الوقت_ تقريباً، يُجمع من يعمل في المجال السياسيّ أو الإعلاميّ على أنّ اللوبي الصهيونيّ الموجود في الولايات المتحدة هو المهيمن على السياسات الأمريكيّة وبالأخص "السياسة الخارجيّة"، حيث يضم مجموعة عملاقة من الشركات والمصانع ذات رؤوس أموال ضخمة في أمريكا، ويضم أكثر من 34 منظمة يهوديّة سياسيّة في أمريكا تقوم بجهود منفردة ومشتركة من أجل مصالحها ومصالح الكيان الصهيونيّ الغاشم، لهذا طلب رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة فيديريكو بيلييغاس مؤخراً، من أحد أعضاء لجنة تُحقّق في النزاع بين "إسرائيل" والفلسطينيين، توضيح تصريحات أدلى بها بشأن “اللوبي اليهودي” وزعمت تل أبيب أنّها "معادية للسامية"، فقد لمّح ميلون كوثاري، أحد أعضاء اللجنة، خلال مقابلة مؤخرًا مع موقع “موندوويس” Mondoweiss الذي يُغطيّ أخبار الأراضي الفلسطينية و"إسرائيل" والسياسات الأمريكيّة وحقوق الفلسطينيين، إلى وجود “لوبي يهوديّ”، مشكّكًا في شرعية عضوية "إسرائيل" في الأمم المتحدة، في الوقت الذي لم يترك فيه العدو العنصريّ نوعاً من أنواع "جرائم الحرب" إلا واستخدمها ضد الفلسطينيين، بدءاً من تعذيب الأسرى أو إساءة معاملتهم أو إعدامهم، ومروراً بالجرائم الموجهة ضد المدنيين والتعدي على ممتلكاتهم الشخصية وتهجيرهم قسريّاً، وليس انتهاءً عند القتل والحصار والإبادة الجماعيّة.
“نحن محبطون جدًا من وسائل التواصل الاجتماعيّ التي يسيطر عليها، اللوبي الصهيونيّ إلى حد كبير، أو بعض المنظمات غير الحكومية المحدّدة التي تكرّس الكثير من المال لمحاولة تشويه سمعتنا"، هذا ماقاله عضو عضو اللجنة الأممية الشيء الذي أثار استياء "إسرائيل" التي طالبت بإقالة أعضاء اللجنة وحلّها، كما وجّهت السفيرة الإسرائيلية رسالة أولى إلى بيلييغاس، زاعمة أن "بعض التعليقات معادية للسامية بشكل واضح".
وفي هذا الشأن، أكّدت رئيسة اللجنة نافي بيلاي، وهي المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان، أن تعليقات كوثاري "أُخرجت عمدًا من سياقها” و”نُقلت بشكل خاطئ عمدًا"، ما يعكس “خيبة أمل اللجنة من استمرار عدم تعاون إسرائيل” مع الخبراء، وبالطبع كان الموقف الإسرائيليّ الذي يُقحم "معاداة الساميّة" في كل شيء هو أن الأعضاء الثلاثة في اللجنة لم يعودوا قادرين “على تولي وظائفهم بطريقة فعّالة”، داعيّاً إيّاهم إلى “الاستقالة فورًا"، حيث إن "إسرائيل" رفضت التعاون مع اللجنة التي شكلت بعد الحرب الصهيونيّة على غزة والتي استمرت 11 يوماً بين "إسرائيل" وحركة المقاومة الإسلاميّة حماس في أيار/مايو 2021، وأوكل خبراء اللجنة مهمّة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية وفي "إسرائيل" منذ 13 نيسان/أبريل 2021، واعتبرت اللجنة في تقرير صدر عنها في 7 حزيران/يونيو، أن الاحتلال الاسرائيليّ والعنصريّة بحقّ الشعب الفلسطيني هما “السببان الرئيسيان” للتوتر وعدم الاستقرار، وهذا ما يثير غضب الإسرائيليين بشّدة.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ اللوبي الصهيونيّ يسيطر بشكل شبه كامل على الإعلام بجميع أنواعه في أمريكا ولديه شبكات متفرعة من المدافعين عن السامية من محامين وأطباء وإعلاميين وأكاديميين ونقابيين وفصائل طلابية في مختلف الجامعات الأمريكية، ولم يترك اللوبي مجالاً إلا وتغلغل فيه لكتم أي صوت معادٍ للسامية بأي وسيلة كانت، والدليل على ذلك، أنّ الكيان الصهيونيّ من خلال اليهود الذين يسيطرون إن لم نقل على معظم وسائل الإعلام العالميّة، فعلى الأقل على كبريات هذه الوسائل من شبكات تلفزيونيّة ومحطات إذاعيّة وصحف ومجلات ودور نشر وسينما وغيرها، وتظهر السيطرة الإسرائيلية جليّة على مجمل وسائل الإعلام الأمريكية إن لم يكن كاملها، حيث إنّ شبكة "سي إن إن" تملكها شركة (تايم وارنر) التي يترأسها جيرالدليفي إيزنار، وهو يهوديّ، وشبكة "إب بي سي" تملكها شركة (والت ديزني) التي يتراسها مايكل ايزنار، وهو يهوديّ، إضافة إلى شبكة "سي بي إس" وتملكها شبكة (وستنجهاوس)، ويراس الشبكة إيريك وابرل، وهو يهوديّ، وشبكة "إن بي سي" وتملكها (جينرال الكتريك) ويرأس قطاع الأخبار فيها اندرولاك وهو يهودي أيضاً.
