الوقت- عُقدت الانتخابات البرلمانية في مملكة ماليزيا أواخر الأسبوع الماضي ولكن نتائج هذه الانتخابات كانت مختلفة عن نتائج الانتخابات السابقة، حيث أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في ماليزيا بأن النتائج النهائية للانتخابات العامة أظهرت خسارة الائتلاف الحاكم بعد ستة عقود من حكمه لماليزيا وفوز زعيم تحالف المعارضة بالأغلبية في هذه الانتخابات النيابية، "مهاتير محمد" البالغ من العمر 92 عاماً وفي سياق متصل أعلنت مفوضية الانتخابات الماليزية بأن النتائج النهائية أظهرت حصول "تحالف الأمل" الذي يتزعمه "مهاتير" على 119 مقعداً من أصل 222 مقعداً في البرلمان، بينما حصل الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء "نجيب عبد الرزاق" على 79 مقعداً.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، من هو "مهاتير محمد" وكيف تمكّن من العودة إلى السلطة بعد غياب دام 14 سنة عن المناخ السياسي في ماليزيا؟
مهاتير محمد، الأب الروحي لماليزيا
بدأ الزعيم الماليزي "مهاتير محمد" مشواره السياسي بعدما فاز في الانتخابات البرلمانية الماليزية في عام 1964، حيث ترشح في تلك الانتخابات وفاز بها عن دائرته التي ولد فيها، إلا أنه خسر الانتخابات في عام 1969 ووفقاً للعديد من المصادر الإخبارية فإن "مهاتير محمد" عاد في عام 1973 إلى الحياة السياسية، حيث تم تعيينه عضواً بالمجلس الأعلى للبرلمان من قبل إدارة رئيس الوزراء "عبد الرزاق حسين" وفي عام 1974، تم تعيينه وزيراً للتعليم وترشح "مهاتير" لمنصب نائب رئيس حزب منظمة "الملايو" الوطنية المتحدة وفاز بهذا المنصب وبعد فترة قصيرة تم تعيينه نائباً لرئيس الوزراء عام 1978، إلى أن تولى رئاسة الوزراء في عام 1981 ويذكر أن "مهاتير" قد ترك رئاسة وزراء ماليزيا عام 2003، بعد أن ظل فيها لمدة 22 عاماً منذ عام 1981 كرابع رئيس وزراء لماليزيا.
لقد استطاع "مهاتير" في هذه الفترة تحويل ماليزيا من دولة زراعية تقليدية إلى دولة ذات طابع صناعي وجعلها في قائمة الدول الآسيوية المتفوقة اقتصادياً ووفقاً لما صرّح به العديد من الخبراء الاقتصاديين فإن "مهاتير محمد" خلال فترة حُكمه الممتدة طوال 22 عاماً، كافح من أجل حقوق شعب الملايو والدول النامية واتبع السياسات التي ساعدت على ازدهار الاقتصاد وأتاح فرص التعليم لجميع أبناء الشعب الماليزي ولقد حصلت ماليزيا خلال فترة حكمه الطويلة على الاستقرار السياسي اللازم للنمو الاقتصادي وانتقلت من دولة فقيرة إلى إحدى الدول المتقدمة. إن الإنجازات العديدة التي حققها "مهاتير"، جعلت منه أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في التاريخ الماليزي ولكن مع كل هذه الإنجازات التي حققها "مهاتير" خلال فترة حكمه، إلا أنه أعلن اعتزاله تماماً من السياسة في عام 2003 وحتى أنه أيضاً رفض اقتراح وزارة الرفاه ليتقلد منصب رئيس الوزراء في الحكومة المقبلة في ذلك الوقت.
عودة "مهاتير" إلى السلطة
عاد رئيس الوزراء السابق "مهاتير محمد" بعد تقاعده الذي أعلن عنه في عام 2003 بعد حكم دام 22 عاماً كرئيس للوزراء في ماليزيا، ولقد قام خلال الفترة السابقة بتشكيل ائتلاف معارض ينافس على الحكم في ماليزيا.
كما أطاح فوزه التاريخي بالائتلاف الحاكم الذي تولى السلطة منذ الاستقلال عام 1957، وبهذا الانتصار المدوّي يصبح "مهاتير" البالغ من العمر 92 عاماً أكبر زعيم منتخب في العالم ولم يكن كثيرون يتوقعون فوز مهاتير في مواجهة الائتلاف الذي يحكم ماليزيا منذ استقلالها عن بريطانيا قبل نحو ستة عقود.
ولقد عاد "مهاتير" رسمياً إلى السياسية بعد أن استنكر في عام 2015، فضيحة شركة ماليزيا للتنمية التي قامت بالعديد من الاختلاسات المالية والتي تسببت بحدوث أزمة متعلقة بالاستراتيجية الاقتصادية للبلاد ولهذا فلقد أعلن "مهاتير" في عام 2018، أنه تحوّل إلى المعارضة وفي سنته الثانية والتسعين، شارك مرة أخرى في الانتخابات البرلمانية وفاز بمنصب رئيس الوزراء لإسقاط "نجيب عبد الرزاق".
يذكر أن السياسي "أنور إبراهيم" العضو في حزب عدالة الشعب، كان النائب السابق لـ"مهاتير" وذلك حتى أقاله "مهاتير" من منصب كنائب لرئيس الوزراء عام 1998 وحكم عليه بالسجن بتهمة اللواط واستغلال السلطة وكان "أنور" و"مهاتير" حليفان تحولا إلى عدوين، لكنهما وحدا صفوفهما لخوض الانتخابات التي جرت أواخر الأسبوع الماضي والتي أطاحت بحكومة "نجيب عبد الرزاق" المتهم بسرقة مليارات الدولارات من صندوق استثمار حكومي أسسه وكان يشرف عليه.
الفضاء السياسي والأحزاب السياسية في ماليزيا
في وقتنا الحاضر، هناك ائتلافان سياسيان بارزان في المشهد السياسي الماليزي، فالائتلاف الأول تم تشكيله حديثاً تحت مسمى "تحالف الأمل" بقيادة "مهاتير محمد" والذي فاز في الانتخابات البرلمانية التي عقدت أواخر الأسبوع الماضي والائتلاف الثاني هو الحزب الحاكم المسمى بـ"منظمة الملايو الوطنية" والذي خسر في تلك الانتخابات بعد مكوثه 60 عاماً في السلطة.
وهناك أحزاب سياسية ماليزية أخرى مثل حزب "الشعب" وحزب "العمل الديمقراطي" وحزب "المحافظين" الماليزي وحزب "الاعتماد الوطني"، تقف جنباً إلى جنب مع حزب "مهاتير" الذي ينافس ائتلاف "منظمة الملايو الوطنية" الماليزي. أيضاً يوجد في المشهد السياسي الماليزي، أحزاب أخرى مثل "الجبهة الوطنية" والحزب الإسلامي الماليزي وحزب "العدالة" الماليزي وحزب الرابطة الصينية الماليزية، التي تمتلك كل منها بين 3 و13 في المئة من المقاعد البرلمانية الماليزية.