الوقت- مؤخراً، تم الكشف عن تفاصيل مثيرة لجلسة الحكومة الإسرائيلية التي عقدت ليلة البارحة وذلك وفقًا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، وشهدت هذه الجلسة مشادة كلامية حادة بين بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية.
جرت هذه الجلسة في مساء السبت، وذلك في سياق التوتر المتصاعد في جنوب فلسطين نتيجة المواجهات بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والقوات الإسرائيلية، ويأتي ذلك في أعقاب الهجوم المفاجئ الذي شنته كتائب عز الدين القسام وصدم الكيان وداعميه، وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجلسة شهدت حدوث صراخ ومشادات كلامية حادة بين أعضاء الحكومة، وتبادلوا اتهامات.
وقال وزير العلوم، أوفير أوكينس، خلال الجلسة: "كل مواطن يسأل اليوم ماذا حدث للاستخبارات الإسرائيلية؟" ورد عليه وزير الشؤون الاجتماعية، عميحاي شيكلي، بقوله: "اصمت"، ورد عليه وزير آخر: "لا تقل لنا أن نصمت"، وأثناء الجلسة، قالت وزيرة الاتصالات، غاليت ديستال: "سيدي رئيس الوزراء، أفضل المؤثرين في شبكة الإنترنت يجلسون معي منذ الصباح، أريدك أن تخبرني بما يجب أن أفعله".
حربٌ شعواء في الكنيست
تتوالى هزائم الكيان الإسرائيليّ على أكثر من صعيد، وآخرها الكنيست بعد معركة طوفان الأقصى، حيث رد وزير السياحة، حاييم كاتس، بصوت مرتفع قائلاً: "لا نحتاج إلى تسويغ ودعاية، ولا نحتاج إلى هذا الهراء، نحن بحاجة إلى توجيه ضربة لم يسبق لها مثيل منذ 50 عامًا وتدمير غزة". وقد شهدت الجلسة أيضًا حدوث مشادة بين وزيرة حماية البيئة، عيديت سيلمان، ووزير الصحة، موشيه أرييل، حيث قالت سيلمان وفقًا لهيئة البث: "وزارة الصحة لم تحدثني عن مراكز الإسعاف"، فرد عليها أربيل قائلًا: "إذا أردت، فمرحبًا بك لتصبحي نائبة وزير الصحة"، واستمرت سيلمان بالقول: "لا يهمني مكان وجودي، أنا فقط أقول إنهم لا يعملون".
وعلى هذا الأساس، بين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش: "يجب علينا الآن أن نكون قاسين وألا نراعي كثيرًا الإسرائيليين المختطفين لدى حماس". وذكرت قناة 13 أن وزير العلوم في حكومة بنيامين نتنياهو، أوفير أكونيس، تساءل عن سبب عدم حضور رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وأعرب عن استيائه من غيابهما عن الاجتماع، بينما أشار وزير الأمن، يوآف غالانت، إلى دورهما الميداني، قائلاً: "لا يمكنهما تقديم إحاطات حول تطورات الوضع طوال اليوم".
ومن جانبه، أعلن نتنياهو أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي سيمثلان في جلسة للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، حيث سيقدمان خلال هذه الجلسة صورة أكثر دقة عن تطور الأوضاع الميدانية ويقدمان تفسيرات لما حدث أمام القيادة السياسية، فيما رد وزير العلوم، أوفير أكونيس، بقوله: "كان لدينا فشل استخباراتي؛ أريد أن أعرف ما حدث هنا، أنا لا أهاجم الجيش الإسرائيلي، لكن كل مواطن في "إسرائيل" يسأل: ماذا حدث هنا؟"، وأجابه الوزيران ميكي زوهار ويوآف كيش بقولهما: "هذا ليس الوقت المناسب لمناقشة هذا الأمر، هذا الوقت للقتال".
"إسرائيل" جلبت الخراب لنفسها
عقب طوفان الأقصى، بات الإسرائيليون على قناعة بأن "إسرائيل" تجري تدميرًا ذاتيًا وبفعل المقاومة، بسبب سياستها القمعية والتمييز التي تمارسها ضد الفلسطينيين أو السكان العرب، في ظل اتهامات متزايدة من منظمات حقوق الإنسان الدولية للكيان الصهيوني بتنفيذ سياسات تمييز عنصري واضطهاد ضد الفلسطينيين والأقلية العربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد تم وصف سلوك الكيان تجاه الفلسطينيين بأنه "أبارتهايد" أو فصل عنصري، وذلك على الرغم من جهود تل أبيب لمحاولة التصدي لهذه الاتهامات وتبرير سياستها، تعتبر تلك السياسات جرائمًا ضد الإنسانية.
وفي الوقت نفسه، يستمر العدو الصهيوني في ارتكاب أعمال عدائية وجرائم بشعة ضد الفلسطينيين، ما يزيد من تصاعد القلق بشأن تصاعد العنف والاضطهاد الوحشي الذي يعانون منه، كما تبنت تل أبيب منهجًا عنصريًا تجاه الفلسطينيين وقد شاهدنا مجازرها الأخيرة في غزة، ما يزيد من الاتهامات الموجهة إليها بممارسة العنصرية في الأراضي الفلسطينية وضد المواطنين العرب، ما يزيد من تصاعد الضغط عليها ويكشف عن مزيد من جرائم الفصل العنصري والاضطهاد.
