الوقت – بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" الى باكستان قبل ايام، بعثت الرياض وزير دفاعها "محمد بن سلمان" الى اسلام آباد لتغيير نظرة المسؤولين الباكستانيين تجاه ايران لكن ردود الافعال الشعبية و ردود بعض المسؤولين السياسيين والدينيين في باكستان تظهر ان "محمد بن سلمان" ليس قادرا على اكمال مهمة "الجبير" الناقصة.
وكانت السعودية قد اعلنت قبل فترة من الآن تشكيل تحالف من 34 دولة ضد الارهاب و وضعت اسم باكستان فيه دون علم الجانب الباكستاني لكن المسؤولين الباكستانيين اعربوا عن استغرابهم من هذا الأمر في البداية لكن بعد ذلك قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية "قاضي خليل الله" ان اسلام آباد تدعم التحالف العسكري السعودي لكن كيفية مشاركة باكستان فيه ليس معلوما بعد.
وبعد استشهاد "آية الله نمر باقر النمر" سعى المسؤولون السعوديون الى دفع الباكستانيين نحو قطع علاقاتهم الدبلوماسية مع ايران او خفض مستواها لكن المتحدث باسم الخارجية الباكستانية قال في بيان ان هذه الشائعات ليست صحيحة، ورغم ذلك نرى ان "الجبير" و"بن سلمان" ذهبا الى اسلام آباد من اجل تحقيق هذا الهدف.
و يعتقد الخبراء ان هذه الزيارات لا ترمي فقط الى دفع الباكستانيين لقطع علاقاتهم مع طهران بل ان السعودية تحاول ايضا ضم باكستان الى تحالفها العسكري والتعاون العسكري مع باكستان في حربي اليمن وسوريا واشراك اسلام آباد في النزاعات الطائفية في العالم الاسلامي لتحقيق المصالح السعودية.
وكان القادة السياسيون الباكستانيون مثل "عمران خان" زعيم حركة انصاف قد قال في وقت سابق ان التحالف السعودي المعلن ليس من اجل مواجهة الارهاب بل لمواجهة ايران محذرا من خطورة مشاركة باكستان في هذا التحالف واضرار ذلك على العالم الاسلامي.
ومن جهتهم يسعى المسؤولون الحكوميون في باكستان الى الحد من اشتداد الأزمة بين ايران والسعودية واتخاذ مواقف لاتضر بايران، وقد جاءت تصريحات المستشار الخاص لرئيس الوزراء الباكستاني في الشؤون الداخلية "عرفان صديقي" وكذلك المستشار الخاص لرئيس الورزاء الباكستاني في الشؤون الدولية "سرتاج عزيز" حول مشاركة باكستان في التحالف السعودي وحيادية هذا البلد في الازمة بين ايران والسعودية لتوضح الموقف الباكستاني في هذا المجال، حيث اعلن هذان المسؤولان ان اسلام آباد ستقوم فقط بلعب دور الوسيط ودور ايجابي في الأزمة بين ايران والسعودية.
ان الرياض قد ادركت الان بأنها اخطأت حينما قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ايران وطلبت من بعض الدويلات العربية ان تحذو حذوها في ذلك لكن حيادية بعض الدول الاسلامية الكبرى مثل باكستان وتركيا والسعودية قد اجبرت السعوديين على التراجع عن المواجهة مع ايران واحلام الحرب معها.
وكان وزير الخارجية الامريكي الاسبق "كولين باول" قد حذر السعوديين في مايو 2015 بأن الحرب مع ايران سترجع السعودية الى عصر ما قبل الصناعة خلال ساعات وان امريكا ليست قادرة على ايقاف تدمير المنشآت السعوديين الذين سوف لن يجدوا خط هاتف للاتصال مع الامريكيين.
ومن جانب آخر يدرك رئيس الوزراء الباكستاني "نواز شريف" ان تقديم دعم اكبر للسعودية سيتسبب بمشاكل اكبر له في الانتخابات القادمة في باكستان وان احتمالات فشله في تلك الانتخابات ستزداد بعد ان سجل "شريف" سنتين حافلتين بالنجاحات في افغانستان على مختلف الصعد.
وتؤكد تصريحات القادة السياسيين الباكستانيين وقادة المعارضة الباكستانية ان "نواز شريف" ليس قادرا على تقديم دعم اكبر للسعودية رغم وجود علاقات قوية بين الجانبين وقد طالبت احزاب المعارضة الباكستانية الحكومة بتوضيح مواقفها بشكل صريح وشفاف من الازمة بين ايران والسعودية.
ان اكثر احزاب المعارضة الباكستانية لايريدون غوص الحكومة في التحالف السعودي واذا قرر "نواز شريف" الانضمام الى هذا التحالف فعليه ان يتوقع حدوث ازمات داخلية امام حكومته، ورغم ذلك يجب ان ننتظر لنرى ماذا سيقوله الساسة الباكستانيون لمحمد بن سلمان بعدما جعلوا اوامر "عادل الجبير" ناقصة وغير مكتملة.