الوقت- أصبح لتنظيم داعش الإرهابي قاعدة أساسية وكبرى في مدينة "سرت" الليبية، وأصبح يتمدد أكثر فأكثر ليدفع وزير الخارجية الليبي "محمد الدايري" بالمطالبة بتفعيل معاهدة الدفاع المشترك وإيجاد استراتيجية عربية من الجامعة العربية.
بدوره طالب الأمين العام للجامعة العربية "نبيل العربي" أيضا بوضع استراتيجية لم تضعها الجامعة بعد، على الرغم من أن الوظيفة الأساسية لها هي الاقتراح وإعداد الاستراتيجيات ولو كانت حبرا على ورق.
ربما يبدو أن حقيقة الاقتراحات والاستراتيجيات في الجامعة العربية باتت صدى لبعض الدول منذ استجلاب العدوان الأطلسي لتدمير ليبيا عام 2011، كما يبرهن على ذلك انحياز الجامعة في سوريا واليمن والعراق.
في ليبيا اليوم؛ وزير خارجيتها الذي كان في بعثة الجامعة العربية للأمم المتحدة لم يشر إلى تنظيم داعش في سوريا والعراق عبثا، إنما للدلالة على قومية المواجهة، بيْدَ أن الجامعة العربية تميل على ميول بعض دولها وعلى إملاءات خارجية أيضا، وهذا ما يبدو عند إمكانية استثمار تنظيم داعش في سوريا والعراق واليمن تحت أولوية المواجهة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولتغيير مواقع البلدان في المنطقة.
على هذا النحو أقرت الجامعة العربية ما تسعى إليه السعودية في استثمار داعش في ليبيا لتوسيع النفوذ الخليجي بحسب تجربة التحالف العربي الذي يعمل على تدمير اليمن، ليطلقوا على ذلك نهضة سعودية في حماية الأمة العربية، في السياق ذاته مانعت الرياض المساعدة المصرية في مواجهة أنصار الشريعة في بنغازي قبل تمددها تحت راية تنظيم داعش إلى مدينة "سرت" الليبية وحتى تونس والجزائر. ليبيا اليوم لا تريد أن يعيد التاريخ نفسه بالنسبة إلى الدمار لأراضيها والقتل لشعبها على يد حلف الناتو. وما خرج من الجامعة العربية يلوح بشكل أو بآخر بمنح الضوء الأخضر إلى الغرب بالتصرف في ليبيا مع رفع الأيادي العربية بالموافقة على أي قرار يتخذه الغرب.
مؤشرات غربية على احتمال عودة الناتو إلى ليبيا
تطورات الأوضاع في ليبيا وعلى رأسها تمدد تنظيم داعش حتى مدينة "سرت" تنبئ باحتمال تدخل عسكري دولي في هذا البلد تحت حجة مواجهة المجموعات الإرهابية وإنهاء الفوضى والانقسام السائدين فيه.
وعلى ضوء هذه التطورات، أبدت مصادر فرنسية قلقها من تمدد تنظيم داعش، وأكدت أنه لا يمكن للدول الأوروبية أن تبقى مكتوفة الأيدي، محذرة من التنظيم الإرهابي الذي يشكل تهديدا مباشرا لدول الضفة الشمالية للمتوسط لكن حلف الناتو أيضا يستبعد الإقدام على هذه الخطوة في ظل انتقادات لتركه الفوضى العارمة التي تسبب بها جراء تدخله في ليبيا عام 2011، ومع ذلك ربما يغير هذا الحلف موقفه خاصة اذا قامت الدول الأوروبية باتباع سياسة الترهيب من تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة واتباع ذريعة ملف عملية الدخول غير الشرعي إلى القارة الأوروبية.
تدخل جديد ربما ستشهده ليبيا مرة أخرى ربما لن يهدف إلى إنقاذ الشعب الليبي من الفوضى الدموية التي يعاني منها بتمدد تنظيم داعش الإرهابي إضافة إلى تهجير أكثر من نصف الشعب إلى دول الجوار، بل يستند الهدف إلى منع وصول تنظيم داعش ومعه الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.
أهداف استراتيجية أخرى ربما لم تبح أوروبا وعلى الخصوص فرنسا وبريطانيا بها، لكنها تشكل ركيزة أساسية في التوجه الغربي نحو دول شمال أفريقيا، ففي ليبيا يجب السيطرة الكاملة على مقدرات الدولة ومواردها المحورية من نفط وغاز، وكذلك جعل ليبيا موطئ قدم الأوروبيين في منطقة شمال أفريقيا في ظل الضعف الاقتصادي الذي تعاني منه أوروبا اليوم، والموقع الاستراتيجي الليبي وطول الساحل البحري، الذي يؤهل ليبيا لأن تكون محطة أوروبية جديدة للنقل البحري من وإلى إفريقيا.