الوقت- لا يمكن إستغراب القرار الأمريكي لا سيما القاضي بتعديل قانون الإعفاء من تأشيرة الدخول والذي يفرض حظراً للسفر الى أمريكا على مواطني الدول المشاركة في برنامج الإعفاء والذين زاروا دولاً من بينها إيران، خلال السنوات الخمس الأخيرة. فالمتابع لتوجيهات الإمام الخامنئي الدائمة، يُدرك أن رجال التخطيط في طهران يعوون حقيقة الطرف الأمريكي. فماذا في قرار الكونغرس؟ وما هي دلالاته التحليلية؟
أولاً: القرار بين الخلفيات وردود الفعل:
قام الكونغرس الأمريكي في 7 كانون الأول بتعديل قانون الإعفاء من التأشيرة Visa Waiver Program . ويقضي القانون بفرض حظر للسفر الى أمريكا على مواطني الدول المشاركة في برنامج الإعفاء والذين زاروا العراق أو سوريا أو إيران أو السودان خلال السنوات الخمس الأخيرة. وكان قد نقل موقع انترسبت إن الكونجرس الأمريكي نجح بتمرير قانون جديد يستدعي أن يحصل الأمريكيين ممن زاروا دول العراق وسوريا والسودان وإيران منذ العام 2011، أو كانوا أمريكيين أحفاد لأشخاص من أصول تلك الدول، على تأشيرة . وبالتالي فإن الشخص الذي يحمل جوازاً أوروبياً، لكنه زار تلك الدول أو أن أحد أجداده من تلك الدول، فلن يتمكن من الإستفادة من برنامج الإعفاء من التأشيرة للراغبين في السفر إلى أمريكا، بعد إضافة الكونغرس لتعديلات تشمل المزيد من إجراءات الفحص للمسافرين من 38 دولة في أنحاء العالم يُسمح لهم بدخول الولايات المتحدة من دون تأشيرات . بالإضافة الى ذلك، فإن هذا الاجراء الجديد ينطبق على الصحافيين والعاملين في الحقل الانساني . كما يستهدف المسافرين من حملة جنسيتين، إحداها جنسية من إحدى هذه الدول حتى لو انهم لم يزوروا أيا منها .
من جهةٍ أخرى أکد وزیر الخارجیة "محمد جواد ظریف" ان القانون الصادر عن الکونغرس الأمریکي والذی یقضي بفرض قیود لمنح تاشیرات امریکا لمن زاروا ایران ودولا اخری بالشرق الاوسط اکد ان هذا القانون لا ینسجم مع ما التزمت به الولایات المتحدة ضمن خطة العمل المشترک الشاملة. وفي سياقٍ متصل أشار أمین المجلس الأعلی للأمن القومي "علي شمخاني"، أن قرار الکونغرس الأمریکي الأخیر یؤدی الی المزید من انعدام الثقة وسوء الفهم ویمکن عدم اصلاح تداعیاته فی عملیة تنفیذ الإلتزامات المتبادلة عند اجراء الإتفاق النووي.
ثانياً: أمريكا تبقى العدو الذي لا يمكن الوثوق به
ليس غريباً ما يخرج به الأمريكيون من فترةٍ لأخرى، لا سيما للتضييق على طهران. لكن الأمر المُستهجن هذه المرة، أن النتيجة السلبية لقرار الكونغرس، لن تكون أحادية، بل سيكون لها أثرٌ مزدوج. في حين لا بد من إنتظار المستقبل، لمعرفة رد الفعل الإيراني، والذي تعود سن التشريعات ضده، أو محاولة التضييق عليه. وهنا نشير للتالي:
- يوماً بعد يوم تتبين حقيقة الطرف الأمريكي. لكن العارف بخفايا السياسة الدولية، يعرف أن الرجل الذي له الكلمة الفصل فيما يخص خطوات طهران الخارجية، طالما حذر من أن واشنطن ليست طرفاً تلتزم بتعهداتها. فالإمام الخامنئي، أكد مراراً وتكراراً على ضرورة الحذر من هذا العدو الغادر.
- وهنا فإن ما قامت به واشنطن ليس بجديد، لا سيما أن تاريخ العلاقة بين البلدين لا يحتوي إلا على افتراءاتٍ أمريكية. وهو الأمر الذي اعتادت عليه طهران. مما جعلها تُتقن فن التعاطي مع الدولة التي تعتبر نفسها الأقوى في العالم.
- لكن للقرار، كما يُشير المراقبون، آثار سلبية على التبادل التجاري والإقتصادي بين البلدين. كما أن ذلك سيُؤثر على التبادل العلمي. في وقت، لا بد من الإلتفات الى أن طهران اعتادت التعاطي مع العقوبات المفروضة عليها والتي كانت أكبر بكثير. مما يعني أن أثر ذلك على إيران لن يكون كبيراً جداً.
إذن تعود واشنطن لتحاول النيل من التعاظم الإيراني، عبر الإلتفاف على الإتفاق النووي. فيما تسعى للإساءة لسمعة طهران، وإن بطريقة خفية. لكن إيران والتي تفهم الطرف الأمريكي جيداً، تعرف أنه لا أمل من دولةٍ تتبع البراغماتية في التعاطي. فيما من المؤكد أن طهران لا يمكن أن تسكت عن حقها. وما علينا إلا إنتظار المستقبل، لنرى رأي السياسة الإيرانية. وبين كل ذلك، تبقى تحذيرات الإمام الخامنئي، سيدة المواقف، لتثبتها الأيام وبقوة.