الوقت- بعد عملية فرار مجموعة من الأسرى الفلسطينيين من سجن جلبوع الإسرائيليّ، وتمكّنهم من انتزاع حريّتهم من زنازين العدو التي تحتجز 400 أسير فلسطينيّ ومن بينهم عدد كبير من المحكومين بالمؤبد، وما تبع تلك العمليّة التي سميّت "نفق الحريّة" وقيام قوات الاحتلال بإعادة أسر أغلبهم ومحاولة شق الصف الفلسطينيّ، أكّدت حركة المقاومة الإسلاميّة الفلسطينيّة "حماس"، أنّ جميع محاولات الإسرائيليين في بثّ الفرقة بين مكونات شعبنا الفلسطينيّ الواحد ستفشل، فيما أوضحت حركة "الجهاد الإسلاميّ" أنّ مواقف فلسطينيي مناطق 48 الذين يعيشون في المناطق التي يحتلها العدو القاتل هي مواقف "إجماع وطنيّ"، مشيرة إلى أنّ تل أبيب تحاول بشكل مغرض استغلال اعتقال 4 من الأسرى في الناصرة، لإيقاع الفتنة بين الفلسطينيين.
محاولة فاشلة
في محاولة إسرائيليّة فاشلة للتغطية على الإخفاق الأمنيّ الفاضح لسلطات الكيان في هذا سجن جلبوع، والذي يوصف بأنّه "خزنة محكمة" بسبب التحصينات وإحكام الإجراءات فيه، لمنع أي محاولة فرار من بنائه الحديث، تحاول تل أبيب بشدّة التخفيف من تلك الفضيحة التي شكلت صدمة كبيرة للعدو الصهيونيّ ومستوطنيه وعصاباته، بسبب الإجراءات الأمنيّة المشدّدة التي يفرضها في هذا السجن بالتحديد، وترغب في حرف الأنظار عن تلك القضيّة المهمة، عبر زرع أفكار مسمومة ومغلوطة لشق الصف الفلسطينيّ على المستوى الشعبيّ.
وفي الوقت الذي أعربت فيه حماس عن عظيم تقديرها واعتزازها بالدور الوطنيّ الكبير للشعب الفلسطيني في الداخل المحتل، وحضورهم الدائم في كل محطات النضال الفلسطينيّ، دفاعاً عن ثوابت القضيّة الفلسطينيّة الوطنية، وتضحياتهم الكبيرة في مسار مقاومة العدو الصهيونيّ، من شهداء وجرحى وأسرى، أوضحت على لسان الناطق باسم الحركة، حازم قاسم، أنّه شكّل تمسك الفلسطينيين بهويتهم الفلسطينية العربية في الداخل المحتل، واحدة من أكبر التحديات للمشروع الصهيونيّ الذي يحاول دمجهم في مجتمعه العنصريّ، لكن مقاومة أبناء الداخل المحتل لكل مشاريع "الأسرلة" (صبغهم بصفات الإسرائيليين) أفشل كل هذه المحاولات، لتنفضح حقيقة العنصرية البغيضة لكل مؤسسات الكيان الصهيونيّ.
والدليل على ما ذكرته الحركة هو التضامن الشعبيّ الواسع من فلسطينيي الداخل المحتل، مع قضية الأسرى ودعمهم الدائم لقضية فلسطين العدالة، وعمق انتمائهم لمكونات الشعب الفلسطينيّ، لهذا ستفشل كل محاولات العدو الغاصب في بث الفرقة بين مكونات الشعب الفلسطينيّ، بل ستزيد حالة الالتحام بين ساحات الفعل النضاليّ في كل أماكن وجود الفلسطينيين، والدليل ما حدث مؤخراً في معركة "سيف القدس" التي شهدها قطاع غزة المحاصر، حيث حققت فصائل المقاومة الفلسطينيّة في غزة انتصاراً كبيراً في تلك المواجهة، وتمكنت باعتراف ضباط العدو من شل نصف "إسرائيل"، إضافة إلى تحييد “القبة الحديدية” والقنابل الذكية، وأوصلت الوضع إلى حافة حرب شاملة، حيث إنّ ما بدأ في القدس امتد إلى الضفة الغربيّة المحتلة وإلى مناطق عرب الـ 48.
"عمداء الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، هم من الداخل المحتل"، رسالة مختصرة من حماس أضافت تأكيداً جديداً على أنّ ثبات فلسطينيي الداخل منح حقهم في العودة المزيد من القوة، ولقد بات الثبات الفلسطينيّ في الداخل المحتل أو ما يُطلق عليها "مناطق عرب الـ 48" معضلة كبيرة وشوكة في خاصرة الكيان الغاصب، ووفقاً لحماس لم تكن محاولات تل أبيب في تشويه مواقفهم في الأيام الأخيرة على خلفية اعتقال أربعة من أبطال معجزة نفق الحرية بعيدة عن هذا المخطط الصهيونيّ ضد أبناء الداخل المحتل.
