الوقت- عقد معهد "اندیشه سازان نور" للدراسات الاستراتيجية جلسة أسئلة وأجوبة يوم السبت، حول آخر المستجدات في فلسطين والکيان الصهيوني بحضور الصحفيين.
وفي هذا اللقاء، قام الدکتور سعد الله زارعي رئيس هذا المركز بدراسة وتقييم التطورات في فلسطين، وأثار بعض النقاط في هذا الصدد.
أوضح السيد زارعي في بداية اللقاء حول أهمية القضية الفلسطينية: إن القضية الفلسطينية قضية أساسية بالنسبة لموقع الجمهورية الإسلامية ومحور المقاومة. ومن المؤشرات التي يمكن أن تقيس قوة إيران أمام منافسيها، هي القضية الفلسطينية. فإذا سلکت فلسطين طريق التسوية، فهذا يدل على أن خط التسوية في موقع أعلى في المنطقة، وإذا كانت فلسطين في خط المقاومة، فهذا يعني أن جبهة المقاومة وإيران في موقع أفضل.
وقيّم هذا الخبير في قضايا غرب آسيا والعالم العربي التطورات الداخلية في فلسطين من عدة زوايا مهمة، وقال: أولاً، تزايد الإيمان بالمقاومة داخل فلسطين، ومتابعة سياسة المقاومة هي المسألة الرئيسية للفلسطينيين، ومن أسبابها نجاح المقاومة في القضية الفلسطينية. في العقود السبعة الماضية، شهد الشعب الفلسطيني نتائج محور التسوية الذي لم يأتِ بأي نتائج، وفي الوقت نفسه، خلال العقود القليلة الماضية، شهد أيضًا نتائج المقاومة التي استطاعت تحقيق مستوى من الأمن للفلسطينيين.
وعلى الرغم من استمرار الکيان الصهيوني في ارتكاب الجرائم، فإن المسافة بين الأفعال الإسرائيلية في الماضي واليوم كبيرة جدًا. وسبب عدم تجرؤ الصهاينة على العمل ضد الفلسطينيين، هو أن محور المقاومة أثبت قوته هنا، وهذا من الإنجازات المهمة للمقاومة في المنطقة.
واعتبر زارعي أن السبب الآخر هو فشل خط التسوية، وقال: هذا المحور لم يکن ينقصه شيء لتکون له الکلمة العليا في فلسطين. الغربيون ومعظم العرب وحتى داخل فلسطين أيدوا هذه العملية، وكان من المتوقع أن يفوز هذا المحور ويحقق الإنجازات للفلسطينيين. لكن مثل هذا الشيء لم يحدث، وكان هناك نوع من خيبة الأمل تجاه التسوية.
والعامل الثالث هو تصرفات الصهاينة، التي جعلت الفلسطينيين في حالة استعداد أكثر، وأدت الإجراءات المتطرفة التي قامت بها حكومة بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني في الأسابيع الأخيرة، إلى تأجيج هذه القضية.
ثم اعتبر السيد زارعي أن الكيان الصهيوني يعيش أخطر حقبة تاريخية له من حيث الوضع الداخلي، وأكد: لم يكن هناك مثل هذا المستوى من الخلافات في الأراضي المحتلة، والحكومة الآن تواجه جميع أنواع المشاكل. والمواقف الأخيرة التي اتخذها بعض المسؤولين الإسرائيليين من انهيار هذا الکيان، تظهر عمق الخلافات الإسرائيلية.
من ناحية أخرى، تتعارض الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية مع بعضها البعض، وقد أعلن الجهاز القضائي أن أحد وزراء حكومة نتنياهو غير كفء في هذا المنصب. كما هدد الأخير بالانسحاب من الائتلاف في حال عدم حصوله على مقعد وزاري، وفي حال انسحاب هذا الحزب، ستخسر حكومة الائتلاف الأغلبية وتتوافر الظروف للانتخابات السادسة.
فشل الکيان الإسرائيلي هو فشل أكبر مشروع للغرب
في جزء آخر من تحليله، اعتبر الدکتور زارعي أن فشل الکيان الإسرائيلي في المنطقة هو فشل أكبر مشروع للغرب منذ الحرب العالمية الأولى، حيث إنه بعد وعد بلفور عام 1917، تم اقتراح إقامة الدولة اليهودية، وبناءً على ذلك تدفق اليهود على فلسطين. وخلال هذه الفترة، وعلى الرغم من تصاعد الجرائم، كان هذا الکيان دائمًا مدعومًا من قبل الغربيين، وإذا فشل الکيان الإسرائيلي، فسنرى المزيد من الإخفاقات للغرب في المنطقة.
والقضية الأخرى هي حدة الصراع بين الفلسطينيين والصهاينة. عبر تاريخ الصراعات، لم يكن حجم الصراع بين الجانبين بهذا الارتفاع، ويقال إن أكثر من 30 عملية يقوم بها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة كل يوم. وخلال عام واحد، تم تنفيذ أكثر من عشرة آلاف عملية ضد الکيان الإسرائيلي، وكان عدد قتلى هذا الکيان في العمليات الاستشهادية أعلى من عدد القتلى في الحروب، وهذا يظهر أن التطورات في فلسطين حساسة.
من جهة أخرى، يواجه الكيان الصهيوني حالياً غياب الوسطاء. في الماضي، عندما كان هناك خلاف بين الإسرائيليين، کان القادة والجنود المتقاعدون يتدخلون ويقومون بحل الخلافات، لكن هذه الشخصيات الآن ليست موجودةً لتحل الخلافات السياسية بين نتنياهو وخصومه.
نتنياهو الآن هو رئيس الوزراء في الحكومة في الظاهر، لكنه في الواقع رئيس هيكل يعمل كمجلس إدارة وليس لديه السلطة السابقة. ورئيس الوزراء الضعيف هذا يواجه المتطرفين الداخليين ومتورط خارج الحكومة مع القضاء وقادة الأحزاب والفلسطينيين، وهذه الأزمات غير مسبوقة في تاريخ هذا الکيان.
ورداً على سؤال الصحفيين بأن الإجراءات التي اتخذتها حكومة الكيان الصهيوني في الضفة الغربية، ومنها الاعتداء على المسجد الأقصى ومحاولة تطوير المستوطنات، ستؤدي إلى اندلاع انتفاضة جديدة أم لا؟ أكد الدکتور زارعي: التطورات الحالية في الضفة الغربية أوسع بكثير من الانتفاضة، وإذا تحققنا من الإحصائيات فإن عدد القتلى في صفوف الكيان الصهيوني أكبر من عدد قتلى الانتفاضتين الأولى والثانية، وحتى الحروب المتتالية مع الفلسطينيين.
وهذا يظهر أن هذا الکيان يواجه مشكلةً أكبر من الانتفاضة، والعمليات التي يقوم بها الفلسطينيون الآن مسلحة في الغالب، ما تسبب في تأهب ما يصل إلى 50٪ من الجيش الإسرائيلي، ومن ناحية أخرى، فقد أدى ذلك إلى زيادة تكاليف هذا الکيان.
ثم تطرق السید زارعي إلی وضع السلطة الفلسطينية، وقال إن هذه المنظمة قد استسلمت للفلسطينيين. وأضاف: إذا أجروا تصويتاً الآن، فإن محمود عباس وأنصاره سيحصلون على 2٪ فقط من الأصوات، والآن انضمت حركة فتح إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وحتى السلاح المقدم لفصائل المقاومة الفلسطينية ينفَّذ من قبل أعضاء فتح.