الوقت_ عاد ملف الأسرى الفلسطينيين إلى الواجهة من جديد، بعد أن كشفت هيئة حقوقية فلسطينية رسمية متخصصة بشؤون الأسرى في سجون الاحتلال، مؤخراً، أنَّ عدد النساء والفتيات الفلسطينيات اللواتي تعرضن للاعتقال منذ عام 1967، بلغ ما يقارب 17 ألفاً، في ظل الانتهاكات التي يقوم بها العدو الصهيونيّ العنصريّ بحق القانون الدوليّ وغضّه الطرف عن تنفيذ مطالب الفلسطينيين المحقة وبالأخص فيما يتعلق بقضيّة الأسرى التي دائماً ما تربطها قيادات العدو بقضايا أخرى لتعقد المسألة وتطيل من أمد حلها، ويعلم الجميع حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال العسكريّ بدءاً من ظروف الاعتقال وليس انتهاءً عند مسألة انعدام البيئة الصحية داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم وسلوك الاحتلال الساديّ وتعامله اللاإنسانيّ.
بالتزامن مع اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، الذي يوافق –حسب وسائل إعلام فلسطينية- يوم 26 تشرين أول/أكتوبر، أوضحت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في ورقة حقائق ومعطيات، ما تعانيه الأسيرات داخل سجون الاحتلال، في ظل الأوضاع المشحونة والمتوترة واقتراب "حرب مختلفة" على الأراضي الفلسطينيّة قد تكون وشيكة نتيجة الإجرام الصهيونيّ واعتداءاته، حيث تركّز سلطات العدو الإسرائيليّ حملاتها القمعيّة على الأسرى وعائلاتهم، وتفرض عليهم إجراءات انتقامية صارمة من اعتداءات وضرب وعزل انفرادي ومنع من الخروج، الأمر الذي يشعل الأوضاع بشكل متكرر داخل السجون، حيث عاشت السجون الإسرائيلية قبل مدّة حالة من الغليان والتوتر المشحون، هدد بإشعال انفجار كبير كانت قد امتدت نيرانه للضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر وحتى العاصمة الفلسطينيّة السليبة، بفعل ممارسات "إسرائيل" القمعيّة والتعسفيّة بحق الأسرى الفلسطينيين، وبالأخص النساء منهم.
وبالاستناد إلى أن الكيان الصهيوني يخوض معركة داخل السجون ويمارس بكل إجرام وساديّة الاعتداء على الأسرى الفلسطينيين، قالت الهيئة الفلسطينيّة إن 30 أسيرة، يقبعن في سجون الكيان، منهن أسيرتان قيد الاعتقال الإداريّ، وهما شروق البدن من محافظة بيت لحم (جنوب الضفة)، وبشرى الطويل من محافظة رام الله (المركز)، في وقت يعتقل الكيان الصهيونيّ الغاصب فيه آلاف الفلسطينيين في سجونه، بينهم مئات المرضى حسب الأرقام التي تنشرها وسائل الإعلام، ناهيك عن الأرقام الحقيقيّة التي تتكتم عليها إدارة سجون العدو.
كذلك، تمارس سلطات الاستعمار الصهيونيّ سياسة "القتل البطيء" مع الأسرى وتماطل بشكل سافر في حلحلة تلك القضيّة، وبغض النظر عن جرائم الإسرائيليين التي لا تُحصى بحق الأسرى الفلسطينيين، إلا أنّ الأشهر والسنوات الماضية بالتحديد كشفت اللثام عن جبروت العصابات الصهيونيّة على المستوى الدوليّ، وفي كل مرة كان المسؤولين الإسرائيليون يعتبرون التهرب الإسرائيليّ من السير خطوة نحو الأمام في "ملف الأسرى" بمثابة ”فرصة ضائعة”، نتيجة تعنت الحكومة الإسرائيليّة وعدم رغبتها في الاتفاق لحل هذا الملف الشائك، بما يعني أن الصهاينة يتلذذون بتعذيب هذا الشعب، إضافة إلى أنّهم لا يرغبون بحصول أيّ صفقة لتبادل الأسرى باعتبارها ستؤدي إلى حل في باقي الملفات، ولهذا قررت حكومات العدو العنصريّ تجميد ملف الأسرى كي لا تدفع ثمن تنازلاتها أمام فصائل المقاومة التي تعتبر هذا الأمر "خطاً أحمر"، لتبقى أرواح الأبرياء مرهونة بيد السفاح الإسرائيليّ.
