الوقت- رغم الاحتجاجات واسعة النطاق من جانب الحكومة السورية الجديدة وداعميها الأجانب، فإن الغارات الجوية والتقدم البري للكيان الإسرائيلي ضد الأراضي السورية مستمران بكثافة.
ومنذ اليوم الأول تقريباً لسقوط الكيان السوري السابق، شن الصهاينة عشرات الغارات الجوية المكثفة على القواعد العسكرية في البلاد، بحجة أن لا تقع المعدات العسكرية للجيش السوري السابق في أيدي الجماعات المتطرفة ولا تشكل أي خطر عليهم.
واستهدفت الهجمات الصهيونية على وجه التحديد معدات القوات الجوية السورية مثل الطائرات المقاتلة والمروحيات، وأنظمة الدفاع الجوي، والصواريخ الباليستية، وحتى الزوارق والفرقاطات البحرية، وهي العملية التي يزعمون أنها أدت إلى تدمير 90% من المعدات العسكرية الحديثة المتبقية من عهد بشار الأسد.
تدمير طائرة مقاتلة سورية في حظيرة بعد هجوم إسرائيلي
وبما أن الحكومة التابعة للجولاني لا تملك القدرة على مواجهة الكيان الصهيوني بشكل مباشر، فقد عبرت عن استيائها بالاحتجاجات اللفظية ومطالبة القوى العالمية بوقف هجمات الكيان الصهيوني، ولكن مع استمرار هذه الهجمات بل تكثيفها، وتوسع الاحتلال العسكري للمنحدرات الجنوبية لمرتفعات الجولان في سوريا، دعوا الحكومة التركية، داعمتهم الرئيسية، إلى مواجهة الكيان الصهيوني.
محاولة تركيا الفاشلة لنشر منظومة إس-400 في قلب سوريا
وتعد قاعدة التيفور الجوية في قلب البادية السورية موقعاً استراتيجياً مهماً للغاية، وكانت أيضاً إحدى القواعد الرئيسية للمستشارين الإيرانيين في البلاد خلال وجود ودعم محور المقاومة للحكومة السورية السابقة.
موقع قاعدة تي فور الجوية في محافظة حمص
وتوفر قاعدة T4 في شرق محافظة حمص إمكانية الوصول إلى مركز المحافظة كطريق سريع من الجنوب إلى الشمال، كما تعد طريق اتصال إلى الشرق ومحافظة دير الزور والمناطق الغنية بالنفط في البلاد، إن الوجود العسكري ونشر المعدات الدفاعية أو الطائرات المقاتلة في هذه القاعدة من شأنه أن يوفر قدرات مراقبة ودعم ممتازة للبلد المستهدف.
منظر جوي لقاعدة تي فور الجوية بعد الهجوم الإسرائيلي الجديد
وحسب بعض المصادر الأجنبية، بما في ذلك وسائل الإعلام التركية، فإن البلاد كانت تنوي نشر كيان الدفاع الجوي "إس-400" الذي تم شراؤه من روسيا وكيان الدفاع الجوي "حصار" التركي الصنع، مع حماية مركز العمليات الجديد للجيش التركي في قلب سوريا، وتغطية دفاع دمشق وحمص وحماة وغيرها من المدن السورية المهمة ضد الضربات الجوية الإسرائيلية (نظراً لمدى صواريخ الدفاع الجوي "إس-400" الذي يبلغ حوالي 400 كيلومتر، كان هذا ممكناً على الورق).
لكن مصادر الاستخبارات الإسرائيلية علمت سريعاً بهذا الحادث، وقبل أن يتمكن الجنود الأتراك ومعداتهم الدفاعية من الوصول إلى قاعدة T4، نفذت قصفاً عنيفاً جداً على القاعدة ودمرت بنيتها التحتية بالكامل تقريباً.
وكانت هذه الغارة الجوية غير المسبوقة بمثابة التحذير الأخير الذي وجهته تل أبيب لأنقرة لتجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع هذا الكيان، ويبقى أن نرى في المستقبل القريب ما إذا كان الجيش التركي سيصر على نشر قواته في محافظة حمص أو أبعد إلى الجنوب منها، أو ما إذا كان وجود القوات التركية على الأراضي السورية سيقتصر على المناطق الشمالية مثل حلب وإدلب.
محاولة "إسرائيل" تقسيم سوريا ودفع تركيا إلى الوراء
لكن الضربات الجوية ليست الخيار الوحيد المتاح أمام الصهاينة لمواجهة النفوذ التركي في سوريا؛ إنهم يسعون إلى تنفيذ خطة من اختيارهم لتقسيم البلاد وتقاسم منطقة النفوذ في سوريا بشكل متساوٍ نسبيًا مع منافسهم التركي.
أزرق: مناطق جديدة احتلها الكيان الإسرائيلي في سوريا
خطة أطلق عليها في بعض وسائل الإعلام الدعائية الإسرائيلية وحتى التركية اسم "ممر داوود"؛ - السعي إلى تحقيق استقلال المنطقتين ذات الأغلبية الدرزية (جنوب سورية ومحافظات السويداء والقنيطرة) والمنطقة الكردية شرق الفرات (محافظتي الحسكة ودير الزور)، وربطهما برياً ببعضهما البعض وبالأراضي المحتلة.
وفي الأشهر القليلة الماضية، بعد سقوط الكيان السوري السابق، شهدت محافظة السويداء تحركات انفصالية بين الأقلية الدرزية، وتخضع بعض المناطق في محافظة القنيطرة ذات الأغلبية الدرزية للاحتلال الإسرائيلي حالياً، وتحاول "إسرائيل" إدخال العشائر في محافظة درعا في علاقات عدائية مع حكومة الجولان، وخاصة بعد أن استبعد أبو محمد الجولاني أي شخصية سياسية بارزة من درعا في حكومته.
في الوقت الحالي، هدأت المظاهرات والاضطرابات في السويداء إلى حد ما، ووقعت المجموعات الكردية السورية اتفاقية سلام مع حكومة الجولاني، ولكن من دون شك، في المستقبل غير البعيد، سنشهد مرة أخرى حركات انفصالية بدعم ومساندة الكيان الصهيوني في الأراضي السورية.