الوقت- تتصاعد موجة الغضب العالمي مع كل شهادة جديدة تكشف عن حجم الانتهاكات التي يمارسها كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق المعتقلين الغزيين، رجالاً ونساءً، ومع كل يوم يمر، تتكشف تفاصيل مروّعة حول حفلات اغتصاب جماعية ومنهجية داخل سجون الاحتلال، في واحدة من أكثر الجرائم وحشية وإهانة للكرامة الإنسانية، آخر هذه الانتهاكات ما أظهرته الشهادات الرسمية حول اغتصاب سيدة غزية، وتقديم خمسة متهمين من جنود الاحتلال للمحاكمة، فيما دعا المرصد الأورومتوسطي إلى إدراج كيان الاحتلال ضمن القائمة السوداء للدول المتورطة في انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان.
اغتصاب “نهى”.. جريمة تتجاوز حدود العنف
قصة “نهى” (اسم مستعار) ليست مجرد حالة فردية، بل نموذج صارخ لما يتعرض له المعتقلون والمعتقلات الغزيون داخل مراكز الاحتجاز، فحسب روايتها، أمر الجنود المرأة بخلع ملابسها وجرى تقييدها كاملاً قبل أن يتناوب عليها عدد من الجنود بالاغتصاب والضرب الوحشي وهي معصوبة العينين، المشهد ليس مجرد اعتداء؛ إنه سلاح حرب يستخدم لتحطيم الإنسان، كسر إرادته، وتركه محطماً نفسياً وجسدياً.
وفي تفاصيل شهادتها، تروي أن الجنود صرخوا فيها "الصلاة في الصباح ممنوعة" قبل أن يسحبوها إلى غرفة مجهولة ويضعوها على طاولة معدنية تحت الضرب المستمر، سمعت أصوات كاميرات أثناء الاعتداء، ما يؤكد استغلال الجنود لجسدها في تصوير مشاهد إذلال ممنهجة، وهو نمط يشير إلى أن هذه الجرائم لم تكن وليدة لحظة، بل سلوكاً منظماً ومتكرراً.
الأكثر رعباً ما روته عن دخول جندي ملثم قال لها إنه روسي، وطلب منها ممارسات قسرية ثم اغتصبها، في مشهد يجمع بين التعذيب النفسي والجسدي والتهديد بنشر صورها، هذه الشهادة وحدها كفيلة بوضع كيان الاحتلال في دائرة الاتهام بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
اعتداءات لا تستثني الرجال
لم تتوقف الانتهاكات عند النساء، بل طاولت الرجال والمراهقين أيضاً، حيث بدأت تظهر شهادات مروّعة عقب الإفراج عن معتقلين غزيين من سجن سدي تيمان وغيره من مرافق الاحتجاز العسكرية.
أحمد (اسم مستعار)، شاب مراهق، يروي أنه جُرد من ملابسه وأُحضر كلب مدرّب صعد على جسده وتبول عليه فيما كان الجنود يضحكون، بعدها تعرض لاعتداء جنسي مباشر، واستخدمت بحقه أدوات وإهانات لا يمكن وصفها إلا بأنها تعذيب جنسي متعمد، مثل هذه المشاهد تكشف بوضوح أن الاغتصاب لم يكن فعل أفراد منحرفين، بل وسيلة تعذيب ممنهجة لإذلال المعتقل الفلسطيني.
شهادات أخرى تحدثت عن استخدام زجاجات وعصي خشبية لإيذاء المعتقلين جنسياً، وعن حالات فقد فيها الضحايا وعيهم من شدة الألم، هذه الاعتداءات يصفها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأنها منظمة، وليست حالات معزولة، بينما يؤكد خبراء حقوقيون أن سلوك السجانين يعكس سياسة وليس انحرافاً فردياً.
اعترافات وتسريبات من داخل المنظومة العسكرية
من أخطر ما تكشّف خلال الفترة الماضية تسريب المدعية العسكرية المستقيلة يفعات تومر يروشالمي فيديو لاغتصاب معتقل غزي داخل سجن سدي تيمان. التسريب أكد أن هذه الجرائم مُصورة وأن هناك من يسعى للتغطية عليها، ما يشير إلى تستر مؤسسي داخل منظومة الاحتلال، ورغم اعتقال المسربة، فإن محكمة الاحتلال أطلقت سراحها وأبقتها تحت الإقامة الجبرية، في خطوة تعكس ازدواجية المعايير وتأكيداً على أن الجريمة ليست موضع محاسبة حقيقية داخل منظومة الاحتلال.
منهجية تعذيب.. باعتراف خبراء من داخل كيان الاحتلال
مدير اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في كيان الاحتلال، تال ستاينر، أكد أن ظروف المعتقلين الفلسطينيين في جميع السجون "كانت مروّعة عمداً"، ولم يستبعد ارتكاب جرائم اغتصاب داخل هذه المعتقلات، اعتراف كهذا من شخصية داخل المنظومة يزيد من قوة الأدلة على أن الاغتصاب يُستخدم كأداة قمع وإخضاع ممنهجة.
كما أشارت مديرة نادي الأسير الفلسطيني إلى تلقّي معلومات مؤكدة عن اعتداءات جنسية متعددة، فيما تحدثت باحثة في "هيومن رايتس ووتش" عن واقعة اغتصاب جماعي لسيدة غزية داخل المعتقل، وهو ما يجعل المشهد أكثر سوداوية.
كيان الاحتلال في مواجهة الأمم المتحدة
مع تراكم الشهادات، واجه كيان الاحتلال استجواباً في لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، حيث قال مقرر اللجنة بيتر فيديل كيسينغ إن "التعذيب الجنسي أصبح أداة متعمدة ومنتشرة على نطاق واسع"، تصريح بهذا الوضوح يمثل إدانة دولية مباشرة، ويضع كيان الاحتلال في موقع الاتهام بارتكاب جرائم دولة وليس جرائم أفراد.
تبعات دولية تتصاعد
الدعوات لإدراج كيان الاحتلال ضمن القائمة السوداء للدول المنتهكة لحقوق الإنسان تتزايد، الجرائم الجنسية أثناء الحرب تصنَّف وفق القانون الدولي كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقد يستخدمها الادعاء الدولي لإحالة ملف الاحتلال إلى المحاكم الجنائية الدولية.
كما يمكن لهذه الشهادات، إذا استمرت بالتراكم والتوثيق، أن تُحدث تحوّلاً في طريقة تعامل المجتمع الدولي مع كيان الاحتلال، وتكشف الوجه الحقيقي لسياساته القمعية في السجون، وتضعه في عزلة سياسية وأخلاقية متزايدة.
الاغتصاب في سجون كيان الاحتلال الإسرائيلي ليس انحرافاً فردياً ولا عملاً منعزلاً، بل هو أداة متعمدة لإهانة الإنسان الفلسطيني وتحطيمه نفسياً وجسدياً، ومع كل شهادة جديدة، تزداد مساحة الضوء على الظلام الذي يجري خلف القضبان، وتتضح صورة كيان لا يتورع عن استخدام أبشع الأساليب لكسر إرادة شعب بأكمله، إن جرائم كهذه لا تسقط بالتقادم ولا تُغتفر، وستظل شاهداً على واحد من أكثر فصول الانتهاكات وحشية في التاريخ المعاصر.
