الوقت- منذ وصول الملك سلمان الى سدة الحكم في السعودية بدأ بإصدار المراسيم الملكية وإجراء التغييرات في بنية النظام السعودي والسياسة المتبعة من قبل سلفه سواء السياسة الداخلية التي تميزت بزيادة الرواتب وإعطاء الهبات والسخاء في صرف الأموال على مراسم التتويج أو في سياسته الخارجية التي تميزت منذ وصوله الى كرسي الخلافة باندفاعها وتسرعها في الكثير من الملفات وخاصة الملف اليمني، هذه السياسة الجديدة المتبعة من قبل الملك وابنه محمد بن سلمان كان لها الأثر الأكبر لبروز العديد من التحديات الاقتصادية التي تواجه السعودية والملك سلمان وحكومته على حدٍ سواء.
فمنذ وصول الملك سلمان الى كرسي الخلافة في السعودية اتبع سياسة اقتصادية جديدة تعتمد على زيادة الإنفاق الحكومي بشكل ملحوظ بالمقارنة مع مستوى الإنفاق العام للعام الماضي، الى جانب رفع رواتب الموظفين وإعطاء الهبات لكسب التأييد الشعبي ومنع أي اضطرابات داخلية محتملة، كما أن ازدياد تدخل السعودية في ملفات المنطقة كالحرب التي تشنها بمساعدة دول عربية وأجنبية على اليمن والمستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر أثقلت كاهل الملك سلمان والخزينة السعودية لجهة التكاليف الباهظة التي حملتها معها حيث تقدر تكلفة هذه الحرب الى الآن بعشرات المليارات من الدولارات بالإضافة الى التدخل السعودي في سوريا من ناحية تقديم كافة أشكال الدعم للمجموعات المسلحة والمتمثل بالدعم المادي والمعنوي واللوجستي أيضاً.
كما أن مشاركة السعودية في الحلف الذي تقوده واشنطن لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي والنفقات المترتبة على هذه المشاركة أدت مجتمعة مع العوامل السابقة الى ازدياد الإنفاق الحكومي في السعودية الى مستويات قياسية على الرغم من الهبوط الحاد في أسعار النفط الأمر الذي أدى الى إيجاد عجز في ميزانية السعودية لعام 2015 وذلك حسب تقديرات الحكومة السعودية إذ تقدر نفقات الحكومة السعودية للعام 2015 بـ860 مليار ريال سعودي ما يعادل "229 مليار دولار" حيث قدرت ايرادات الحكومة بـ715 مليار ريال ما يعادل "191 مليار دولار" متوقعةً عجزاً بـ145 مليار ريال "38 مليار دولار" ما يعادل 0.5% من الناتج المحلي بالأسعار الجارية عام 2014.
وذكرت صحيفة "فاينينشيال تايمز" بأن السعودية تنوي زيادة الإنفاق العسكري بنسبة 27% ليصل الى 62 مليار دولار أمريكي خلال الخمس سنوات القادمة، وأضافت الصحيفة بأن السعودية في طريقها لتصبح أكبر دولة تنفق على قوتها العسكرية في العالم بحلول عام 2020 وذلك بزيادة ميزانيتها الدفاعية بنسبة 27% على الرغم من انخفاض أسعار النفط.
وفي سياق متصل يتوقع صندوق النقد الدولي أن تواجه السعودية عجزاً مالياً بنسبة 20% هذا العام بسبب زيادة الإنفاق الحكومي عن الإيرادات وذلك وفقاً للسياسة المتبعة من قبل الملك سلمان، هذا العجز في الميزانية وزيادة الإنفاق وانخفاض أسعار النفط الى ما دون 50 دولار أمريكي للبرميل الواحد أجبر الحكومة السعودية على أن تسحب من احتياطي الدولار لديها لسد العجز الحاصل في الميزانية، وقُدر انخفاض الإحتياطي السعودي من النقد الأجنبي 11.6 مليار دولار ليصبح 683 مليار دولار وكان قد انخفض في العام الماضي بنحو 60 مليار دولار ومع استمرار السياسة الاقتصادية الحالية للملك سلمان والحكومة السعودية فإن الاحتياطي السعودي من النقد الأجنبي سينخفض بشكل حاد الى أدنى مستوياته في تاريخ السعودية خلال السنوات الخمس المقبلة، ويرجح صندوق النقد الدولي أيضاً بأن ينخفض النمو الاقتصادي السعودي من نسبة 3.5% ليصل الى 2.6 في عام 2016.
في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها المنطقة وانعدام الآفاق لجهة إيجاد حل للأزمة اليمنية خلال الفترة القادمة واصرار السعودية على استمرار العدوان على اليمن لتحقيق أهدافها وفي ظل التراجع الحاد الذي تشهده أسعار النفط وعدم قدرة منظمة أوبك على خفض الإنتاج لرفع أسعار النفط وذلك لعدم قبول السعودية المسيطرة على المنظمة باعتبارها أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم بخفض إنتاجها من النفط سعياً منها لضرب اقتصاد روسيا الذي يعتمد بشكل كبير على واردات النفط والغاز وذلك تلبيةً لطلب أمريكا باستهداف الاقتصاد الروسي بعد تطبيق العقوبات الأممية عليها على خلفية أحداث أوكرانيا وکذلك سعي السعودية من خلال خفض أسعار النفط الى شل الاقتصاد الإيراني الذي كان يعاني من عقوبات أممية صارمة قبل التوافق النووي الذي توصل اليه العالم مع ايران في شهر تموز الماضي، كل ذلك يشير إلى أن الوضع الإقتصادي للسعودية في حالة حرجة للغاية حيث تشير الدراسات إلى أن السعودية ستواجه الإفلاس خلال السنوات القليلة المقبلة إذاما استمرت بسياساتها الحالية الخاطئة التي لا تعتمد على أسسٍ منهجية أو منطقية.