الوقت -في ظل الظروف التي كانت انظار الساحة السياسية العراقية تتجه نحو عدنان الزرفي الذي كُلف من قبل رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح لتشكيل الحكومة في 17 مارس 2020، ظهر فجأة اسم جديد على الساحة السياسية لتولي منصب رئاسة الوزراء، وذلك بعد إعلان استقالة الزرفي، في 9 أبريل 2020، حيث عيّن برهم صالح، مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة القادمة.
وخلافا لشخصيات مثل محمد توفيق علوي وعدنان الزرفي، فقد شهدنا حتى الآن موافقة الكثير من التيارات والأحزاب السياسية في العراق مع مرشح رئاسة الوزراء والصحفي السابق، مصطفى الكاظمي، مقابل قلة ردود الفعل الرافضة لتوليه هذا المنصب. وقد زاد هذا بشكل كبير من فرصه في تولي رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة. ولهذا الغرض، سندرس أهم ردود الفعل على المستويين المحلي والدولي لتكليف الكاظمي.
ردود فعل شيعية مؤيدة ومعارضة لتكليف الكاظمي
هنالك بين الأحزاب السياسية الشيعية، فئتين لها ردود فعل مختلفة عن الأخرى، واحدة تؤيد تكليف الكاظمي لتشكيل الحكومة والأخرى تعارض. ومع ذلك، يمكن تقييم موقف الأحزاب السياسية الشيعية على أنها مؤيدة للتكليف. وفي هذا الصدد، شدد تحالف النصر برئاسة حيدر العبادي، الذي كان قد دعم تكليف عدنان الزرفي لرئاسة الوزراء، أنه مستعد للعمل بغية التوصل إلى تفاهم لتشكيل حكومة جديدة وذلك بعد تكليف الكاظمي.
وعلى صعيد آخر، شدد تحالف سائرون المدعوم من مقتدى الصدر، على أن دعم سائرون للكاظمي مشروط بالتزاماته التي قطعها للشعب. وقال علي العبودي، العضو في تيار الحكمة الوطنية برئاسة السيد عمار الحكيم في البرلمان العراقي، إن الأحزاب الشيعية السبعة وافقت على دعم تكليف الكاظمي. كما أعرب هادي العامري، زعيم حركة الفتح المقربة من الحشد الشعبي، عن دعمه للكاظمي، واصفًا انتخابه بأنه عودة الأوضاع في العراق الى اطارها القانوني.
وفي سياق هذه المواقف المؤيدة، تجدر الإشارة إلى أن كل من السيد عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، هادي العامري زعيم حركة الفتح، فالح الفياض زعيم حركة عطاء، نصار الربيعي عن تحالف سائرون، الشيخ حليم الزهيري عن حزب الدعوة الإسلامية جناح نوري المالكي وحيدر العبادي كانوا حاضرين اثناء مراسيم تكليف الكاظمي برئاسة الوزراء، وهي تدل على الدعم الكامل من قبل الزعماء السياسيين له.
وفي مقابل هذه المواقف المؤيدة للكاظمي، كان لصادق الموسوي، المعارض السابق لحزب البعث البائد، والمقرب من المؤتمر الوطني العراقي، موقف مخالف تجاه تكليف الكاظمي لرئاسة الوزراء وقال في تغريدة له على تويتر أن مصطفى الكاظمي ليس رجل المرحلة الحالية التي يمر بها العراق.
بالإضافة إلى ذلك، عبّرت كتائب حزب الله العراقية، عن مخالفتها لتكليف الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة في العراق، واعتبرت ترشيحه لهذا المنصب بمثابة خيانة للبلاد. ووفقا للسومرية نيوز، أصدرت كتائب حزب الله في العراق بيانا حادا يوم الجمعة الماضي حول تكليف رئيس المخابرات العراقية مصطفى كاظمي رئيسا للوزراء في الحكومة الاتحادية الجديدة، وانتقدت بشدة تكليفه لهذا المنصب. ووصفت كتائب حزب الله العراقية في بيان، ان إجماع الأحزاب السياسية على ترشيح شخصية مشبوهة، لا تنطبق عليها المعايير اللازمة لمنصب رئيس الوزراء، وبهذا الشكل الاحتفالي، هو تفريط بحقوق الشعب وتضحياته وخيانة لتاريخ العراق. كما أكد بيان الكتائب ان محاولة القوى السياسية عبور هذه المرحلة بالرضوخ لضغوط الأعداء والتسليم لخياراتهم والسقوط في فخ مصيبة المغامرين القابعين في دهاليز التآمر الأهوج، عجز ما بعده عجز.
