الوقت- سيناريو التدخل العسكري في ليبيا لن يكون بعيداً عن ما حصل في افغانستان والعراق لا سيما على صعيد النتائج التي ستترتب على هذا التدخل، فالمرسوم لليبيا وفق الرؤية الأمريكية البريطانية الفرنسية ظهر واضحاً منذ سنوات من خلال اخضاعها للفصل السابع وحرمانها من اموالها في الخارج بتجميدها، ومنع جيشها من الحصول على الدعم العسكري في مواجهة جماعات الإرهاب، فالمخطط بالدرجة الأولى تدمير وشرذمة ليبيا بغية تحقيق مطامع خبيثة متمثلة بنهب ثروتها ومنابعها الطبيعية. مؤخراً تجلى هذا التدخل من خلال الإعداد لسيناريو الدخول البري والقصف الجوي، في هذا المقال سنستعرض السيناريو المرسوم للتدخل الغربي العسكري وبعض الأسباب والأهداف منه.
سيناريو التدخل الغربي في ليبيا
التحضيرات والتحركات العسكرية قائمة في الجوار الليبي، فقد وصلت قوة جوية خاصة بريطانية إلى قواعد قبرص وجنوب ايطاليا لوضع نقاط الإنطلاق الأساسية لتدخل القوات الغربية، وستشمل القوات الغربية المتدخلة 1000 جندي من سلاح المشاة البريطاني، كما تشير التقارير إلى أن إجمالي حجم القوة المشاركة قد يصل إلى 6000 جندي من مشاة البحرية الأمريكية وقوات من دول أوروبية تقودها إيطاليا وبدعم من فرنسا وربما من إسبانيا أيضاً. ووفق الخطة الموضوعة فإنه من المقرر أن تتحرك هذه القوات غرباً نحو طرابلس للسيطرة عليها وتسليمها للحكومة الجديدة التي يريد المخططون الأمريكيون أن تكون كلمة الفصل فيها لتنظيمات الإرهاب وفي المقدمة وحدات فجر ليبيا. أما قوات الناتو الأخرى فستتحرك إلى الشرق للسيطرة على مدينة بنغازي لنزع كل شرعية عن برلمان ليبيا في طبرق وحكومة الثني وتدمير الجيش الليبي الجديد تحت تبرير رفضه الإنصياع للسلطات الجديدة وأوامر قوات تحالف الناتو.
مخطط التدخل بدأ التحضير له أيضاً من خلال الضغوط الغربية التي مورست على اطراف ليبية لتوقيع اتفاق الصخيرات الهادف إلى دعوة الدول الغربية للتدخل العسكري في ليبيا، الحاجة إلى ذلك برزت لضرورة وجود غطاء دولي لهذا التدخل، ومع الرفض الروسي الصيني لمثل هكذا تدخل حتى لا تتجدد خديعة 2011، فقد ذهب الأمريكيين هذه المرة إلى الضغط على الأطراف الليبية لإستصدار طلب التدخل منهم.
أسباب وأهداف
أولاً: هناك مخطط غربي أمريكي فرنسي لإشعال منطقة بلدان شمال إفريقيا، هذا المخطط على ما يبدو سيبدأ بالإنطلاق من ليبيا، والإنطلاق منه فيما بعد نحو تونس ومصر، ليتحول المخطط ويطال فيما بعد كافة دول المغرب العربي، ما سيساعد على ذلك المخططات التي سبقتها من خلال تعددية جماعات الفكر التدميري التخريبي في منطقة شمال أفريقيا من داعش إلى القاعدة وغيرها. وما لم يعد خافياً على أحد أن هذه الجماعات لها ارتباطات بأجندات خارجية غربية، والهدف من إشعال منطقة أفريقيا هو إعادة رسم خارطة جديدة لها بناءً على إعادة ترتيب أولويات مصالحها الإستراتيجية من جهة وتوزيع المصالح فيها بين هذه القوى من جديد متناسبة مع التغييرات التي طرأت في منطقة الشرق الأوسط من جهة وحجم كل من الدول الغربية من جهة أخرى.
