الوقت- في الجمعة الماضية، هددت عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بالبدء في إضراب عن الطعام، رداً على رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اللقاء معهم، وأفادت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية بأن مئة عائلة من أسر الأسرى الذين يُحتجزون في غزة اتهمت نتنياهو بالعمل على تفريقهم وعدم الاستجابة لمطالبهم، وأشارت الصحيفة إلى أن هذه العائلات قررت الرد على محاولات نتنياهو لتشويش صفوفهم من خلال البدء في الإضراب عن الطعام، وقال مدير الإعلام بمقر تنسيقية أهالي الأسرى في غزة، رونان تسور، إن العائلات قد اجتمعت واتخذت هذا القرار للتصدي لجهود نتنياهو في تفتيت وحدتهم، وأكد تسور أن العملية العسكرية "تتناقض مع جهود إعادة ذويهم"، وفقًا لما نقلته الصحيفة، وأضاف إن "العائلات هددت بالإضراب عن الطعام لفترة غير محددة، وقد أمهلوا نتنياهو حتى مساء السبت المقبل لعقد اجتماع مع حكومة الحرب والعمل على إعادة أبنائهم".
خطأ مأساوي
حتى اللحظة الحالية ، لم تصدر أي تعليقات فورية من الحكومة الإسرائيلية بخصوص تهديدات عائلات الأسرى، يأتي هذا في سياق إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان عن مقتل ثلاثة من المحتجزين في غزة بطريق الخطأ يوم الجمعة أثناء وجودهم في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردًا على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، قادت "حماس" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي هجومًا يعرف بـ "طوفان الأقصى" ضد المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية في محيط قطاع غزة.
وفي السياق ذاته، أعرب البيت الأبيض عن أسفه لمقتل ثلاث رهائن إسرائيليين في قطاع غزة على يد جنود إسرائيليين، ووصف الحادث بأنه "خطأ مأساوي"، وأوضح الناطق باسم البيت الأبيض، جون كيربي، قائلاً: "ليس لدينا رؤية كاملة حول الطريقة التي سارت بها تلك العملية بالضبط وكيف ارتكب هذا الخطأ المأساوي"، وفي هجومها الأخير، قتلت "حماس" حوالي 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431، وأسرت 239 على الأقل، فيما قام جيش الاحتلال بقتل عائلات بأكملها وتدمير أغلب المباني السكنية في غزة ما خلف عشرات الآلاف من الضحايا، وبعدها تم تبادل العشرات من الأسرى مع "إسرائيل" خلال هدنة إنسانية استمرت لمدة 7 أيام، وفي الوقت الحالي، تزعم "إسرائيل" أن عشرات الإسرائيليين لا يزالون أسرى لدى "حماس" داخل قطاع غزة، بينما تطالب "حماس" بالإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
ومنذ بداية الحملة في 7 أكتوبر الماضي، شن الجيش الإسرائيلي حملة عسكرية مدمرة على قطاع غزة، أسفرت عن مجازر بحق حوالي 18 ألفًا و800 شخص وإصابة 51 ألفًا آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، كما أسفرت الحملة عن تدمير هائل في البنية التحتية وخلقت "كارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقًا لمصادر رسمية فلسطينية، ونظمت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة مظاهرة أمام مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، حيث رفع المحتجون شعارات تدعو إلى منح الأولوية لإعادة المحتجزين بأسرهم على الفور في إطار صفقة تبادل، وذلك بأي ثمن، كما طالب المتظاهرون حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بوقف القتال وبدء مفاوضات مع المقاومة لتأمين إطلاق سراح المحتجزين.
