الوقت- بعد مرور عامين على تولي طالبان السلطة في أفغانستان، تخطط الأمم المتحدة في خطوة متأخرة لعقد اجتماع دولي لبحث التطورات في أفغانستان. وسيعقد اجتماع تحضره 20 دولة خلف أبواب مغلقة في العاصمة القطرية الدوحة يومي الاثنين والثلاثاء.
قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفن دوجاريك، إن الهدف من قمة الدوحة إيجاد أرضية مشتركة حول رؤية طويلة المدى للبلاد وتوجيه رسالة موحّدة إلى سلطات الأمر الواقع بشأن ضرورة ضمان مكانة النساء التي يستحققنها في المجتمع الأفغاني".
وشددت المسؤولة الأممية على أن اجتماع الدوحة يتضمن إيجاد أرضية مشتركة للرؤية بعيدة المدى للبلاد وإرسال رسالة واحدة إلى مسؤولي الحكومة المؤقتة حول ضرورة أن يكون للمرأة مكانها الصحيح في المجتمع الأفغاني.
كما قال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إن هذا الاجتماع ليس لغرض النظر في الاعتراف بالحكومة المؤقتة لطالبان، ولكنه يسعى لإيجاد حل لخروج أفغانستان من هذا الوضع. يأتي الاجتماع بعد أن أدان مجلس الأمن الدولي يوم الخميس بالإجماع حظر حكومة طالبان عمل النساء الأفغانيات الموظفات في الأمم المتحدة في أفغانستان، ودعا قادة طالبان إلى التراجع بسرعة عن حملة القمع ضد حقوق النساء والفتيات. لكن طالبان قالت إنها تحترم حقوق المرأة، وفقًا لتفسيرها الصارم للشريعة الإسلامية، وأن القرارات المتعلقة بعاملات الإغاثة هي مسألة داخلية.
في الأشهر الماضية، كان رد فعل المجتمع الدولي بحدة على القوانين القاسية التي نفذتها حركة طالبان ضد المرأة في هذا البلد، بل هددت الأمم المتحدة بأن هذا الإجراء قد يعرقل عملية إرسال المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان. وعلى الرغم من ذلك، قادة طالبان ليسوا مستعدين للتراجع عن خططهم وقد أصبحت هذه القضية تحديا خطيرا بين كابول والمجتمع الدولي.
سيعقد اجتماع الدوحة، وهو أول اجتماع دولي حول الوضع الأفغاني، في موقف عقد فيه توماس ويست، الممثل الأمريكي الخاص لشؤون أفغانستان، اجتماعات مع مسؤولي طالبان ومعارضي هذه المجموعة في باكستان وتركيا، طاجيكستان وسويسرا وألمانيا في الأشهر الماضية.. ويقال إن اجتماع الدوحة كان نتيجة لسعي توماس ويست حتى يتمكنوا من إيجاد مخرج من الأزمات في أفغانستان. وحسب بعض المصادر، فإن الولايات المتحدة التي تقود هذا الاجتماع، تحاول جعل قضية الإرهاب وتشكيل حكومة شاملة وصياغة دستور في أفغانستان محور هذا الاجتماع من أجل حل مخاوف الدول الغربية في هذا الصدد.
غياب طالبان واستمرار الحلقة المفرغة
وسيتخذ اجتماع الدوحة قرارا بشأن أفغانستان فيما لا يحضر ممثل طالبان كالعادة. في الاجتماعات الإقليمية التي عقدت في روسيا وأوزبكستان من قبل، لم تتم دعوة ممثل طالبان. وطلب المتحدث باسم طالبان من الحاضرين في اجتماع الدوحة دعوة ممثل أفغانستان في مثل هذه الاجتماعات. وطالب عبد السلام حنفي النائب الإداري لرئيس وزراء حكومة طالبان، في لقاء مع النائب السياسي للممثل الخاص للأمم المتحدة لشؤون أفغانستان، بأخذ إنجازات طالبان بعين الاعتبار في قرارات اجتماع الدوحة.. وقال حنفي في لقاء مع النائب السياسي للممثل الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان إن على المشاركين في اجتماع الدوحة اتخاذ قرار بناء مبني على إنجازات هذه المجموعة في البلاد.
ويرى مسؤولو طالبان أنه من الضروري الاستماع إلى أقوال وآراء حكومة هذا البلد في اجتماعات يكون جدول أعمالها حول أفغانستان. إلا أن عدم اعتراف دول العالم بحكومة طالبان أدى إلى عقد جميع الاجتماعات الإقليمية والدولية حول قضية أفغانستان دون حضور ممثل من طالبان. على الرغم من عدم استعداد الدول الأخرى لدعوة الحكومة المؤقتة لطالبان لحضور اجتماعات حول أفغانستان، قالت أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، إن الاعتراف بطالبان سيساعد الحكومة الأفغانية الحالية على أن تكون خاضعة للمساءلة.