ثانياً: من أهداف الحملة أيضاً هو بناء طوق الحصار الأمريكي، فقد أدى التحرك الروسي في منطقة الشرق الأوسط وخاصة على الساحة السورية إلى بعثرت المخططات الأمريكية، وفي سياق الرد ولو بمكان آخر ذهبت إلى ليبيا، هذا الرد تمثل بتوجه أمريكي نحو الحاجة لإيجاد قاعدة عسكرية جديدة في القارة الأفريقية، كما أن الحاجة الأمريكية للربط بين قواعدها العسكرية في الشمال الأفريقي وتلك التي في أوروبا من خلال الأراضي الليبية خاصة بعد رفض دول أخرى لذلك بعد أن كانت تشكل خياراً في لائحة الخيارات.
ثالثاً: هناك رغبة فرنسية متزايدة للتدخل الخارجي، ففرنسا تشعر بأن منافسة أمريكية لها في منطقة غرب وشمال أفريقيا قد بدأت تتحرك بقوة، هذه المنافسة ولدت تخوفاً فرنسياً ورغبة لإعادة ترسيم حدود مناطق نفوذها في مستعمراتها السابقة. والإهتمام الفرنسي الزائد في ليبيا يأتي على كونها البوابة الرئيسية لدول غرب أفريقيا خاصة النيجر، رابع منتج عالمي لليورانيوم، حيث تملك فرنسا مناجم كثيرة فيها وتهتم بحمايتها، ويمكن وفق خبراء، أن يكون هذا الأمر الرئيسي الذي يدفع فرنسا إلى الوجود بقوة عسكرياً في محيط حدود النيجر، إضافة إلى استفادة فرنسا بأفضلية تجارية واسعة في ليبيا، فهناك اتفاقات ما زالت قيد التفاوض مع الحكومات الليبية المتعاقبة في مجالات النفط والملاحة الجوية، بالإضافة إلى توريد طائرات إيرباص "ايه 320" للجيش الليبي.
رابعاً: تخوف فرنسي وغربي من أن تتمدد جماعات الفكر التدميري التي أوجدتها إلى آبار النفط الليبية بعد احكامها على مدينة سرت الساحلية، ومدينة بن جواد التي تعد أهم مدينة في منطقة الهلال النفطي الشرقية حيث توجد كبرى المنشآت النفطية الليبية، إلى استهدف "داعش" المنشآت النفطية في السدرة غرب راس لانوف، وراس لانوف شمالي ليبيا، على حاجز لحرس المنشآت النفطية، أسفرت عن سقوط ستة قتلى. كما وشنّه هجوماً انتحارياً في زليتن غرباً. إلى سيطرت الجماعات التدميرية على شريط ساحلي يقدر ب 300 كيلومتر.
إدعاءات تخالفها الوقائع
إذن الإدعاء الغربي حول تدخل للقضاء على هذه الجماعات أو اضعافه فيه الكثير من التناقض فلو كانت هذه العواصم تريد عودة الإستقرار إلى ليبيا لكانت قد مكنت الليبيين من الأدوات لتحقيق ذلك وكانت قد رفعت حظر تسليح الجيش الليبي الذي شكّل تحت إشراف الحكومة الليبية الشرعية في طبرق حسب قرارت الأمم المتحدة وما يسمى بالشرعية الدولية ولتمّ الإفراج عن الأموال الليبية التي تعود لصندوق الإستثمار الليبي، ولتم الضغط على الحكومة الموازية في طرابلس لإنهاء فوضى تعدد السلطات، كما كان من المفروض أن تمنع هذه القوى المدّعية للديمقراطية والإستقرار ومحاربة الإرهاب، أجهزتها السرية وحلفاءها من مد المليشيات المختلفة في ليبيا بما فيهم داعش والقاعدة بالسلاح والمرتزقة.