الوقت- توصل تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل من 60 عائلة فلسطينية، ما لا يقل عن 25 فردا، وأحيانا أربعة أجيال من نفس السلالة، في هجمات متفرقة وقعت بين أكتوبر تشرين الأول وديسمبر كانون الأول، وهي الفترة الأكثر دموية وتدميرا في الحرب.
وقد فقد ما يقرب من ربع تلك العائلات، أكثر من 50 فردًا في تلك الأسابيع.
ولم يبق لدى العديد من العائلات، تقريبا، أي شخص لتوثيق الخسائر، خاصة وأن توثيق المعلومات ومشاركتها أصبح أكثر صعوبة.
وقال يوسف سالم للوكالة، وهو فلسطيني مقيم في إسطنبول تركيا، إنه يملك قرصا صلبا مليئا بصور الموتى.
وكشف أنه أمضى أشهرًا في ملء جدول بيانات بقتلى عائلته بكامل تفاصيلهم، للحفاظ على الرابط الأخير بشبكة العلاقات التي كان يعتقد أنها ستزدهر لأجيال أخرى.
وقال سالم "لقد تم القضاء على أعمامي تماما.. أرباب الأسر وزوجاتهم وأولادهم وأحفادهم قتلوا جميعهم".
وكشف أنه في العقدين الأخيرين، قتلت إسرائيل بغارات 10 من أفراد عائلته. وعلق بالقول "لا شيء مثل هذه الحروب".
سالم، من بين آخر الناجين من عائلته في غزة، وهي عشيرة قريبة جدًا لدرجة أنهم يعرفون بعضهم بعضا لارتباطهم بالدم وروابط الزواج عبر الأجيال.
في الحرب الجديدة بين إسرائيل وحماس، قُتل 173 من أقارب سالم، في غارات جوية إسرائيلية في ديسمبر، وبحلول الربيع، ارتفع هذا العدد ليصل إلى 270، وفق تقرير الوكالة.
وشملت مراجعة وكالة أسوشييتد برس سجلات الضحايا الصادرة عن وزارة الصحة في غزة حتى مارس الماضي، وإشعارات الوفاة عبر الإنترنت، وصفحات وجداول البيانات على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالعائلة والأحياء، وحسابات الشهود والناجين، بالإضافة إلى بيانات الضحايا من شركة Airwars، وهي منظمة مراقبة الصراع ومقرها لندن.
كشف تحقيق الوكالة أن إسرائيل قتلت أكثر من 70 شخصًا من عائلة المغربي، في غارة جوية واحدة في ديسمبر، وأكثر من 50 شخصًا من عائلة أبو النجا، في غارات متفرقة في أكتوبر، بما في ذلك امرأتان حاملان على الأقل.
من جانبها، فقدت عشيرة دغمش الكبيرة ما لا يقل عن 44 من أفرادها في غارة إسرائيلية على أحد المساجد. وبحلول الربيع، قتلت إسرائيل أكثر من 80 فردًا من عائلة أبو القمصان.
وقال حسام أبو القمصان، الذي يعيش في ليبيا وتولى توثيق حصيلة القتلى في الأسرة إن "الأرقام صادمة".
وفي حرب 2014 بين حماس وإسرائيل، والتي استمرت 51 يوما، كان عدد الأسر التي فقدت ثلاثة أفراد أو أكثر أقل من 150 أسرة.
وفي هذه الحرب، عانى ما يقرب من 1900 أسرة من وفيات متعددة، بما في ذلك أكثر من 300 أسرة، كانت فقدت أكثر من 10 أفراد في الحرب الأولى (2014).
وقال رامي عبده، رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، والذي يراقب حرب غزة، إن عشرات من باحثيه في غزة توقفوا عن توثيق الوفيات العائلية في مارس بعد تحديد أكثر من 2500 حالة وفاة. وقال "لا يمكننا مواكبة إجمالي عدد القتلى".
وقتل العائلات عبر الأجيال هو جزء أساسي من قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل، والمعروضة الآن أمام محكمة العدل الدولية.
وبشكل منفصل، يسعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أوامر اعتقال بحق اثنين من القادة الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل العمد للمدنيين، وهما رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ويوآف غلانت وزير دفاعه، بالإضافة إلى ثلاثة من قادة حماس بسبب جرائم مرتبطة بهجوم 7 أكتوبر.
وقال عبده إن الفلسطينيين سيتذكرون عائلات بأكملها اختفت من حياتهم "يبدو الأمر وكأن قرية صغيرة قد تم محوها".
والوفيات عبر الأجيال تقطع المجتمع الفلسطيني عن التاريخ وحتى عن المستقبل، إذ يتم دفن عائلات بأكملها في مقابر جماعية، أو في باحات المستشفيات، أو تحت سلالم المنازل التي قُتلوا فيها.
لذلك، يعد الحصول على صور ووثائق مفصلة أمرا صعبا حتى بالنسبة للفلسطينيين.
وتقتصر الكهرباء على المستشفيات وتقوم إسرائيل بقطع شبكات الاتصالات بشكل متكرر.
وقد نزح جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة تقريبا، مما أدى إلى تقسيم الأسر وقطع الاتصالات بين أجزاء من القطاع الصغير.