الوقت- عقب إعلان الرئيس الأمريكيّ المنتهية ولايته، دونالد ترامب عن التوصل إلى ما أسماه "اتفاق تاريخيّ" لاستئناف العلاقات بين العدو الصهيونيّ والرباط قبل مدة، مقابل اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الأراضي التي تحتلها في الصحراء الغربيّة، كشفت صحيفة "الأيام" المغربيّة، أنّ الرباط توصلت إلى اتفاق مبدئيّ مع الإدارة الأمريكيّة لنقل القاعدة العسكرية الأمريكيّة "روتا" الموجودة في مدينة قادس الإسبانيّة إلى المغرب، وبالضبط إلى الأقاليم الجنوبيّة للمملكة، ولم تذكر الصحيفة المدينة المغربيّة الصحراويّة التي ستحتضن هذه القاعدة، فيما تشير التخمينات إلى مدينة طانطان التي عادة ما تحتضن مناورات "الأسد الإفريقيّ" بين الجيش المغربيّ ونظيره الأمريكيّ.
نفيّ رسميّ
رغم النفيّ الرسميّ على لسان رئيس الحكومة المغربيّة، سعد الدين العثماني، الذي قال إنّه "لا يوجد نية لإنشاء قاعدة عسكريّة أمريكيّة في الصحراء المغربيّة، كما روجت له بعض الأوساط"، إلا أنّ المصادر الإعلاميّة المغربيّة تؤكّد أنّ كلام المسؤول المغربيّ لا يعدو عن كونه إجابة دبلوماسيّة وتريثاً حتى لا يتم استباق الأمور، وخاصة أنّ العثماني يعرف أكثر من غيره أنّ ملف الدفاع والجيش ليس من اختصاصاته، ولم تؤخذ تصريحات المسؤول المغربيّ على محمل الجد لأنّه بلاده في وقت سابق أكّد رفضها عملية التطبيع مع كيان الاحتلال الغاشم، إلا أنّها وقّعت الاتفاقية بعد فترة قصيرة من توقيع البحرين والإمارات والسودان.
وفي هذا الشأن، يجري الحديث عن هذا الاتفاق المبدئيّ مع الولايات المتحدة عقب توقيع المغرب اتفاقاً عسكرياً يمتد لـ10 سنوات مع واشنطن، ختمه بشكل شخصيّ وزير الدفاع الأمريكيّ، مارك إيسبر، في العاصمة المغربيّة على هامش لقائه بقيادات الجيش المغربيّ وبوزير الخارجية، ناصر بوريطة.
وحول هذا الموضوع، يبدو أنّ التنبؤات والتحليلات لا تستبعد أن يتم الإعلان عن القاعدة العسكريّة قريباً على هامش افتتاح القنصليّة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكيّة في مدينة الداخلة في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، لتكون بذلك جزءاً من الدعم الذي تقدمه واشنطن للمغرب بعد أن تم إدخال الرباط في حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع الكيان الصهيونيّ العدو الأكبر للعرب والمسلمين.
الموقف الإسبانيّ
في ظل كل تلك التسريبات التي أثارت جدلاً سياسيّاً واسعاً، بالإضافة إلى الخلافات المستعصية بين المغرب وإسبانيا بشأن ملف سبتة ومليلية المحتلتين، يتشبث البلدان بانعقاد اللجنة العليا المشتركة بينهما في شهر شباط المقبل، حيث أوضحت وزيرة الخارجية الإسبانيّة، أرانشا جونزاليز لايا، قبل أيام، أنّها أجرت اتصالا هاتفيا مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة، لبدء التحضير لانعقاد الاجتماع رفيع المستوى، والذي تم تأجيله بسبب فيروس “كورونا”، حسب ما جرى الإعلان عنه رسميّاً، لكنه وبحسب مراقبين كان بسبب الأزمة الصامتة بين مدريد والرباط.
وفي ظل الإصرار المغربيّ على عقد اللجنة العليا المشتركة بشكل حضوريّ لأسباب غير معروفة، تؤكّد وزيرة الخارجية الإسبانيّة أنّ العلاقات مع المملكة المغربيّة طبيعية تماماً رغم تأجيل القمة المشتركة بين الحكومتين"، في رد حول الأخبار التي أشارت إلى وجود مفاوضات لنقل أحد فروع القيادة العسكريّة الأمريكيّة من إسبانيا إلى الصحراء المغربيّة في الأقاليم الجنوبيّة، أشارت إلى أنّه "لا يوجد سبب للخوف بشأن القاعدتين الأمريكيتين في روتا "قادس" وفي مورون دي لا فرونتيرا "إشبيلية"، مضيفة أنّ العلاقات بين واشنطن ومدريد فيما يخص القاعدتين العسكريتين روتا ومورون، وثيقة للغاية وفي انسجام كبير، بحسب تعبيرها.
الموقف الجزائريّ
لا يخفى على أحد حجم توتر العلاقات بين الجزائر و المغرب، حيث عبرت مصادر جزائريّة عبرت عن تخوفها من نقل القاعدة العسكرية الأمريكية من أوروبا إلى الصحراء المغربيّة، معتبرة الخطوة بمثابة "تهديد حقيقي" للجزائر، في خضم الأجواء السياسية المتوترة أصلاً بين البلدين، وتضيف عملية نقل القاعدة الأمريكيّة في حال تمت، فصلاً جديداً من فصول التوتر بينهما.
وفي وقت سابق، أوضحت تقارير إعلامية إسبانيّة عن تقديم المغرب عرضاً لأمريكا من أجل نقل قاعدتها "روتا" من إسبانيا إلى المغرب، بعد قرب انتهاء العقد بين واشنطن ومدريد في 2021، لكن السفارة الأمريكية بالرباط نفت حينها دقة هذه التقارير، وأكدت أن واشنطن لا تعتزم نقل قواتها وموادها من قاعدة روتا البحريّة في جنوب إسبانيا إلى القاعدة المغربيّة في القصر الصغير.
وما ينبغي ذكره أنَّ العلاقات بين الجزائر والمغرب تشهد انقطاعاً شبه تام على خلفية ملف الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، إضافة إلى قضية "الصحراء الغربية" ، التي يُسيطر المغرب على أجزاء كبيرة منها، و المتنازع عليها بين الرباط وجبهة “البوليساريو”، التي أعلنت في وقت سابق عن تأسيسها لما أسمته "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" و شكلت حكومتها في "تندوف" بالجزائر.
ويشهد الإقليم الصحراويّ الذي اعترفت واشنطن بسيادة المغرب عليه بعد التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، نزاعاً منذ عام 1975 بين المغرب وجبهة "البوليساريو"، وذلك بعد انتهاء فترة وجود الاحتلال الإسبانيّ في المنطقة، ليتحول إلى مواجهة مسلحة بين الجانبين، توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، حيث تقترح الرباط حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيطرتها، فيما تطالب جبهة "البوليساريو" باستفتاء يقرر مصيرهم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي عشرات آلاف اللاجئين من منطقة الصحراء الغربيّة.