الوقت- ليلة الجمعة الماضية، أطلق الجيش اليمني صاروخًا باليستيًا جديدًا باتجاه مدينة تل أبيب، مركز الأراضي المحتلة، مستهدفًا مطار بن غوريون، وزعم الصهاينة في البداية اعتراض الصاروخ اليمني بنجاح، إلا أن نشر صورٍ مثيرة وفريدة للحظة دخوله الغلاف الجوي وارتطام رأس الصاروخ اليمني أجبرهم على الاعتراف مجددًا بعد يومين بفشلهم في اعتراض الصواريخ اليمنية، وإجراء تحقيق في أسباب فشل نظام دفاعهم الجوي.
ومع ذلك، كان الصاروخ الباليستي اليمني مختلفًا عن الحالات السابقة التي تجاوزت حاجز الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، واستُخدم في القتال لأول مرة، وقد أظهرت الصور التي نشرها سكان الأراضي المحتلة أثناء هبوط الصاروخ اليمني باتجاه الهدف، أنه كان من نوع متعدد الرؤوس الحربية أو العنقودي، وأنه اجتاز حواجز جميع أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية واتجه نحو الهدف، في الساعات الأولى من الحادث، ادعى الصهاينة أن صاروخهم الدفاعي "بايكان" نجح في اعتراض المقذوف اليمني، وأن ما شوهد هو في الواقع بقايا الصاروخ اليمني المحطمة.
ومع ذلك، وبما أن الفيديو المسجل وآراء الخبراء العسكريين لم تترك مجالًا للشك في استخدام اليمنيين لرأس حربي عنقودي على صاروخهم (فلسطين 2)، فقد اعترف الصهاينة أخيرًا في بيان بعد 48 ساعة بأن الصاروخ اليمني كان من النوع العنقودي، وأن أنظمة الدفاع الإسرائيلية فشلت في اعتراضه، وأن التحقيق في سبب هذه القضية لا يزال جاريًا.
ولكن لماذا أثار الصاروخ اليمني الجديد كل هذا الذعر والاعتراف الصريح من السلطات الصهيونية؟
أولاً، يجب توضيح أن نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي يتكون من عدة طبقات: الطبقة الأولى هي الاعتراض خارج الغلاف الجوي وخارج الأراضي المحتلة، والذي يتم عن طريق إطلاق صواريخ أرو 3 (أرو 3) أو ثاد (هدية من الولايات المتحدة)؛ وفقًا لمصادر أمريكية رسمية وغير رسمية، مع إطلاق 150 صاروخًا من طراز ثاد خلال الصراع الإسرائيلي الذي استمر 12 يومًا مع إيران، فإن احتياطيات هذا الصاروخ في الأراضي المحتلة قد أوشكت على الانتهاء، كما أن صواريخ أرو 3 لديها معدل إنتاج سنوي محدود (أقل من 40 صاروخًا في السنة)، وقد استُخدم جزء كبير من احتياطياتها في العمليات صادق 1 إلى 3 واعتراض حوالي 70 صاروخًا باليستيًا أُطلق من اليمن (منذ 18 مارس 2025 وانتهاك وقف إطلاق النار في غزة).
حتى لو لم نأخذ في الاعتبار قيود احتياطيات صواريخ أرو 3 وثاد، فهناك مشكلة أكبر بكثير تسببت في ذعر الصهاينة. إن أنظمة الدفاع الإسرائيلية الأخرى هي من نوع الاعتراض داخل الغلاف الجوي؛ إذا اجتاز الصاروخ الباليستي المعني، بطريقة ما (سواءً من خلال مناورة الصاروخ نفسه أو فشل الصاروخ الاعتراضي الإسرائيلي)، حاجز الدفاع الصاروخي الإسرائيلي عبر الأطلسي، فبمجرد تفعيل الرأس الحربي العنقودي، لا توجد فرصة لاعتراض الذخائر العنقودية المنبعثة منه.
وقد ثبت ذلك أيضًا في الهجوم الأخير، حيث كان إطلاق صواريخ دفاعية أخرى مثل "حيتس 2" و"مقلاع داود" و"القبة الحديدية" بلا جدوى، حيث أصابت الذخائر العنقودية المنبعثة من الرأس الحربي الصاروخي اليمني أهدافها، ووقعت هذه الحادثة أيضًا خلال حرب الاثني عشر يومًا بين إيران والكيان الصهيوني، ولم يكن أمام الدفاع الجوي الصهيوني خيار سوى الاستسلام له.
وفي اليوم السادس من الهجمات الصاروخية الإيرانية المكثفة على الأراضي المحتلة، ضربت إحدى أكثر الضربات الجوية إيلامًا قلب تل أبيب، تدريجيًا، أدركت المصادر الصهيونية نقطة مهمة، وأدركت سبب فشل دفاعها الجوي في مواجهة الموجة الجديدة من الهجمات الإيرانية، لاحظت فرق البحث والإنقاذ الإسرائيلية، التي كانت مشغولة بانتشال جثث وجرحى قواتها الأمنية من بين الأنقاض، وجود بقايا وأجزاء معينة من الصواريخ الإيرانية، وادعى خبراء عسكريون صهاينة أن إيران استخدمت الرؤوس الحربية العنقودية أو بمعنى آخر، الرؤوس الحربية المطرية لأول مرة في هجومها على تل أبيب ووسط "إسرائيل".
كما أكدت وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية هذه المعلومات، التي اعترفت بإطلاق صواريخ إيرانية برؤوس حربية مطرية باتجاه الأراضي المحتلة، وفشلت الدفاعات الجوية في اعتراضها وأصابت المنطقة المستهدفة بأعداد كبيرة.
تل أبيب تُمطر برؤوس حربية عنقودية خلال حرب الـ 12 يومًا
الآن، نشأ خوف كبير في نفوس مسؤولي الأمن الإسرائيليين؛ من احتمال تجدد الصراع مع إيران أو استمرار هجمات الجيش اليمني على الأراضي المحتلة وصاروخ جديد أصبح تحديًا وتهديدًا كبيرًا لوجود هذا النظام. إن المخزونات المحدودة للغاية من صواريخ آرو 3، ونقص (أو غياب) صواريخ ثاد الأمريكية، التي يُشكك في أدائها التقني، يعني أنه في كل حالة فشل للدفاعات الجوية الإسرائيلية، سنشهد سقوط عدة ذخائر صغيرة وكبيرة الحجم على الأهداف المعنية في "إسرائيل"، وقد تكون هذه الذخائر مزودة بتوجيه منفصل وتنتقل إلى أهداف متعددة في نماذج أحدث من الصواريخ الإيرانية أو اليمنية.