الوقت- في بداية الألفية، كان محبي التكنولوجيا يتداولون عبارة "التلفزة التفاعلية" (Interactive television) كنوع من النظريات الطامحة في عالم المعلومات آنذاك، إلا أن الأمر قد تحوّل اليوم إلى واقع مشهود في ظل التطور التقني الكبير الذي يشهده العالم.
إذ أصبح بإمكان المُشاهد اليوم التفاعل مع المحتوى المعروض على الشاشة، ومشاهدة ما يريد في الوقت الذي يريد، والمشاركة في التصويت على البرامج خلال البث المباشر أو غير المباشر، والتحكم بالإعلانات التي تتخلل البث بما يتناسب مع ميوله، كما يمكن للمستخدم إيقاف البث المباشر مؤقتاً، أو إعادته إلى الخلف (بالطبع سيصبح العرض متأخراً قليلاً عن الوقت الحقيقي)، أو التنقل بين الكاميرات التي تقوم بالنقل المباشر، مثل مباريات كرة القدم أو برامج تلفزيون الواقع، ما يتيح للمستخدم مشاهدة ميدان التصوير من الزاوية التي يختارها بنفسه.
في بعض الأحيان قد تستخدم عبارة "التلفزيون الذكي" (Smart TV) كمرادف لمفهوم التلفزيون التفاعلي، وإن كانت تختلف بعض الشيء من ناحية المفهوم، إلا أن الجامع بين جميع أجهزة التلفزيون التفاعلي هو إمكانية وصلها على شبكة الانترنت من خلال بروتوكول الـ IP، لذلك تسمى IPTV، وبذلك يصبح عمل جهاز التلفزيون لا يقتصر على البث فحسب، بل يصبح بإمكانه استلام إشارة من المستخدم، وإرسالها إلى شبكة البث عبر الإنترنت، بما يوفر التفاعل بين شبكة البث ورغبات المستخدم.
ولعل أبرز خصائص التلفزيون التفاعلي هو خدمة الفيديو حسب الطلب (VOD)، وإمكانية التنقل بين الحلقات المختلفة للبرامج والأفلام والمسلسلات، الأمر الذي تقوم به العديد من المواقع الالكترونية اليوم تحت مسميات "تلفزيون الإنترنت"، والتي يمكن مشاهدتها على شاشة الكومبيوتر، مثل موقع شبكة netflix العالمية. عملياً يقوم جهاز التلفزيون التفاعلي بنفس دور جهاز الكومبيوتر من حيث إمكانية وصله على الانترنت، مع اختلاف أن المحتوى يتم عرضه وفق واجهة مستخدم تتناسب مع حجم شاشة التلفاز مع إمكانية التحكم بعرض المحتوى بالريمونت كنترول، بدلاً من لوحة المفاتيح.
كيفية تحويل جهاز التلفزيون العادي إلى تفاعلي ذكي
أصبحت أجهزة التلفزيون الذكية تشهد رواجاً كبيراً هذه الأيام، وكثير منها يعمل بنظام التشغيل أندرويد، ولديها قابلية الاتصال بالانترنت، حيث تقوم شركات محتوى الفيديو بإصدار تطبيقات اندرويد يمكن تثبيتها على هذه الأجهزة، هذا إضافة إلى إمكانية تثبيت تطبيقات الألعاب أو محادثات الفيديو وغيرها.
لكن في حال امتلاك جهاز تلفزيون عادي، لا داعي لاستبداله بآخر ذكي، حيث يمكن تحويله إلى جهاز تلفزيون تفاعلي من خلال استخدام أحد الوسائل التالية:
1- جهاز set up box: وهو جهاز استقبال (ریسفر) يتم وصله إلى جهاز التلفزيون العادي، ويتلقى الإشارة عبر شبكة الإنترنت بدلاً من الستلايت، وله جهاز تحكم خاص به، بعض هذه الأجهزة تعمل بنظام تشغيل اندرويد، ما يسمح بتثبيت أنواع تطبيقات اندرويد عليها، وتشغيل عدد غير محدود من محطات التلفزيون الإنترنتي، وبعضها الآخر تعمل بنظام لينوكس، وتكون عادة مخصصة لعرض محتوى شبكة فيديو تابعة لشركة محددة.