وبينما تريد البلدان تحسين الوضع في أفغانستان، فإنها غير مستعدة للسماح لممثل حكومة كابول بحضور اجتماعاتها. على الرغم من عدم اعتراف المجتمع الدولي بالحكومة المؤقتة لطالبان، إلا أنها تمتلك السلطة السياسية في أفغانستان بالكامل، الأمر الذي خلق تحديًا في كيف ستنفذ القرارات السياسية والأمنية والسياسية والاقتصادية داخل أفغانستان إذا لم تتعاون طالبان؟
أعلنت الدول تشكيل حكومة شاملة كشرط للاعتراف بالحكومة المؤقتة لطالبان، لكن مسؤولي هذه المجموعة يزعمون أن الحكومة الحالية تتكون من جميع المجموعات العرقية الموجودة في أفغانستان، لكن الهيكل التنظيمي للحكومة المؤقتة يُظهر أن جميع كبار المسؤولين هم مزيج من الجماعات الموالية لحركة طالبان، والذين قاتلوا في الماضي خلال عشرين عامًا جنبًا إلى جنب مع طالبان ضد الغزاة والحكومة المحلية. لهذا السبب، فإن المجتمع الدولي ليس على استعداد لاتخاذ أي إجراء للاعتراف بالحكومة المؤقتة.
سيف العقوبات الأمريكية على رؤوس الأفغان
بينما يظهر الغربيون أنهم متعاطفون مع الأفغان، فإنهم سبب هذا الوضع. تعاني أفغانستان حاليًا من أزمة اقتصادية، ووفقًا لتقرير الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي، فإن 90 بالمئة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر. وقالت الأمم المتحدة إن أفغانستان بحاجة إلى أكثر من 4 مليارات دولار لتجاوز الوضع الحالي، لكن الغرب لم يتخذ أي إجراء في هذا الصدد. على الرغم من أن الأمم المتحدة كانت تقدم أكثر من 40 مليون دولار شهريًا لأفغانستان منذ بعض الوقت، إلا أن هذا الرقم ضئيل مقابل الأزمة الاقتصادية المنتشرة ولا يعالج آلام الأفغان، على الرغم من أن بعض المصادر قالت إن حتى هذا المبلغ الضئيل قد تم قطعه في الاسابيع الأخيرة.
كما تبين ان الأمم المتحدة تنفذ السياسات التي تمليها واشنطن في القضايا العالمية، وهذا الموضوع واضح للغاية في حالة أفغانستان، لكن قطع المساعدات الإنسانية بحجة الضغط على طالبان سيفرض المزيد من المعاناة على الشعب الأفغاني. وسيصعب الوصول إلى أي حل. لذلك فإن حل مشاكل أفغانستان يتطلب انفتاحات مالية كبيرة، مفتاحها في أيدي رجال الدولة في البيت الأبيض.
وحسب الإحصاءات، فقد تم حجز أكثر من 7 مليارات دولار من الأصول الأفغانية في البنوك الأمريكية والأوروبية، ولا تسمح سلطات واشنطن بإعادة هذه المصادر بالعملة الأجنبية. وإذا تدفقت هذه الأصول إلى أفغانستان، فسيتم حل معظم المشاكل الاقتصادية في البلاد، لكن الولايات المتحدة لا تسمح للأفغان بالاستفادة من أصولهم لمصالحها السياسية وعدم وجود حكومة شاملة. رغم أن المعاناة التي يواجهها الأفغان الآن هي نتيجة عشرين عاما من الاحتلال من قبل أمريكا وحلفائها، الذين دمروا كل البنى التحتية لهذا البلد ونهبوا ثرواته، والآن هم أيضاً مسؤولون عن الأزمات التي تعصف بالبلد المنهوك.
لذلك، ما دامت العقوبات الغربية تلقي بظلالها على أفغانستان، فإن أي اجتماع إقليمي وعالمي لإنهاء الأزمات في هذا البلد سيكون بلا جدوى. إن استمرار العقوبات لن يثقل كاهل الأفغان فقط، ولكن بسبب الظروف الاقتصادية السيئة، يمكن أن يؤدي إلى موجة جديدة من الهجرة من أفغانستان إلى دول أخرى في المنطقة، والتي ستؤثر على الغربيين أيضًا.
إن عدم دعوة دول المنطقة، بما في ذلك إيران وباكستان والصين والهند، إلى اجتماع الدوحة، الذي يمكن أن يساعد في حل مشاكل أفغانستان، يدل على أن الغرب ليس لديه إرادة للتغلب على تحديات هذا البلد، وهذه البرامج هي مجرد عرض لتحسين صورة واشنطن. من خلال عقد اجتماع الدوحة، تحاول أمريكا أن تظهر للعالم أنها تريد السلام والاستقرار في أفغانستان من أجل تحرير نفسها من أعباء الضغط، لكن أخذ مليارات الدولارات من ثروات الأفغان كرهائن هو استمرار لنفس الاحتلال ولكن بطريقة أخرى، ما يجعل أفغانستان لا تزال غير آمنة وبعيدة عن الاستقرار.