الوقت- عقب إعلان دونالد ترامب الأسبوع المنصرم، التوصل إلى ما أسماه "اتفاقاً تاريخيّاً" لاستئناف العلاقات بين العدو الصهيونيّ والرباط مقابل اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الأراضي التي تحتلها في الصحراء الغربيّة، ووصول وفد صهيونيّ - أمريكيّ إلى المغرب الثلاثاء الماضي، ضج الشارع المغربيّ بسبب رفضه إقامة علاقات مع الكيان الغاصب، فيما أعرب نحو 30 حزباً وجمعية مناهضة للتطبيع مع الكيان، من التيارين اليساريّ والإسلاميّ، عن رفضهم لزيارة الوفد إلى بلادهم، وأكد رئيس المرصد المغربيّ لمناهضة التطبيع مع العدو، أحمد ويحمان، أن أيّ تطبيع مع الكيان الصهيونيّ هو اعتداء على مشاعر الشعب المغربيّ، وإهانة لا يمكن تغطيتها بأيّ حديث عن المصلحة الوطنيّة.
رفض شعبيّ عارم
عكست مواقع التواصل الاجتماعيّ الرفض الشعبيّ المغربيّ للإساءات التي قامت بها حكومتهم بحق المغرب أولاً وفلسطين ثانيّاً، منذ هبوط طائرة العدو الغاشم التي تقلّ وفداً إسرائيليّاً – أمريكيّاً، برئاسة مستشار الأمن القوميّ الصهيونيّ مئير بن شبات، وبرفقة صهر ومستشار الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، اليهوديّ جاريد كوشنر، الراعي الرسميّ لإدخال الدول الخانعة إلى حظيرة التطبيع، حيث أبرم الجانبان عدة اتفاقيات خاصة في المجال السياحيّ والاستثماريّ، في حين جاء الوجود الأمريكيّ لإجبار الملك المغربيّ محمد السادس على تقديم تنازلات أكثر لتل أبيب.
وما أثار غضب الشارع المغربيّ تصريحات كوشنر قبيل إقلاع طائرة العدو، حيث قال إنّه كان هنا قبل شهرين بمناسبة أول رحلة طيران من الأراضي المحتلة إلى الإمارات بعد ما أسماه "الاختراق التاريخيّ" من أجل ما وصفه بـ "السلام"، وتمنى أن تخلق هذه الرحلة إلى المغرب نفس القدر من الزخم الذي حظيت به رحلات الطيران التجارية ذهاباً وإياباً مع الإمارات، في الوقت الذي يرفض فيه المغربيون أن تطأ أقدام أعدائهم تراب وطنهم.
وقد لقيت تصريحات الصهيونيّ كوشنر الذي لم يتجاوز عمره الـ40 عاماً ردود أفعال غاضبة، بسبب حديثه بشأن وجود فصل بين اليهود والمسلمين على مدى السنوات الـ75 الماضية، وأنّه يرى الآن استعادة لقاعدة حياة اليهود والمسلمين في هذه المنطقة منذ مئات وآلاف السنين، وقد تعمد صهر ترامب تشويه الحقائق الخالدة بأنّ لا مشكلة بين دين وآخر في هذه المنطقة بل بين صاحب أرض ومحتل لها.
ومن الجدير بالذكر أنّ رئيس هيئة الأمن القوميّ الصهيونيّ، مائير بن شبات، أوضح عزم كيانه على ترجمة ما أسماه "الإنجاز الدبلوماسيّ" المتمثل بإقامة العلاقات الرسميّة مع المغرب إلى خطوات عمليّة، وأنّ الجانبين سيبحثان التعاون في مجالات الطيران والزراعة والاقتصاد والمياه، قائلاً: "التاريخ يكتب أمام عيوننا"، فيما يرى المغربيون أن بلادهم تسرق من بين أيديهم وأنّ العدو وصل بإرادة حكومتهم إلى ديارهم.
