الوقت - من المفارقات العجيبة التي نراها في هذه الايام من قبل الحكومة الامريكية أنها تدعم الارهاب في مكان وتشن الحروب في مكان آخر بحجة محاربة هذا الارهاب. ومن الملفت جدا ان بعض الدول علی مايبدوا أنها تصدق اعيب واشنطن حول هذه القضية. حيث اننا نری الیوم واشنطن وحلفائها يدعون بانهم يريدون تخليص منطقة عين العرب (كوباني) من الارهابيين الداعشيين الذين دخلوا هذه المنطقة، ونسمع اخبارا حول قصفها من قبل القوات التي يطلق علیها «الائتلاف الدولي لمحاربة داعش».
لكن الحقيقة في مجال مايعرف بمحاربة الارهاب وداعش من قبل واشنطن وحلفائها فهو شي آخر وتختلف ماهيته تماما عن هذه الضجة المفتعلة من قبل الغرب خاصة امريكا في وسائل الاعلام، حيث ان امريكا اختارت اخيرا بالتنسيق مع سائر الدول الغربية وكذلك تركيا، دعم مايعرف بالجيش الحر والذي هو جزء من الارهاب الذي تأن منه سورية، لغرض مقاتلة داعش في عين العرب!. وهذا امر في غاية العجب، لان جيش الحر قد تلطخت قبل هذا اياديه بدماء الآلاف من الابرياء في سوريا عبر العمليات الارهابية والتفجيرات التي قام بها طيلة عمر الازمة السورية. لكن امريكا ليس فقط غضت النظر عما فعله الجيش الحر من جرائم فحسب، بل اصبحت الیوم تدعم هذه المجموعة الارهابية بحجة مقاتلة داعش.
الهدف الاساسي من دعم امريكا لجميع هذه المجموعات الارهابية في سوريا سواء داعش او الجيش الحر، یتمثل في التخلص من النظام السوري بقيادة بشار الاسد، لكن من الواضح جدا ان جميع هذه المجموعات الارهابية ومهما تلقت من دعم سياسي وعسكري واستخباراتي، فانها ستظل عاجزة عن الحاق الهزيمة بالجيش السوري الذي يستبسل في معاركه لانقاذ سوريا من الظروف التي احلت بها.
تركیا هي الدولة الاخری التي لازالت مستمرة بمؤامراتها ضد الشعب السوري من خلال دعمها للارهاب في سوريا خاصة عبر دعم جيش الحر الذي يعتبر الاقرب فكريا من بين المجموعات الارهابية السورية الی انقرا. بحيث تظن ترکیا انه سيصبح بامكانها ممارسة المزيد من الضغوط علی حكومة الرئيس بشار الاسد في حال سقطت مدينة عین العرب بيد قوات الجيش الحر، ولهذا وافقت تركيا اخيرا علی دخول بعض القوات الارهابية المدعومة من قبلها عبر اراضيها الی عين العرب. هذه كلها تصورات خاطئة سواء كانت من قبل الغرب او انقرا، لان اسقاط نظام الاسد بات من الواضح انه صار من الماضي ولم يفكر به إلاّ اصحاب العقول المتحجرة التي لاتفهم في موازين القوی اي شي.
كما ان امريكا ومن خلال دعمها للجيش الحر الارهابي، قد اتضح دورها الحقيقي المتمثل في نشر الارهاب في المنطقة لغرض تضعيف دول الممانعة لصالح كيان الاحتلال الصهيوني، خاصة اننا نری في هذه الايام كيف زادت الاعتداءات المسعورة من قبل تل ابيب علی المقدسيين وكذلك المسجد الاقصی المبارك في ظل انشغال العالم باخبار محاربة داعش.
كما انه بات من المثير للسخرية تصور بعض الجهات الدولية والاقليمية بانه مازالت الفرصة سانحة لاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد والمجيء بنظام آخر تتماشی سياسته مع سياسة الغرب والكيان الغاصب الصهيوني، وذلك لسبب انه لو كان بالامكان اسقاط هذا النظام، فانه لسقط منذ الاشهر الاولی التي اشعلت نيران الفتنة والارهاب في سوريا. لكن هذا المشروع التآمري علی سوريا ليس فقط قد فشل نهائيا في اسقاط النظام السوري فحسب، بل ان المؤامرة قد زادت من قوة سوريا علی التعاطي مع الازمة وجعلت من هذا البلد يهيء نفسه لحرب طويلة، لا يمكن ان تكون نتيجتها إلاّ، محو الارهاب نهائيا دون رجعة.
ليس معلوما متی تريد الدول الغربية ومن يدور بفلكها ان تفهم ان سوريا لايمكن ان تكون يوما من الايام ضمن محور الخنوع والانبطاح في المنطقة بل انها وكما كانت ستظل رآية خفاقة للشعوب التي تناضل من أجل استعادة كرامتها ومقدساتها التي تم تدنيسها علی يد الصهاينة المجرمون، لكن الامر الذي لاشك فيه فانه جميع ما كان بحوزة اعداء سوريا قد نفد ولم يبقی لديهم من سهام ليرمون بها سوريا، وهذا يدل علی ان المشروع الغربي في المنطقة وشك علی الانهيار. كما ان دول المنطقة التي دعمت الجماعات الارهابية في سوريا سواء الجيش الحر او غيره من الجماعات الاخری، ستحاسب في يوم من الايام من قبل شعوبها علی هذا الدعم بعد ما يتخلی الغرب عن مشاريعه في المنطقة.
واخيرا فان الصحوة الاسلامية ورغم المحاولات التي جرت لانكاسها من قبل أعدائها باتت تلوح بالافق في المنطقة وان دعم الارهاب من قبل واشنطن وحلفائها لم يتمكن من ايقاف تقدمها. وكذلك نذكر بان سواء دخل الجيش الحر الارهابي الی منطقة عين العرب او فشل في ذلك، فان هذا سوف لم يؤخر ولم يقدم شيء، في المعادلة السورية، علی عكس ما تطمح الیه الدول الغربية وتركيا.