وفي ظل خطورة الإجراءات التي تتخذها سلطات الكيان الإسرائيليّ ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون وبالأخص النساء منهم، وغضّ تل أبيب الطرف عن أيّ دعوات لإنقاذ الأسرى المهددة أرواحهم بشكل كامل، وغياب التدخل الدوليّ للجم الجلاد الصهيوني، تشير هيئة شؤون الأسرى، إلى أنّ النساء والفتيات يستهدفن خلال عمليات اعتقالهن واستجوابهن، ولا يسلمن من الضرب والسحل والتنكيل والاحتجاز بالزنازين والتعذيب بأشكاله المختلفة على يد قوات الاحتلال، دون مراعاة لخصوصيتهن وطبيعتهن الأُنثويّة، ناهيك عن عنف إدارة سجون الاحتلال واستخباراتها، وقيامها بتنفيذ اقتحامات وهجمات على أقسام الأسرى في العديد من السجون، واستعانتها بالكلاب البوليسية.
أما عن الظروف المأساوية التي تعيشها النساء والأسرى بشكل عام خلف قضبان سجون العدو لمحاولة منع النساء من أخذ دورهم الرائد في النضال ضد الغزاة، لا تتوقف اعتداءات إدارة السجون المتواصلة عليهم، ووفقاً لمطلعين على هذا الشأن يتعرض الأسرى وبالتحديد النساء منهم لهجمة إسرائيلية شرسة، تتطلب وقوف كل المعنيين في الداخل والخارج لنجدتهم من الجلادين الصهاينة، في ظل ما يتعرض له الأسرى من انتهاكات جسيمة خلف القضبان، مع وجود عشرات الأسيرات الفلسطينيات بينهن قاصرات، وسط ظروف لا تصفها الكلمات، يتعرضن خلالها كغيرهم من الأسرى لانتهاكات صارخة.
وعلى أساس الحقد الصهيونيّ الأعمى على الأسرى، تتعرض الأسيرات الفلسطينيات داخل سجون العدو الإسرائيلي لانتهاكات شديدة ومتنوعة، منها العزل الانفرادي، والشتم بألفاظ بذيئة خلال التحقيقات القاسية، إلى جانب الاقتحامات الليلية لغرف الأسيرات، ناهيك عن وجود كاميرات مراقبة تنتهك خصوصيتهن بشكل كامل، وضربهن أثناء نقلهن إلى المحاكم على أيدي ما تعرف بـ "قوات النحشون"، حيث تؤكّد معلومات وجود 600 أسير فلسطيني يعانون أمراضًا مختلفة، من بينهم 23 أسيرًا مصابًا بالسرطان، إضافة إلى معاناتهم الأشد من ظلم وبطش قوات الاحتلال وأجهزتها الأمنية، وسياسة التعذيب، والعزل الانفرادي، في زنازين تفتقر إلى أدنى الاحتياجات الآدمية، والاهمال الطبي، والتفتيش، والإذلال، والتعذيب النفسي والجسدي، ومنع الزيارة.
نتيجة لكُل ذلك، إنّ الإجرام الإسرائيليّ هو منهج طبيعيّ للمحتل الأرعن، باعتبار أنّ استمرار الاحتلال يرافقه تصعيد في الإجرام، وإنّ الكيان الغاصب للأراضي العربية هو سُلطة أمر واقع، واعتقال الأسيرات والأسرى بشكل تعسفي ومُمَنهج داخل سجونه ومعتقلاته، ومراكز التوقيف، ما هو إلا جزء من الاستبداد الصهيونيّ اللامحدود، ويشكل انتهاكا خطيراً للقانون الدولي الإنسانيّ، ولا سيما اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، المتعلقتين بمُعاملة الأسرى، علاوة على أنها جرائم ترقى إلى جرائم حرب –حسب توصيف حقوقيين-، ما يؤكّد ضرورة تدخل اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر ومؤسسات المجتمع الدولي الحقوقية والإنسانية كافة، التدخل لوقف المنشار الإسرائيلي وزيارة في السجون والمعتقلات، لإنقاذ أرواح الأسرى من سلطات العدو، وألا يترك الأسرى وحدهم أمام حقد وعنصرية المحتلين، والضغط على الاحتلال لإنهاء ملف الاعتقال الإداري، وإلغاء سياسة العزل الانفرادي، ووقف استخدامه بحق الفلسطينيين والفلسطينيات، وإلزام تل أبيب ببنود حماية الأسرى والمدنيين وتحسين أوضاعهم الصحية والثقافية والنفسية.