وإنّ شيطنة عرب الـ 48 ووصمهم بالعار لخلق فتنة فلسطينيّة على هذا المستوى الخطير، حلم إسرائيليّ لن يتحقق، لأنّ الشعب الفلسطينيّ في غزة والضفة والقدس وكل مكان واعٍ لمثل هذا الخبث الإسرائيليّ المعهود، ولا يزال يردد في أدبيات الحب لفلسطين أسماء مدن الداخل التي تشكل كل واحدة منها جزءاً لا يتجزأ من الأرض الفلسطينيّة، وإنّ أهلها باختصار هم "رأس حربة" في معركة الوجود الفلسطينيّ والبقاء على هذه أرضهم وحماية مقدساتهم.
إجماعٌ وطنيّ
تتطابق مواقف حركة الجهاد الفلسطينيّ مع موقف حماس والفصائل الفلسطينيّ وأبناء فلسطين، حيثُ أكّدت على وحدة الفلسطينيين وأرضهم ومصيرهم وأهدافهم العليا المتمثلة بالتحرير وحق العودة، وفي صفعة للاحتلال الصهيونيّ ودعايته السوداء عبرت عن عميق اعتزازها بثبات فلسطينيي الداخل ومواقفهم الوطنيّة منذ احتلال فلسطين عام 1948، والذي تجلى مؤخراً في الحملة العسكريّة الصهيونيّة على غزة، واصطفافهم إلى جانب المقاومة الفلسطينيّة، في واجب الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى المبارك والشيخ جراح، وارتقاء الشهداء في اللد وأم الفحم.
"مواقف إجماع وطني"، هكذا وصفت الجهاد الإسلاميّ مواقف الجماهير الفلسطينيّة في مناطق الـ 48 من قضية الأسرى، وخاصة أنّ أبناء الداخل المحتل شاركوا بقوّة في محطات الدعم والإسناد للأسرى، فيما برزت مواقف قيادات فلسطين المحتلة عام 1948 في العديد من المحطات المهمة في حماية الأسرى والدفاع عنهم ودعمهم، وقد ساهموا بشدّة في تحقيق انتصارات الأسرى خلال معارك الأمعاء الخاويّة (الإضراب عن الطعام).
وبالفعل، إن فلسطينيي الداخل أثبتوا أنهم امتدادٌ مهم ومحوريّ لمسيرة التحرر الوطنيّ المتواصلة في فلسطين كم ذكر البيان، وقد شكلت مواقفهم رافعة للعمل الوطنيّ الفلسطينيّ، باعتبارهم يقفون في الخندق الأماميّ المتقدم لحماية المقدسات وبالأخص المسجد الأقصى المبارك والرباط فيه وعمارته، وإن الشعب الفلسطينيّ في شتى الأماكن لن يقبل بثّ روايات المحتل لإيقاع الفتنة بين مكوناته.
وإنّ هذا الإجماع بين قيادات المقاومة الفلسطينيّة، يقابله أيضاً رفض شعبيّ عام من جميع القوى والتيارات لأيّ محاولات من العدو الصهيونيّ لبث الفرقة والخلاف بين أبناء الشعب الواحد والقضية الواحدة، من خلال استغلال سخيف لبعض الأحداث وتوظيفها بحماقة لخدمة سياسات التجزئة والتقسيم المعروفة، التي فشلت بفضل تسلح أبناء فلسطين بالوعي والحكمة والتكاتف والتعاضد في مواجهة الاحتلال ومشاريعه التدميريّة.
إذن، يُدرك الفلسطينيون بشدّة أنّ العدو الغاصب لن يكف يوماً عن محاولات شق الصف بكل الوسائل لإبادتهم ونهب أرضهم ومستقبل أجيال فلسطين، ويقابل ذلك وعيٌ في الداخل المحتل لحين اقتلاع جذور الاحتلال وسرطانه وتحرير كل شبر دنسه المغتصبون في فلسطين، وإنّ المدن الفلسطينيّة كافة هي مدن تحد وثبات، وبالتحديد مدن فلسطينيي الداخل الذين أثبتوا أنهم جزء أصيل من هذا الشعب المناضل، وأنّ كل الإشاعات الصهيونيّة المغرضة التي تدور حول تسليم المقاومين تهدف لخلق فجوة دائمة وخطيرة بين مكونات الشعب الفلسطينيّ.