الوقت- شُكّلت الحكومة الإسرائيلية السابعة والثلاثون، برئاسة بنيامين نتنياهو، في يناير/كانون الثاني 2002، عقب انتخابات الكنيست في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، تمكّن حزب الليكود، بفوزه بـ32 مقعدًا وتشكيله تحالفًا مع أحزاب شاس، وتوراة اليهودية، والصهيونية الدينية، من تشكيل حكومة بـ64 مقعدًا، واعتُبرت هذه الحكومة الأكثر تديّنًا ويمينية في تاريخ الكيان الصهيوني.
منذ بداية عملها، واجهت حكومة نتنياهو تحديات داخلية وخارجية واسعة النطاق، وأدت محاولة إصلاح القضاء والحدّ من صلاحيات المحكمة العليا إلى موجة من الاحتجاجات الشعبية والإضرابات ومعارضة شديدة من أحزاب المعارضة، واعتبر معارضو هذه الإصلاحات تهديدًا للديمقراطية ومحاولةً لتهرّب نتنياهو وبعض الوزراء من المحاكمة، وتفاقم هذا الوضع الهشّ بهجوم حماس في الـ 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2003 والأزمة الأمنية غير المسبوقة.
التغييرات في الائتلاف الحاكم بعد الـ 7 من أكتوبر
بعد هجمات الـ 7 من أكتوبر، انضم حزب المعارضة التابع للحكومة، بقيادة بيني غانتس، إلى المجلس الوزاري الأمني لإدارة الأزمة، وقد لاقى وجود شخصيات مثل غانتس وغادي آيزنكوت ترحيبًا من بعض أفراد الرأي العام، إلا أن هذا التحالف لم يدم طويلًا، ففي يونيو 2024، انسحب الحزب من الحكومة وعاد إلى صفوف المعارضة، مُعللًا ذلك بأن نتنياهو يُفضّل مصالحه الشخصية على أرواح الأسرى، وفي الفترة نفسها، انفصل حزب الأمل الجديد، بقيادة جدعون ساعر، عن الحكومة وانضم إلى الائتلاف الحاكم، ثم اندمج نهائيًا في حزب الليكود في مارس 2024.
وأدت التطورات اللاحقة إلى انسحاب وعودة أحزاب متطرفة. فقد انسحب بن غوفرنور، زعيم حزب عوتسما اليهودية، من الحكومة في البداية بسبب وقف إطلاق النار الثاني واتفاقية تبادل الأسرى (يناير 2024)، لكنه عاد إلى الائتلاف عند استئناف الحرب، بعد ذلك، انسحب حزبا شاس وتوراة اليهودية من الحكومة ردًا على قرار المحكمة العليا بشأن تجنيد الحريديم؛ وبالطبع، يواصل شاس دعم الائتلاف خارج الحكومة وفي الكنيست، وقد أدى انسحاب توراة اليهودية إلى تقليص أغلبية الحكومة إلى 61 مقعدًا فقط، ما زاد من احتمالية انهيارها، ومع انسحاب آفي ماعوز من الحكومة، انخفض عدد مقاعد الائتلاف فعليًا إلى 60 مقعدًا.
احتمالية انهيار الائتلاف
وهكذا، انخفض عدد مقاعد ائتلاف نتنياهو، الذي شُكّل في البداية بـ 64 مقعدًا، إلى 60 مقعدًا بعد تطورات مختلفة وانسحاب بعض الأحزاب، وقد وضع هذا الوضع الحكومة في موقف بالغ الهشاشة، بحيث إن انسحاب عضو واحد فقط من الكنيست قد يؤدي إلى انهيار الحكومة، ويُعدّ الانسحاب الكامل لحزب شاس، ثم حزب عوتسما اليهودية، من الائتلاف، التهديد الأكبر الذي يواجه نتنياهو، ستلعب التطورات الميدانية والأمنية في المنطقة دورًا حاسمًا في استمرار الحكومة أو انهيارها.
التركيبة السياسية الجديدة
ترسم استطلاعات الرأي الأخيرة صورة جديدة لتشكيلة الكنيست المقبلة، فحسب استطلاع أجرته صحيفة معاريف، سيفوز حزب الليكود بـ 25 مقعدًا في حال إجراء الانتخابات، وهو انخفاض ملحوظ مقارنةً بعام 2022، في المقابل، قد يفوز نفتالي بينيت بنحو 22 مقعدًا مع حزبه الجديد.
بعد ذلك، سيحصل الحزب الديمقراطي (ائتلاف ميرتس والعمل) على 10 مقاعد، وحزب يش عتيد وحزب يسرائيل بيتنا على 9 مقاعد لكل منهما، ويُعدّ الانخفاض الملحوظ في مقاعد يش عتيد، وارتفاع شعبية يسرائيل بيتنا، من أبرز نتائج هذا الاستطلاع، أما حزب شاس، وحزب عوتسما اليهودية، وحزب ياشار المُشكّل حديثًا، فسيحصل كل منها على 8 مقاعد، بينما سيحصل حزب توراة اليهودية على 7 مقاعد.
سيحصل كل من حزبي جبهة التضامن والرعام العربيين على 5 مقاعد، وسيدخل حزب المليونيرات الكنيست لأول مرة بشعار "جنود للجميع"، في المقابل، من المرجح ألا تتمكن أحزاب مثل أزرق أبيض والصهيونية الدينية من الحصول على النصاب القانوني.
التوقعات المستقبلية للسلطة السياسية
بناءً على هذه البيانات، لن يتمكن الائتلاف الحاكم الحالي، الذي يضم حوالي 48 مقعدًا، من تشكيل حكومة، بينما تستطيع المعارضة، التي تضم 62 مقعدًا، تشكيل حكومة دون الاعتماد على الأحزاب العربية، في ظل هذه الظروف، تزداد احتمالية عودة نفتالي بينيت إلى رئاسة الوزراء، وقد أصبحت قضية تجنيد الجنود الحريديم من أبرز القضايا المحورية في الانتخابات المقبلة، ما يُفاقم الانقسامات الاجتماعية والسياسية، ومع تصدّر القضايا الأمنية المشهد بعد اقتحام المسجد الأقصى، من المتوقع أن تتمحور المنافسات الانتخابية حول الأمن والخدمة العسكرية ومواجهة محور المقاومة ومستقبل فلسطين وغزة، باختصار، باتت العودة إلى فترة من عدم الاستقرار السياسي شبيهة بتلك التي شهدتها الأراضي المحتلة بين عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٢ وشيكة.