وإن القمع الذي يمارسه الإسرائيليون اليوم على العرب الفلسطينيين يشبه ما فعلته ألمانيا النازية باليهود، ويظهر التاريخ أنّ الفلسطينيين اليوم يأخذون بثأرهم، فيما الإسرائيليون يعيشون أوقاتًا عصيبة بسبب سوء معاملة العرب، نتيجة معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي والتشابه الذي يُرى بين ممارسات الاحتلال وأحداث تاريخية أخرى تضمنت انتهاكات حقوق الإنسان، وهي النتائج الوحيدة لحكم أكثر من 2 مليون إنسان يعيشون تحت الاحتلال ويناضلون من أجل الاستقلال، ويُدعمون أيضًا من قبل نصف مليون مستوطن، وجميعهم يعلمون أن "إسرائيل" هي حكومة يهودية عنصرية.
وبالتالي، فإن الجميع يعلمون بتلك الحقيقة، ولكن يفتقرون إلى الشجاعة لمواجهتها ما عدا أبطال المقاومة في فلسطين، حتى الحكومة والجيش يتخذون موقفًا هامشيًا ويتخفون وراء المجرمين الذين يقومون بأعمال نهب وقتل في المناطق الفلسطينية، وفي الوقت نفسه، يستمر المستوطنون وجنود الاحتلال في استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، وهم يسعون جاهدين للسيطرة على الأرض وتغيير التركيبة السكانية لصالح الإسرائيليين اليهود، وخاصة أن تأسيس "إسرائيل" تم على حساب الشعب الفلسطيني وبجهود قوى المستعمرين لفرض وجودهم في المنطقة، وجرائم الكيان في غزة (مئات الضحايا) أثبتت وحشية الصهيوني في فلسطين وتأثيرها على المنطقة بأكملها.
مستقبل الكيان بعد الأحداث الأخيرة
من ينسى اعتداءات المستوطنين الصهاينة على المدن والقرى الفلسطينية قبل معركة طوفان الأقصى، لأن روح العنصرية ترسخت في ضمير الإسرائيليين، ما يدفع الفلسطينيين إلى ردود فعل كما حدث مؤخرا ضد تلك الاعتداءات، ويعتقدون أنه لا يمكن وقف جرائم الصهاينة إلا من خلال التصدي لهذه العنصرية والمواجهة المستدامة للكيان، ما يعني ضرورة تضافر جهود المنظمات الدولية لحقوق الإنسان والمجتمع الدولي لدعم الحقوق الشرعية للفلسطينيين على أراضيهم وللمطالبة بالعدالة والمساواة، وأهمية طرد الكيان الإسرائيلي من الأراضي السورية واللبنانية التي احتلها على مر العقود.
ومن منا لم يشاهد آلام الأمهات الفلسطينيات اللواتي فقدن أبنائهن ومنازلهن نتيجة استشهاد أبنائهن وتدمير بيوتهن، بسبب المتطرفين الإسرائيليين وعنصريتهم، حيث يسعون إلى إقامة مجتمع صهيوني بالكامل ويرفعون شعارات تظهر تصاعد العنصرية، وقادة "إسرائيل" يتسترون على تصرفات المتطرفين ولا يتخذون إجراءات لمنع تصاعد هذه العنصرية، وتاريخ الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 والجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني، من مداهمات واقتحامات واعتقالات وتصفيات وتدمير للبنية التحتية والمدن وغيرها من الأعمال التي أثرت على وحدة الأراضي الفلسطينية.
وما يحدث اليوم، كان أولا وآخرا بسبب العنف الذي تمارسه "إسرائيل" ضد الشعب الفلسطيني ويشير إلى أن هذا العنف يعكس حقائق صريحة لا يمكن إنكارها، فكيان الاحتلال الإسرائيلي نشأ بطرق غير شرعية وبني على مبدأ التطهير العرقي والتاريخي من خلال المجازر التي ارتكبتها عصابات الصهاينة ضد أصحاب الأرض ومقدساتهم، إضافة إلى بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذه الأفعال تُعتبر دلائل واضحة على الاستعمار الصهيوني، اليوم بتنا نسمع كثيرا عن انتقادات واتهامات متزايدة لـ "إسرائيل" من قبل منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان بسبب سياستها التمييزية والاضطهادية ضد الفلسطينيين والأقلية العربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويشيرون إلى أن هذه السياسات تعتبر جرائم ضد الإنسانية، وهذا يُلقي الضوء على تصاعد العنف والظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون وهذا ما يجعلهم يصلون لما يمكن تسميته "مرحلة الانفجار".
النتيجة، تبدو "إسرائيل" في مرحلة حرجة بعد معركة "طوفان الأقصى" التي غيرت كل شيء، حيث تتزايد قوة المقاومة بشكل يرعب العدو ويهزمه ناهيك عن الأزمات والتوترات السياسية والاجتماعية داخل الكيان، ويشعر الإسرائيليون بشدة بأن ليس لديهم مستقبل واضح في فلسطين، ويزداد التوتر والتشتت في المجتمع الإسرائيلي بسبب التغيرات العسكرية والسياسية والاجتماعية، وتصاعد التيارات المتطرفة في السلطة، حيث يُلاحظ الانقسام العميق في مختلف السلطات والمؤسسات الإسرائيلية، بدءًا من الكنيست وصولاً إلى الحكومة والقضاء، ما يشير إلى عدم وضوح مستقبل "إسرائيل" وعدم استقرارها، فيما تتزايد التوترات بين اليمين الديني المتطرف والقوى الليبرالية والديمقراطية، وهذا الانقسام يزيد من فرصة حدوث صدامات داخلية في المستقبل تدعم العمل الجهادي الفلسطيني، وبشكل عام، يشير المشهد الإسرائيلي إلى أن "إسرائيل" تواجه تحديات كبيرة تهدد استقرارها ووجودها المستقبلي.