهجين. وأعلن في خطاب النصر في نيوهامبشير، أن "ساندرز يريد أن يضيع بلادنا" ووعد بالإستعانة بخبراء في قطاع الأعمال للتفاوض في شأن اتفاقات تجارية أفضل وأن يوجه "ضربة قاضية" لمقاتلي تنظيم داعش. وقال ترامب لأنصاره إنه سيجعل أمريکا "تبدأ الفوز مجددا"، وتابع: "صدقوني، سيحترمنا العالم مجددا... سنبدأ الفوز مجددا، وستكونون سعداء للغاية... سنعمل على استعادة عظمة أمريكا، ربما بشكل أكبر من أي وقت مضى".
من جهتها هنأت كلينتون المرشح ساندرز في كلمة أمام أنصارها. ودافعت عن مواقفها التقدمية وتعهدت أن تكون المرشحة التي تحل المشكلات ولا تكتفي بوصفها. وطلبت دعم الناخبين من أصل أفريقي ومن أصل لاتيني واعترفت بأن عليها أن تفعل المزيد للفوز بأصوات الناخبين الشبان.
ولجهة الخسارة التي حلت بها، فلا تعتقد حملة كلينتون أن خسارة نيوهامبشير هي مشكلة كبيرة. وفي هذا السياق، قال أحد القيمين على الحملة إن "الإستنتاج الوحيد لحملتنا بعد جولتي الإنتخابات التمهيدية في آيوا ونيوهامبشير أنه لا يمكننا أن نستخف بمنافسنا"، وأن ساندرز "أظهر أنه قوة ستفرض علينا التعامل معها ومنافستها بكل ما لدينا".
أما السيناتور ساندرز فقد قال بأن فوزه في نيوهامبشير يعد رسالة إلى المؤسسة السياسية والإقتصادية في أمريکا. وأضاف: "يجب أن نقول لطبقة المليارديرات والـ 1 في المائة إنكم لا يمكنكم الحصول على كل شيء". وتابع: "شعب نيوهامبشير بعث برسالة عميقة إلى المؤسسة السياسية وإلى المؤسسة الاقتصادية وبالمناسبة إلى المؤسسة الإعلامية أيضاً". وقال ساندرز الذي يصف نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي إن "الشعب الأمريكي لن يستمر في قبول نظام تمويل الحملات الانتخابية الفاسدة واقتصاد يتم التلاعب فيه لمصلحة الكبار يعمل فيه عامة الأمريكيين ساعات طوال مقابل قليل من المال".
وبعيد إعلان نتائج التصويت، اعتبر ساندرز في كلمة أمام مؤيديه أن نتائج التصويت في نيوهامبشير تشير إلى بداية "ثورةٍ سياسية توحد الأمريكيين وتزيد المشاركة السياسية"، واعداً الأمريكيين بتوسيع نطاق التأمين الصحي والإجتماعي وبحماية حقوق المرأة، في حال انتخب رئيساً.
أما الخاسر الأكبر في سباق نيوهامبشير فكان جب بوش، نجل الرئيس الأسبق جورج بوش الأب وشقيق الرئيس السابق جورج بوش الابن، فبعد بداية عاثرة، نجحت عائلة بوش بإقناع مانحيها الماليين بالإستمرار بالتبرع لتمويل حملة جب في ولايتي آيوا ونيوهامبشير. لكن بعد الأداء المخيب لمحافظ فلوريدا السابق في الولايتين، وفشله في الحلول ثانياً في أي منهما، يبدو أن جب سيعيد حساباته، ومن غير المستبعد أن يعلن تعليق حملته في المستقبل القريب.
وفي وقت يتباحث فيه بوش مع أركان حملته حول إمكانية الاستمرار لولاية واحدة على الأقل، سيجد مرشح "الاستابلشمنت" الجمهوري الآخر روبيو نفسه في وضع لا يحسد عليه بعدما حقق نتائج مخيبة بحلوله ثالثاً في آيوا وفشله في انتزاع أي من المركزين الأولين في نيوهامبشير.
يبقى أن الوحيد من خاسري نيوهامبشير ممن مازالوا يتأملون بالمضي قدماً في ساوث كارولاينا هو كروز، الفائز في آيوا.
يشير تاريخ الإنتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري إلى أنه في الدورات الخمس الأخيرة، لم يسبق أن فاز بترشيح الحزب أي مرشح لم يفز بواحدة من الولايتين آيوا أو نيوهامبشير، ما يعني أن بوش قد يعلق حملته قبل الإنتخابات التمهيدية للحزبين في ولاية ساوث كارولاينا الجنوبية، والمقررة في العشرين من الجاري. ويعتقد الخبراء أن ولاية ساوث كارولاينا هي إحدى أهم معاقل عائلة بوش، وسبق أن فاز بها الرئيسان بوش الأب والابن في الإنتخابات التمهيدية التي سبقت فوزهما بترشيح حزبهما الجمهوري.
إذن تبقى الأمور ضبابية بحسب مفاجآت المستقبل. فيما يبدو واضحاً أن المنافسة تأخذ طابعاً أكبر.