الترحيب غير المسبوق للأكراد برئيس الوزراء الجديد
على المستوى اقليم كردستان، قوبل الكاظمي برد فعل مؤيد غير مسبوق. وفي هذا الصدد، فبالإضافة إلى الدعم الشامل لوسائل الإعلام في إقليم كردستان للكاظمي، أعلن مكتب رئيس وزراء الإقليم في بيان أن رئيس الوزراء مسرور بارزاني أجرى مكالمة هاتفية مع مصطفى كاظمي، المكلف الجديد لرئاسة لحكومة العراقية، وأعلن عن دعمه له. وبحسب الاعلان، أكد رئيس وزراء اقليم كردستان مسرور برزاني، الخميس 9 نيسان 2020، خلال اتصال هاتفي مع مصطفى الكاظمي، ضمن اعلانه عن دعمه له ان: "الاجراءات الثنائية لحل القضايا والمشكلات بين الإقليم والحكومة المركزية، يجب أن يكون وفقا للدستور العراقي.
العرب السنة يرحبون بالكاظمي
على غرار الأكراد، دعم السنة بقوة رئيس الوزراء المكلف. وفي أول رد فعل إيجابي، قال إياد علاوي، زعيم تحالف الوطنية، الذي عارض تولي ابن عمه محمد توفيق العلوي رئاسة الوزراء، وظل صامتًا بشأن تكليف الزرفي، إنه يتفق مع تكليف الكاظمي لتسلم المنصب. ودعا علاوي مصطفى الكاظمي إلى الامتثال لمطالب المتظاهرين والنقابات العمالية المختلفة في العراق لتشكيل حكومته. وأضاف إنه اتفق قبل شهرين مع مسعود بارزاني على التشاور مع التيارات السياسية بشأن ترشيح مصطفى الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء.
وبالإضافة إلى علاوي، أصدر تحالف القوى العراقية بقيادة رئيس مجلس النواب محمد حلبوسي بيانا أعلن فيه عن دعم ترشيح مصطفى كاظمي، الرئيس الحالي لوكالة المخابرات العراقية، لمنصب رئيس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة. وقال ائتلاف القوى العراقية، أكبر تحالف سني في البرلمان العراقي، في بيان إنه ملتزم بدعم استقرار البلاد والتحرك نحو الخيارات الوطنية لتشكيل حكومة اتحادية جديدة ضمن جدول زمني محدد وفقا للدستور العراقي.
ترحيب ايراني برئيس الوزراء المكلف
بالإضافة الى مواقف الأحزاب العراقية الداخلية، يعد دعم اللاعبَين الرئيسيَين، أي الجمهورية الاسلامية الايرانية وأمريكا، على الساحة السياسية العراقية وفي تعيين رئيس الوزراء العراقي في غاية الأهمية. وفي هذا الصدد، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية، سيد عباس موسوي، أن "جمهورية إيران الإسلامية تدعم دائما الاستقلال والسيادة الوطنية ووحدة البلاد والاستقرار السياسي في العراق، وتَعتَبر ان السبيل الوحيد لتسوية الأزمات والنزعات في العراق لا يتحقق الا عن طريق توافق جميع التيارات السياسية العراقية من خلال المراحل والإجراءات الديمقراطية في البلاد. لذلك ترحب جمهورية إيران الإسلامية باتفاق القوى السياسية في العراق، والذي أسفر عن ترشيح السيد مصطفى الكاظمي رئيسا جديدا للوزراء، وتعتبره خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح.
كما هنأ إيرج مسجدي، سفير الجمهورية الإسلامية في بغداد، رئيس الوزراء العراقي على انتخابه يوم الجمعة لتشكيل الحكومة العراقية وقال إن موقف إيران من انتخاب مصطفى الكاظمي كان إيجابيا. وفي مقابلة مع وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية، صرح مسجدي أن انتخاب الكاظمي جرى في المسار القانوني حيث تم ترشيحه من قبل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي الى رئيس الجمهورية برهم صالح ليكلفه بتشكيل الحكومة القادمة.
الدعم النسبي لأمريكا للكاظمي
بالإضافة إلى إيران، رحبت أمريكا بتعيين رئيس المخابرات العراقية الجديد كمرشح جديد لرئاسة الوزراء. وبحسب وكالة المسلة، رحب ديفيد شينكر نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، بتعيين مصطفى الكاظمي، رئيس جهاز المخابرات العراقية، رئيسًا جديدًا للوزراء. وفي هذا الصدد قال شينكر: إن الكاظمي أثبت في مسؤولياته السابقة أنه شخصية وطنية كفوءة. وأعرب شانكر عن أمله في أن يتمكن الكاظمي من تشكيل حكومة "مستقلة" و"قوية" في أقرب وقت ممكن.