الوقت - تبلغ مساحة فلسطين المحتلة 22145 كيلومترًا مربعًا، وهي البلد رقم 153 في العالم من حيث المساحة الجغرافية.
يمتلك الکيان الصهيوني حدودًا بريةً مع لبنان من الشمال، وسوريا من الشمال الشرقي، والأردن من الشرق، ومصر من الجنوب الغربي. وهذه مسألة لطالما اعتبرها الکيان الصهيوني غير الشرعي مشكلةً أساسيةً وتحديًا منذ تأسيسه غير الشرعي في فلسطين.
خلال الـ 76 عامًا الماضية منذ احتلال فلسطين وتأسيس الکيان الصهيوني، كان للسلطات السياسية والعسكرية والأمنية في الكيان الصهيوني دوماً نظرة خاصة إلى حقيقة أن إسرائيل (فلسطين المحتلة) محاطة بالدول الإسلامية، ولا يوجد طريق بري موثوق به للوصول إلى أجزاء أخرى من العالم عبر الحدود البرية، وقدموا خططًا واستراتيجيات مختلفة لإيجاد حل لهذا التحدي.
لذلك، أصبح خيار استخدام الممرات المائية البحرية وإنشاء أسطول بحري تجاري وعسكري، هو الطريقة الأهم والوحيد للصهاينة لتلبية احتياجاتهم وحل التحدي المذكور جزئيًا.
يوفر الكيان الصهيوني اليوم أكثر من 80٪ من احتياجاته الاقتصادية والعسكرية باستخدام السفن التجارية والطرق البحرية، وهذه القضية جعلت الأسطول التجاري العسكري والطرق البحرية مكونًا حيويًا للكيان الصهيوني.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، إذا تم قطع وصول الكيان الإسرائيلي إلى الطريق البحري وسفنه التجارية ، فما هي الطريقة البديلة التي يملكها الصهاينة للتزود باحتياجاتهم وبضائعهم الأساسية؟
الحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال جاءت من قبل المسؤولين والخبراء الصهاينة أنفسهم. فحسب غالبية الخبراء العسكريين والسياسيين الإسرائيليين، فإن تعطيل عملية دخول وخروج السفن من الموانئ الإسرائيلية وجعل البحر غير آمن لسفن وبضائع الکيان الصهيوني، يعني تأكيد تدميرهم النهائي.
وفي هذا الصدد، يقول الباحث الإسرائيلي في مركز أبحاث السياسات والاستراتيجيات البحرية في حيفا: "ليست لدينا استراتيجية لتوفير الإمدادات في حالات الطوارئ عن طريق البحر. إذا أصبح الوضع حرجاً، ماذا ستفعل السلطات الإسرائيلية؟ هل سيتصرفون بسرعة لاستئجار سفن أجنبية مع أطقم أجنبية؟ في القدس يعتقدون أن السفن والطواقم الأجنبية ستوافق على القدوم إلى الموانئ الإسرائيلية بتكلفة عالية في زمن الحرب. هل هذه استراتيجية؟ ولنفترض الآن أنك تدفع مثل هذا الثمن الباهظ، هل يأتون؟"
ويضيف الباحث: "لست متأكداً على الاطلاق. الحقيقة هي أن إيران وحلفاءها يعرفون على وجه اليقين أي السفن التجارية تنتمي لإسرائيل. والأضرار التي تلحق بالسفن الإسرائيلية أو السفن المملوكة لإسرائيل، ستؤدي إلى إبعاد شركات التأمين عن هنا، ولن يدخل رجال الأعمال إسرائيل في أوقات التوتر الأمني. نحن جزيرة سياسية تآكلت معرفتها البحرية بالكامل".
فيما يتعلق بالمياه حول الکيان الإسرائيلي، هناك نقاط يحاول الصهاينة عدم طرحها على وسائل الإعلام، وهي قضية تتعلق بأمن المياه حول الأراضي المحتلة.
بناءً على المعلومات التي تم الحصول عليها، فإن شركات التأمين التي تؤمن السفن التجارية تعتبر المياه الإسرائيلية منطقة حرب؛ أي عندما يدخل رجل أعمال المياه الإقليمية الإسرائيلية (12 ميلاً بحريًا)، فإنه يدخل منطقة حرب من وجهة نظر شركة التأمين المعنية.
لذلك، عندما يدخل التجار المياه الإقليمية الإسرائيلية، يجب عليهم إبلاغ شركة التأمين، وهم سيصدرون تأمينًا إسرائيليًا خاصًا. ومن دون هذا التأمين الخاص، لن يدخلوا المنطقة المائية في الکيان الإسرائيلي، وهذه مسألة روتينية.
هذا في حين أن القضايا المذكورة أعلاه المتعلقة بالوضع التجاري البحري للکيان الإسرائيلي، تتعلق بالوضع الذي لا يكون فيه الکيان الصهيوني في حالة حرب أو توتر. لكن إذا دخل الكيان في صراع مع دول محور المقاومة لأي سبب من الأسباب، فهل ستكون أي سفينة تجارية أجنبية مستعدةً للرسو في موانئ الکيان الصهيوني؟ وهل ستكون شركات التأمين الأجنبية مستعدةً للتأمين على السفن الإسرائيلية أو ناقلات الشحن الإسرائيلية؟
الإجابة على هذا السؤال واضحة تمامًا أيضًا، فلن تكون أي شركة تأمين على استعداد لتأمين البضائع والتجار والسفن التي ترغب في الذهاب إلى الکيان الإسرائيلي.
