الوقت- لليوم السابع على التوالي تواصل قوات الجيش الصهيوني محاصرة مستشفى الشفاء شمال مدينة غزة وتهدد الطواقم الطبية والمرضى والنازحين المتواجدين هناك بتفجير مبنى المستشفى وفي حال فعلوا ذلك فكل من في المستشفى سيقتلون تحت الأنقاض.
تهديدات الجيش الصهيوني ضد المحاصرين اتخذت تدريجياً طابعاً عملياً، ولعدة أيام تظهر الصور المنشورة من المستشفى شهادات المرضى وطلبات المساعدة من الطواقم الطبية والاعتقالات والإعدامات وتعذيب المدنيين، وانفجار أجزاء من المجمع، كما قام الصهاينة بتفجير المنازل المحيطة بالمستشفى.
ولم يتم نشر العدد الدقيق للمحاصرين، لكن يقال إن آلاف الأشخاص ما زالوا داخل المستشفى، معظمهم مرضى وجرحى، وقد أدى الحصار ونقص الدواء حتى الآن إلى وفاة 4 مرضى على الأقل، واستمرار الحصار يهدد حياة المزيد من الأشخاص.
ورغم أن الصهاينة زعموا سابقًا أن قادة حماس استخدموا المستشفى العلاجي لأغراض عملياتية، وأفادوا باعتقال العشرات من مقاتلي المقاومة في هذا المستشفى، إلا أنهم اضطروا لاحقًا إلى سحب هذه الادعاءات، واعترف الجيش الصهيوني بأن الصور التي نشرت للمعتقلين في مستشفى الشفاء بمدينة غزة غير صحيحة، إلا أن ادعاء الاستخدام العسكري للمستشفى لا يزال ذريعة لمواصلة الحصار والضغط على النازحين والمرضى.
وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها هذه الادعاءات، ففي بداية الحرب حاصر الصهاينة واعتدوا على المراكز الطبية في شمال غزة، وخاصة مستشفى الشفاء، بحجة وجود وثائق تثبت وجود أنفاق سرية تابعة لحركة حماس، وإن مركز قيادة هذه المجموعة تحت المستشفى، ولم يتمكن الصهاينة قط من تقديم أدلة على ادعاءاتهم، وهذا ما أثبت أن مهاجمة المراكز الطبية والصحية والملاجئ هو هدف عسكري استراتيجي لجيش الكيان في الحرب، والتدمير الكامل للبنية التحتية الصحية والطبية في غزة وقتل وجرحى، واعتقال الطواقم الطبية والمرضى والأطفال في المستشفيات، في استمرار للتطورات، جعل هذه القضية واضحة تماما.
والآن، وبعد نحو ستة أشهر من الحرب، أثارت عودة الصهاينة إلى خطة محاصرة مستشفى الشفاء شمال غزة، تساؤلات حول أهداف جولة الهجمات الجديدة التي يشنها جيش الاحتلال على المراكز الطبية.
وفي هذا الصدد يرى سليمان بشارات، الباحث في الشأن الإسرائيلي، أن تعديات "إسرائيل" على القطاع الصحي في غزة لم يعد أمرا جديدا، بل جزءا من سياسة الاحتلال الممنهجة في الحرب، والتي اعتمدها منذ اليوم الأول للحرب.
وفي حديث مع "العربي"، يرى هذا الباحث الفلسطيني، وهو يشير إلى أن تبرير رئيس أركان الجيش الإسرائيلي للهجوم على مستشفى الشفاء، لن يخدع أي مراقب، إلا أنه يرى أن الهدف الأساسي من عملية مجمع الشفاء هو كسب النفوذ على طاولة المفاوضات.
ويؤكد الباحث العربي الآخر إياد القرى الأمر أيضاً، ويعتقد أن الجيش الصهيوني كان يستعد لمهاجمة مجمع الشفاء الطبي في الليلة التي توجه فيها وفد هذا الكيان إلى الدوحة من أجل تحقيق إنجاز للمفاوضات.
يذكر هذا المؤلف أن الحصار المتجدد لمستشفى الشفاء هو نتيجة لعدم تحقيق الجيش الصهيوني مكاسب عسكرية ملموسة بعد ما يقرب من 6 أشهر من الحرب في غزة، والتي، على عكس الوعود الأولية للقادة السياسيين للكيان، لم يقتصر الأمر على تحقيق مكاسب عسكرية ملموسة، ولم يتم إطلاق سراح الأسرى الصهاينة، إلا بعد أن تكبدوا مئات القتلى والجرحى، وأضرار اقتصادية بمليارات الدولارات، وتشير التقديرات الاستخباراتية لأجهزة الاستخبارات الغربية إلى استحالة فكرة تدمير حماس بالحرب.
ويرى الكاتب أن المحتلين يواصلون التهرب من المفاوضات ويحاولون تحويل ما يجري على الأرض إلى عملية تفاوضية في محاولة لتحقيق أي نوع من الإنجاز.
وإلى جانب أهمية مناقشة المفاوضات، فإن اعتماد استراتيجية الأرض المحروقة وإخلاء المناطق الشمالية بشكل كامل لمنع عودة اللاجئين، كان محور اهتمام الخبراء في شرح أهداف الجيش الصهيوني في جولة الهجمات الجديدة على المستشفيات.
وفي الأشهر الأخيرة، أعلن مجلس الوزراء الصهيوني مرارا وتكرارا عن خطط لإنشاء منطقة عازلة بين المستوطنات الصهيونية في قطاع غزة مع هذا القطاع من أجل تحسين أمن المستوطنين في المستقبل، ويعتبر مستشفى الشفاء عقبة في طريق الوصول إلى القطاع لتحقيق هذا الهدف، ويحاول الجيش الصهيوني تهجير اللاجئين من خلال إثارة الرعب والقتل والحصار.
وفي هذا الصدد يقول هشام ناجي الناشط في مجال الإغاثة الطبية، إن استراتيجية الاحتلال هي نقل المدنيين من خلال ضرب المستشفيات والمراكز الطبية والمدارس والأسواق التجارية، بحيث لا يحصل المدنيون بعد ذلك على أي من مقومات الحياة أو البقاء في هذه المنطقة، وسيكون من الأسهل على الصهاينة نقلهم.
ويتحدث ناجي عن إصابات لم يشاهدها في حياته إلا في غزة، ويعتبر ناجي منع دخول الأدوية إلى المستشفى جريمة غير مسبوقة ضد الإنسانية، ويرى أن الهدف من هذا الإجراء هو إخلاء قطاع غزة بالكامل والسيطرة عليه.