الوقت - لقد حسمت الحكومة السورية قرارها بطرد الإرهابيين من إدلب بالکامل، وإظهار سيادتها على منطقة إدلب الإستراتيجية والمهمة لبلدان المنطقة والعالم. ولكن تركيا غير راضية عن هذا الوضع، وقد دعا قادة أنقرة في مواقف غريبة دمشق إلى الانسحاب في أقرب وقت ممكن وسحب قواتها!
التفاوض وإرسال تعزيزات
أرسلت تركيا وحدةً تعزيزيةً إلى إدلب في الوقت الذي تتفاوض فيه مع الوفد العسکري الروسي بشأن إدلب، ونشرت وسائل إعلام أنقرة صباح اليوم صوراً لقافلة عسكرية ترکية تنتقل إلى الحدود السورية.
وأفادت وكالة أنباء الأناضول التي تديرها الدولة، أن الجيش التركي أرسل عدة مدافع لتعزيز مواقعه في إدلب بسوريا، وعبرت المعدات العسكرية التركية محافظة هاتاي إلى مدينة "ريحانلي" الحدودية ومنها إلی سوريا.
الاستعراض العسكري ومناقشة موضوع إدلب في الأمم المتحدة
بينما يطلق الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" والمتحدث باسمه ومستشاره "إبراهيم كالين" التهديدات وتحديد المواعيد لحكومة دمشق، عقدت الأمم المتحدة اجتماعاً حول إدلب.
وفي هذا الاجتماع، قال "فريدون سينيرلي اوغلو" الممثل الدائم لتركيا لدى الامم المتحدة: "تركيا لن تسحب قواتها من شمال غرب سوريا وستواصل مراكز المراقبة الخاصة بنا عملها".
وهدد مرةً أخرى الحكومة السورية، وأضاف: "لن يكون هناك أي هجوم على الأمن التركي وقواته دون دفع الثمن. سنمارس حقنا المشروع في الدفاع عن النفس. أنا لا أتحدث هنا عن خط أحمر، فهذا تحذير".
كما اتهم سينيرلي أوغلو الحكومة السورية مرةً أخرى باستخدام الأسلحة الكيماوية وتعذيب المدنيين، مثل الأشهر والسنوات الماضية.
لكن الممثل الدائم لسوريا "بشار الجعفري" وإذ انتقد سياسات تركيا، أکد علی مواقف حكومة دمشق تجاه مكافحة الجماعات المتطرفة والإرهابية.
وقال الجعفري: "من المدهش أن مجلس الأمن دعا لعقد اجتماع استثنائي بشأن إدلب، بينما يرفض أعضاؤه إدانة الأعمال العدائية والاحتلالية والسرقة التي يرتكبها النظام التركي في سوريا".
كما أكد جعفري على إرادة دمشق لاستعادة إدلب بالكامل، وأضاف: "يجب على مجلس الأمن أن يتحمل مسؤولياته، ويجبر النظام التركي علی إنهاء دعمه الشامل للإرهاب في سوريا، وعدم السعي إلى نشر إرهابيين أجانب على الأراضي السورية".
تركيا، في الوقت نفسه، تأمل في منع الرئيس السوري من التقدم من خلال شريكتيها في "أستانة" أي إيران وروسيا، وفي هذا السياق قال وزير الخارجية التركي "مولود تشاووش أوغلو" بالأمس في أنقرة، متحدثًا إلى الصحفيين حول إدلب: "لقد أطلقنا آليات أستانة وسوتشي مع روسيا وإيران. هدفنا من إقرار وقف إطلاق النار في سوريا، هو ضمان استمراريته وتسهيل عملية الحل السياسي".
المواقف الذكية لإيران وروسيا
بينما دعت تركيا إلى الوساطة الإيرانية والروسية في إدلب، أدلى دبلوماسيون من كلا البلدين بتصريحات ذكية بأنهم لا يعارضون هدف دمشق الرئيس المتمثل في السيطرة الكاملة على أراضيها.
حيث قال وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" إن موسكو ستواصل العمل مع تركيا لتخفيف التوترات في شمال سوريا وفقاً لاتفاق أستانة.
وأضاف أيضًا: "موسكو على اتصال بتركيا بشأن التطورات في إدلب، وتحاول القوات الروسية والتركية تهدئة الوضع الأمني في هذه المحافظة".
لكن مواقف الممثل الدائم لجمهورية إيران الإسلامية لدى الأمم المتحدة هي الأخری ذات أهمية كبيرة. حيث أعلن "تخت روانجي" استعداد طهران لاستخدام الجهود الجميلة للمساعدة في حل النزاع السياسي الحالي بين تركيا وسوريا حول الوضع في إدلب، وقال: "قمة عملية أستانا التي من المقرر عقدها في طهران في المستقبل القريب، هي فرصة حاسمة لمراجعة شاملة للوضع في سوريا".
لكن الجزء الأكثر أهميةً من تصريحات مجيد تخت روانجي حول التطورات في إدلب وخلافات أنقرة – دمشق، تمثّل في قوله: "نحن بحاجة إلى التأكد من أن هذه الأزمة سيتم حلها سياسياً، وفي الوقت نفسه يجب عدم السماح للإرهابيين باستخدام هذا الموقف وتعزيز مواقعهم وتحويل إدلب إلی ملاذ آمن لأنفسهم. يجب أن نكون حذرين للغاية من عدم استبدال حماية المدنيين بحماية الإرهابيين".
لغز اسمه نقاط المراقبة العسكرية
وفقًا لاتفاقات أستانة وسوتشي، كانت نقاط المراقبة الإيرانية والروسية والتركية في إدلب أداةً للسيطرة على التوترات في إدلب والمساعدة في حل الأزمة تدريجيًا، لكن الآن وبعد فشل محاولة إقناع الإرهابيين في إدلب، فقدت المراقبة معناها، وتريد الحكومة السورية السيطرة على إدلب بكاملها.
لكن حكومة أردوغان تذرّعت بحماية قواتها عند نقاط التفتيش العسكرية، وأرسلت مزيدًا من التعزيزات والمعدات إلی القرب من سراقب وإدلب، ما قد يكون علامةً على جهود أردوغان السياسية لتسجيل نقاط، وکذلك عملاً عسكرياً متهوّراً يمكن أن يؤجج التوترات في إدلب.
وفي ظل الظروف الحالية، يبدو أن فريق أردوغان ليس لديه خيار سوى مغادرة إدلب، وبالإضافة إلى شريكتي تركيا في أستانة؛ تميل الحكومة السورية أيضًا إلى اتخاذ خطوات أساسية لحل الأزمة السورية بالكامل، من خلال حل معضلة إدلب.