وفي هذا الصدد، يجب أن نشير إلی الحرب الأخيرة للکيان الصهيوني مع لبنان والصراع مع حزب الله(المعروف باسم حرب لبنان الثانية). وفيما يتعلق بذلك، اعترف الممثل السابق للکيان الصهيوني في المنظمة البحرية الدولية بلندن في تقرير عام 2022، بأنه خلال الحرب مع حزب الله اللبناني، سافر ممثلون إسرائيليون إلى لندن وتحدثوا إلى شرکة لويدز البريطانية لتأمين رجال الأعمال في الکيان الإسرائيلي أثناء الحرب، لكن مسؤولي شركة لويدز لم يوافقوا على هذه القضية.
أيضًا، وفقًا للخبراء الصهاينة أنفسهم، تم تقييد موانئ الکيان الإسرائيلي من قبل حزب الله خلال حرب لبنان الثانية. وحسبهم، على الرغم من أن جهود حزب الله لتقييد موانئ الکيان لم تنجح، إلا أن الموانئ باتت محدودةً.
يقول أليكس جيرسون، وهو قبطان إسرائيلي سابق، في تقرير: "أثناء الحرب مع حزب الله، كانت هناك سفن قامت بتفريغ حمولة إسرائيلية في قبرص، لأنهم لم يرغبوا في الاقتراب من إسرائيل. والمثال على ذلك رجل أعمال جلب مواد مضافة للبنزين للسيارات، والتي من دونها كنا سنواجه مشكلةً في الحصول على البنزين للسيارات في إسرائيل. تمكنا بطريقة ما من إقناعهم بالقدوم إلينا. انتظروا قرب منطقة "خدرا"، وكانوا يخشون دخول الميناء بسبب إطلاق الصواريخ، ودخلوا الميناء أخيرًا بين الساعة 10:00 مساءً والساعة 4:00 صباحًا".
تأتي تصريحات أليكس جيرسون هذه، بينما يقول الصهاينة أنفسهم إن حزب الله لم يكن قادراً على تهديد موانئ الکيان الإسرائيلي في ذلك الوقت.
لذلك، يؤكد الصهاينة على حقيقة أن أكثر من عقد مضى على حرب لبنان الثانية، ومنذ ذلك الحين(2006)، نمت القدرات العسكرية لحزب الله اللبناني بشكل ملحوظ، والآن أصبحت أراضي وموانئ الکيان الإسرائيلي المائية تحت مرمى حزب الله تمامًا، وتشكل قدرة حزب الله على تهديد الموانئ تهديدًا بنسبة 100٪.
موقع "إسرائیل دیفنس" الإسرائيلي كذلك، وردًا على القوة البحرية الإيرانية ومحور المقاومة والأهمية الحيوية للغاية للتجارة البحرية للکيان الإسرائيلي، يثير التساؤل حول كيفية تلبية الکيان لاحتياجاته عبر البحر أثناء الحرب.
يقوم الصهاينة بتوفير معظم احتياجاتهم عن طريق البحر، وأصبح السؤال عما سيحدث للسفن التجارية والموانئ الصهيونية في حالة الحرب وأين تتم تلبية احتياجات "إسرائيل"، علامة استفهام ومصدر قلق خطير للخبراء والمسؤولين العسكريين الصهاينة.
خلال كل الحروب السابقة للکيان الصهيوني، لم يكن هناك وضع كان فيه الکيان في حصار بحري دائم، حتى المصريون لم ينجحوا في تحقيق ذلك خلال حرب الأيام الستة عام 1967. لذلك، من الواضح أن الصهاينة لم يختبروا مثل هذا الموقف بجدية، ولا يعرفون ما الذي يمكنهم فعله لإنقاذ أنفسهم في حال حدوث مثل هذا الموقف.
وتصبح هذه المسألة أكثر حدةً بالنسبة للکيان الصهيوني، عندما يكون هذا التحدي المهم والأساسي الذي يواجهه لا يقتصر على توفير الاحتياجات المدنية فحسب، بل أيضًا توفير الاحتياجات العسكرية في حال حدوث اضطراب في حركة السفن، ما أرعب الصهاينة بشكل كبير.
على سبيل المثال، أحد أهم الاحتياجات العسكرية للکيان الإسرائيلي هو وقود الطائرات المقاتلة. ويثير الباحثون الإسرائيليون القلق من أنه إذا لم تتمكن السفن من الرسو في الموانئ، ولم تسلِّم الوقود الذي تحتاجه مقاتلات سلاح الجو، وهو المكون العسكري الرئيسي للکيان في الحرب، إلى قواعد سلاح الجو الصهيوني، فما العمل حينها إذن؟
من خلال دراسة القضايا المذكورة أعلاه، يمكننا أن نفهم الحقيقة الواضحة بأنه على عكس الصورة التي يظهرها عن نفسه وجيشه في وسائل الإعلام العالمية والتدريبات العسكرية المشتركة مع الحكومات الإقليمية والدولية، فإن الکيان الصهيوني أضعف بكثير وأكثر هشاشةً، حيث إنه من خلال إغلاق الطريق البحري عليه فقط، سينهار وجود الكيان الصهيوني.
ومن هنا يمكن أن نفهم أن كعب أخيل الکيان الصهيوني، هو الضرر الذي يلحق بتجارته البحرية وموانئه. لذا، من الأفضل أن تفكر السلطات الإسرائيلية، بدلاً من التهديدات السخيفة والمثيرة للسخرية ضد إيران ومحور المقاومة، في مخرج مناسب لها من الأراضي المحتلة عند إغلاق الطريق البحري.