شعب مقاوم وحكومة عميلة
على هامش الزيارة الرسميّة التي قام بها الوفد الأمريكي - الصهيونيّ إلى المغرب على متن أول رحلة تجارية بين تل أبيب و الرباط، هرولت حكومة المغرب إلى التوقيع على إعلان ثلاثي مشترك مع الكيان الغاصب وأمريكا الثلاثاء المنصرم، وخلال مؤتمر صحفي مشترك بين ممثلي الدول الثلاث كشف فيه وزير الشؤون الخارجية والمغتربين والتعاون الإفريقي، ناصر بوريطة، عن إقامة ما أسماها "علاقات دبلوماسية سلمية ودية وكاملة" بين الرباط وتل أبيب لخدمة السلام في المنطقة وتعزيز الأمن الاقليميّ، وفق ادعاءاته المفضوحة.
وفي هذا الصدد، تضمن الإعلان الثلاثي ثلاثة محاور أولها الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بين البلدين مع فتح حقوق استعمال المجال الجويّ، وثانيها الاستئناف الفوريّ للاتصالات الرسميّة الكاملة بين مسؤولي الكيان والمغرب وإقامة علاقات أخويّة ودبلوماسيّة كاملة، وثالثها تشجيع تعاون اقتصاديّ ديناميكيّ وخلاق ومواصلة العمل في مجال التجارة والماليّة والاستثمار وغيرها من القطاعات الأخرى، وأوضح بوريطة أن المغرب والعدو الصهيونيّ اتفقا على إعادة فتح مكتبيّ الاتصال في الرباط وتل أبيب خلال الأسبوعين المقبلين.
وفي هذا السياق، أصبح المغرب رابع دولة تدخل حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع الصهاينة، بعد الإمارات والبحرين والسودان في هذا العام، بالتزامن مع تسارع وتيرة التطبيع من بعض الدول والانظمة لتنفيذ الاملاءات الامريكية، فيما يرفض الشعب المغربيّ بشكل مطلق خيانة فلسطين والقدس مقابل الوعود الأمريكيّ بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربيّة التي تحتل جزءاً كبيراً منها، ما يؤكّد أنّ الأهداف الأمريكيّة والصهيونيّة لن تمر بسهولة في هذا البلد مع اتساع الفجوة بين الحكومة العميلة وشعبها المقاوم.
وقد عبر الشعب المغربيّ عن شجبه للتطبيع مع العدو الصهيونيّ من خلال وسائل التواصل الاجتماعيّ، مندداً بما جاء على لسان وزير الخارجية المغربيّ، ناصر بوريطة، الأسبوع الماضي، والذي زعم أنّ قرار استئناف العلاقات مع العدو لن يكون على حساب القضيّة الفلسطينيّة وإنما في مصلحة حل الدولتين، فيما يدرك المغربيون جيداً حجم التكالب على فلسطين وداعميها من خلال الانجرار نحو اتفاقات العار لتمرير "صفعة القرن" التي تهدف إلى تصفيّة قضيّة الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، والغوص في مشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة.
وفي هذا الشأن، أعرب نحو ثلاثين حزباً وجمعية مناهضة للتطبيع مع الكيان، من التيارين اليساريّ والإسلاميّ، في بيان الثلاثاء الماضي، عن رفضهم لزيارة الوفد الصهيونيّ الأمريكي للمغرب، عقب استئناف العلاقات مع تل أبيب، ما دعم من الموقف الشعبيّ في بلد مناصر للقضية الفلسطينية كما الفلسطينيين.
وما ينبغي ذكره، أنّ رئيس المرصد المغربيّ لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، أحمد ويحمان، أشار إلى أنّ التطبيع يتناقض مع النزاع الحقوقي والديني والروحي والأخلاقي، كما أنه يتم مع عدو يدنس مقدسات المغاربة ويحتل أولى قبلتهم ومسرى رسولهم يومياً، وأضاف إن الاحتلال يسعى لإقامة الهيكل المزعوم، وصادر ممتلكات وأوقاف الفلسطينيين وهدم حارة المغاربة في القدس، مؤكّداً وجوب أن يتفادى المغرب لغماً من الألغام التي ألقت بها أمريكا بمعية الكيان الصهيوني، وهو أن يصطدم الشعب بالدولة وأن تصطدم هذه الأخيرة بمواطنيها.