وفي هذا الخصوص، شدد المحتجون على ضرورة عمل المجلس المصغر لإدارة شؤون الحرب على الفور وتبني منحى جديد لصفقة تبادل أسرى واستعادة المحتجزين، وإن عائلات الأسرى في قطاع غزة هددت بنقل اعتصامها من "ميدان الرهائن" إلى مدخل مقر وزارة الدفاع إذا لم يُعلن مجلس الحرب عن خطة لاستعادة المحتجزين، وفي مؤتمر صحفي عقد بعد إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل 3 جنود أسرى لدى المقاومة، وجهت العائلات انتقادات واسعة لأعضاء مجلس الحرب، أعربوا عن تحذيراتهم المتكررة من خطورة استمرار الحرب في غزة على حياة المحتجزين، مشيرين إلى أنهم يتلقون أبناءهم في توابيت، وأكدوا أن الوقت يعتبر عاملًا حرجًا حيث تتأثر إمكانية استعادتهم بكل دقيقة تمر.
وقف للقتال يليه مفاوضات
نوام بيري، ابنة الأسير حاييم بيري، قالت: "نحن لا نتلقى سوى الجثث، نريد منكم وقف القتال وبدء المفاوضات"، في حين قال روبي تشين، والد إيتاي تشين (البالغ من العمر 19 عامًا): "يبدو الأمر كأنه لعبة الروليت الروسية، من سيكون التالي الذي يعلم بوفاة أحد أفراد أسرته؟ نريد أن نعرف ما هو الاقتراح المطروح على طاولة الحكومة"، وأضاف: "أخبرونا في البداية بأن العملية البرية ستعيد المختطفين، إن الأمور لا تسير كذلك، لأنه مذاك عاد مختطفون لكن ليس جميعهم أحياء، لقد حان الوقت لتغيير تلك الفرضية".
وتعليقًا على المظاهرات المستمرة لعائلات الأسرى الإسرائيليين، أكد أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن "العدو" ما زال يقامر بحياة جنوده الأسرى لدى المقاومة وأظهر عدم اكتراثه بمشاعر عائلاتهم، واتهم أبو عبيدة جيش الاحتلال بأنه "تعمد بالأمس إعدام 3 منهم وآثر قتلهم على تحريرهم"، وفي إطار الحرب النفسية، نشرت كتائب القسام صورة للمحتجزين الإسرائيليين لديها، وكتبت عليها باللغتين العربية والعبرية: "الخيار لكم في توابيت أم أحياء"، وفي السياق نفسه، خاطب القيادي في حماس أسامة حمدان عائلات الأسرى لدى المقاومة، قائلًا لهم: "إن مغامرات نتنياهو قد لا تعيد أبناءكم أحياء أبدًا، ومن يرد استعادة الجنود الأسرى أحياء عليه أولاً أن يوقف العدوان كاملاً، ثم يأتي لصفقة تبادل، وفق شروط المقاومة".
وفي إطار ذلك، أعلن جيش الاحتلال مقتل محتجزة إسرائيلية أخرى في غزة، مُبلغًا عائلتها بذلك، وأفادت إذاعة الجيش بأن عنبر هايمان، إحدى المحتجزات الإسرائيليات في غزة، التي تم اعتقالها في حفل زفاف في مستوطنة راعم في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قد فارقت الحياة، وفي محاولة لامتصاص موجة الغضب المتصاعدة في المجتمع الإسرائيلي بسبب الأحداث الأخيرة، وقال رئيس هيئة الأركان في جيش الاحتلال إنه يتحمل شخصياً المسؤولية باعتباره قائد الجيش عن قتل المحتجزين الثلاثة في غزة، وعبّر عن التزامه باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.
الخلاصة، تأتي هذه التصريحات في سياق التوترات الشديدة التي أعقبت إعلان الجيش الإسرائيلي عن مقتل ثلاثة من المحتجزين في غزة، والتي أثارت غضبًا واسعًا في المجتمع الإسرائيلي، ووفقًا لإحصاءات إسرائيلية، نجحت كتائب القسام في معركة "طوفان الأقصى" في قتل حوالي 1200 إسرائيلي، وكان معظم القتلى من الجنود، بينما تم أسر نحو 239 آخرين، تم تبادل العشرات من هؤلاء خلال هدنة إنسانية استمرت لمدة 7 أيام حتى 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ومنذ ذلك الحين، قاد جيش الاحتلال حملة عدوانية على غزة، أسفرت عن مجازر جماعية معظم ضحاياها من الأطفال والنساء، كما تسبب الهجوم في دمار هائل في البنية التحتية في القطاع.