الوقت- بالتزامن مع الخلافات التي أصبحت علنيّة بين السعودية وحليفتها السابقة الإمارات، نتيجة ملفات عديدة كان آخرها التقارب السعوديّ – العمانيّ، عبّر نائب رئيس شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، عن سياسات بلاده من خلال سلسلة تغريدات حاول فيها انتقاد التقارب بين الرياض ومسقط، مثيراً ضجة واسعة بالأخص في الأوساط الخليجيّة، عقب خلافات مع السعودية بشأن تمديد اتفاق خفض الإنتاج النفطيّ وفشل المحادثات التي كانت تهدف إلى تجاوز الخلاف بين الدول المصدرة للنفط "أوبك بلس".
يبدو أنّ الإمارات ترغب في فضح خلافاتها التي أصبحت كثيرة مع السعوديّة، حيث إنّ السلطات الإماراتية غالباً ما توجه رسائلها عبر تصريحات بعض المسؤولين مع أو بدون الكشف عنهم، وقد تحدثت أبوظبي مؤخراً على لسان أحد المستشارين، أن السعودية وجهت ما أسماها "ضربات تحت الحزام" إلى جارتها وحليفتها الخليجيّة أبو ظبي في ظل الخلاف النفطيّ العلنيّ الذي يشي بوجود حرب اقتصاديّة تنافسيّة، حيث أضاف ذلك الملف أزمة أخرى للعلاقات بين البلدين، والتي من ضمنها التنافس المحموم على اليمن، والعلاقة مع قطر وتركيا الإخوانيتين، إضافة إلى سباق التطبيع مع الكيان الصهيونيّ المجرم.
وعقب الخلاف الحاد الذي طفا إلى السطح بين الرياض وأبوظبي، تصدر المشهد نائب رئيس شرطة دبي المقرب من الشيخ محمد بن زايد، مغرداً بشكل مباشر وغير مباشر، للتعبير عن رد فعل الإمارات حول القرارات والسياسات السعودية المرتبطة ببلاده، وفي آخر تغريدات على صفحته الشخصيّة في “تويتر”، قال المسؤول الأمنيّ: “في اعتقادي أن الرياض استعانت بأبوظبي في ساحة الحرب، واليوم تستعين بعمان في رسالة السلام، ولذلك من الضرورة بمكان أن ننظر إلى الأمور نظرة منطقية، ولا نستغرب أي جهود تبذل من أي طرف من الأطراف في سبيل التصدي للمخططات الهادفة إلى زعزعة المنطقة”.
وفي ظل الانتقادات الإماراتيّة المكثفة للسعودية بسبب إجراءاتها البعيدة عن حليفتها التقليدية الإمارات، يبدو أن البلدين أمام مواجهة اقتصاديّة شرسة بعد بدء أبوظبي بالرد على الخطوات السعودية التي تهدد مكانة الإمارات في الخدمات والسياحة، في خضم مشاريع سعودية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل في إطار ما تسمى "رؤية 2030" لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وبالأخص مشروع مدينة "نيوم" على البحر الأحمر، وخطة تحويل السعودية إلى "مركز طيران عالمي"، وهذا يهدد بالفعل الاقتصاد الإماراتيّ، ويساعد السعودية في ذلك سوقها الأقوى عربيّاً إضافة إلى نفوذها السياسيّ.
“من لم يضع خطة وخطة بديلة يضيع في متاهات الطرق"، رسالة واضحة من الإمارات من خلال ضاحي خلفان، فالسعودية ستمنع الشركات المتعددة الجنسيات من الحصول على العقود الحكوميّة ما لم تنقل مقراتها الإقليميّة إلى العاصمة السعودية لتحظى بكثير من الإعفاءات، في تحد خطير للإمارات وخاصة لإمارة دبي التي تتمركز فيها الفروع الرئيسيّة لهذه الشركات.
وإنّ القرارات التي تصدرها الحكومة السعودية، تحصل دون سابق إنذار أو تنسيق مع حليفة الأمس التي كانت تربطهما علاقات استراتيجيّة، حيث إنّ قرار التعليق المفاجئ لسفر السعوديين إلى الإمارات مثلاً، جاء بحجة حمايتهم من فيروس كورونا وأدى إلى توقف الرحلات الجويّة بين البلدين خلال أقل من يومين، ما يعني حرمان الإمارات من ملايين الزائرين السعوديين الذين يتدفقون إليها سنويّاً للسياحة، كما عدلت الرياض قوانين الاستيراد من دول مجلس التعاون الخليجيّ لتستبعد المنتجات التي يتم إنتاجها في المناطق الحرة بعمالة أجنبيّة كاملة من الاتفاق الجمركيّ، في ضربة قوية للإمارات التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على المناطق الحرة.
وبالعودة إلى تصريحات المسؤول الإماراتيّ، التي أعلنت صراحة أن الإمارات لم تعد تتوافق مع سياسات السعودية، يبدو الطرفان في منافسة شرسة ربما تتطور لمواجهة اقتصادية مفتوحة، قد تبدو عواقبها وخيمة عليهما وعلى منطقة الخليج الفارسي بحسب محللين، وإنّ ما ذكره خلفان، حول أن "هذا زمن المصالح المادية وليس زمن الأخوة والصداقة" هو تعبير صريح بأنّ المواجهة ستصبح أكثر سخونة مع بدء الإمارات بالرد على الخطوات السعودية، ويتوقع البعض أن تزيد من تبعات الوضع سوءاً إن لم تقم المنافسة القادمة على تكافؤ الفرص ولا على التنسيق المشترك.
كذلك، فإنّ الرياض تحاول بكل ما أوتيت من قوة منافسة الإمارات وكسب الوقت في ذلك، بيد أنّ الأخيرة ستحاول الحفاظ على مكانتها الاقتصاديّة من خلال تقديم مزيد من الاغراءات والامتيازات، في ظل الاحتقان السياسيّ المتزايد بين حكام البلدين الذين يحكمون بشكل مطلق، ما يعني أنّه سيتم هدر الكثير من الأموال في تلميع صور المشاريع واستنساخها دون مبررات اقتصاديّة مقنعة.
خلاصة القول، تحول التحالف بين الإمارات والسعودية إلى عداء واضح، ستزداد حدته أكثر بعد أن وقعت السعودية وعُمان على مذكرة تفاهم بشأن تأسيس مجلس تنسيق بينهما، برئاسة وزيري خارجية البلدين، اللّذين وجها الجهات المعنية بالإسراع في افتتاح الطريق البريّ الواصل بين المملكة والسلطنة، وأبرمهما مذكرات تفاهم في المجالات كافة لرفع وتيرة التعاون الاقتصاديّ للوصول إلى تبادلات تجاريّة واستثماريّة نوعية تحقّق أهداف البلدين، وبالتالي فإنّ هذا الموضوع سيؤثر بشكل كبير على العلاقات الخليجيّة المتوترة بطبعها بين كافة دول مجلس التعاون.