وبالفعل نجح اللوبي الصهيونيّ في السيطرة على الصحافة اليوميّة بامتلاك أكبر 3 مؤسسات صحفيّة أمريكيّة مؤثرة، وهي" نيويورك تايمز" والتي تعتبر الصحيفة الموجهة لذوي البشرة البيضاء في المجتمع الأمريكي والمعبرة عنه، ويتولى رئاستها "ارثر اوكس سالزبرج" وهويهوديّ، و صحيفة "واشنطن بوست" الأولى سياسيّاً في أمريكا وقد اشترى ” ايجين ماير” وهو يهوديّ هذه الصحيفة عام 1933 ولا تزال مملوكة لعائلته وتملك الحصة الكبرى فيما إحدى حفيدات ” ايجين” وهي كاثرينماير” وهي يهوديّة، كما أنّ صحيفة "وول ستريت جورنال" وهي صحيفة المال والتجارة وتعتبر أكثر الصحف الامريكية انتشارا حيث يطبع منها 2،1 مليون نسخة يوميا، مملوكة لشركة (داو جونز) التي يراسها بيتر كان اليهوديّ وتصدر المؤسسة24 صحيفة يومية وأسبوعية اخرى.
وهذه القبضة الإعلاميّة تشمل أيضاً، المجلات الأسبوعية المهمة على الساحة السياسية، في مملوكة تماما لليهود، أولاً مجلة التايم (4،1 مليون نسخة أسبوعيا) وتملكها ” تايم وانر” يرأسها جيرالد ليفين وهو يهوديّ، ومجلة نيويورك ( 2،3 مليون نسخة) ويرأسها ” مارتيمر زوكرمان” وهو يهوديّ، ما يعني في النهاية أنّه من الطبيعي جداً أن تكون "إسرائيل" هي المستهدفة ولو أحرقت فلسطين وشعبها في ليلة واحدة.
نتيجة لكل ذلك، لا شك أن تحركات أمريكا بكل مؤسساتها وحتى أيّ رئيس لها يجب أن تكون متحيزة تماماً لسياسة الكيان الصهيوني العدوانيّ، وألا يتردد رؤساء الولايات المتحدة وكل ما دونهم في الدفاع عن العدو في أيّ مناسبة، سواء أكان الرئيس جمهوريّاً أم ديمقراطيّاً، لأنّ حوالي 60 % من التمويل الذي يحصل عليه الحزب الديموقراطيّ و35 % مما يحصل عليه الحزب الجمهوري مصدره الصهاينة الموالون للعدو.
وعلى الرغم من أن البعض قد يستغرب من أنّ دولة كالولايات المتحدة التي تزرع الشرور في العالم بأكمله من خلال قواتها وقواعدها العسكرية وأساطيلها الحربية المنتشرة على طول البحار والمحيطات، مرهونة بقرارات الكيان الصهيونيّ الذي هو بالأساس صناعة أمريكيّة وغربيّة لخلق التوتر في الشرق الأوسط وردع كل ما من شأنه تهديد مصالح أمريكا حول العالم، لكن الحقيقة هي أنّ المصلحة القوميّة الأمريكية لم تعد بالصدارة المطلقة في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، ولا سيما منذ حرب حزيران من عام 1967، التي جعلت علاقة الولايات المتحدة بالكيان الصهيوني "حجر الزاوية" في سياسة الولايات المتحدة الشرق أوسطيّة إن صح التعبير، وأفرزت دعماً مستمراً ومتصاعداً من أمريكا للعدو القاتل.