2- جهاز استقبال bbtv: وهي أجهزة استقبال تتلقى الإشارة عبر الستلايت والانترنت معاً، وهو الجيل الأحدث من مستقبلات إشارة الأقمار الصناعية.
استخدام تقنيات الذكاء الصنعي
تُواصل شركات التكنولوجيا بإضفاء المزيد من تقنيات الذكاء الصنعي على أجهزة التلفزيون المنزلية، حيث أصبح بالإمكان التفاعل مع التلفاز باستخدام الأوامر الصوتية، وذلك بالاعتماد على تقنيات معالجة اللغات الطبيعية، على سبيل المثال يمكن للمستخدم البحث عن المعلومات أو الصور أو مقاطع الفيديو التي تحتوي على محتوى معين من خلال أمر شفهي عبر جهاز الريموت كنترول، كأن يقول المستخدم مثلًا "أظهر لي جميع الأفلام التي لعب فيها هذا الممثل دور البطولة" أو "أظهر لي مقاطع الفيديو عن اليوغا"، كما يمكن إعطاء أوامر صوتية في الوقت الآني (realtime) أثناء عرض برنامج ما، كقول "ابحث عن الموسيقى التصويرية لهذا الفيلم" أو "أوقف تشغيل التلفاز عند انتهاء هذا البرنامج" دون أن تكرر اسم البرنامج أو تعيّن وقتاً محدداً لإيقاف التشغيل.
إمكانية التحكم بالأجهزة المنزلية الذكية
لا يقتصر دور أجهزة التلفزيون التفاعلي على كونها مجرد نافذة للعرض، بل يمكن أن تلعب دور مركز التحكم الذي يدير جميع الأجهزة المتصلة بشبكة المنزل الذكي، بدءاً من المصابيح الكهربائية وأجهزة التكييف وانتهاء بأجهزة المطبخ الذكية كآلة العصير وجهاز تحميص الخبز، وكل ما يحتاجه الأمر هو إضافة تطبيق التحكم بالمنزل الذكي إلى جهاز التلفزيون العامل بنظام الأندرويد، ومن ثم إعطاء الأوامر الصوتية للتلفاز بالتحكم بهذه الأجهزة، بل عرض المعلومات التي ترسلها هذه الأجهزة، كدرجة الحرارة في المنزل، وعدد المصابيح المضاءة، ومحتويات الثلاجة، وغيرها..
فرصة للمبرمجين
لا يتوقف تطوير التلفزيون التفاعلي وتطبيقاته على الشركات المصنعة لهذه الأجهزة فحسب، فمع اتساع اعتماد أجهزة التلفزيون الذكي على نظام التشغيل أندرويد، أصبح بإمكان مبرمجي تطبيقات الأندرويد، الدخول والمساهمة بشكل كبير في هذا العالم.
كمثال على ذلك تطبيق (SeeColors) الذي يساعد المصابين بعمى الألوان في الاستمتاع بتجربة مشاهدة مميزة وبألوان تتناسب مع قدرات أعينهم، حيث يتم تعديل الألوان آلياً وفقاً لحالة قصور عين المستخدم، ويمكن تحميل التطبيق من متجر "غوغل بلاي" على الإنترنت.
كما أن الانتشار الواعد لخدمات الجيل الرابع من الانترنت، وتوافر الانترنت بسرعات كبيرة، يجعل فكرة الاستثمار وريادة الأعمال في هذا المجال، فكرة معقولة ورابحة، ومن المتوقع أن يزيد الاهتمام بهذا المجال خلال السنوات القليلة القادمة.
بقلم: عبدالله شحادة