الوقت - قبل أيام قام مستشار الأمن القومي الأفغاني "محمد حنيف أتمر" بزيارة إلى الرياض والتقى ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" لبحث قضايا المنطقة والعملية السياسية في أفغانستان.
وقبل هذه الزيارة قام كل من زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني "غلبدين حكمتيار" و"عبدالرسول سیّاف" زعيم "حزب الاتحاد الإسلامي" الأفغاني بزيارات منفصلة إلى السعودية وبحثا مع مسؤوليها التطورات الإقليمية والوضع في أفغانستان.
حول هذه الزيارات أجرى موقع "الوقت" التحليلي الإخباري حواراً مع الأستاذ "عباس فیاض" الخبير بالشؤون الأفغانية تناول جوانب متعددة بينها موضوع الإرهاب في أفغانستان وتحركات ولي العهد السعودي بهذا الخصوص وقضايا أخرى تخصّ المنطقة.
وأشار فياض في بداية الحوار إلى أن زيارات المسؤولين الأفغان إلى السعودية تهدف في الأساس إلى التنسيق مع الرياض بشأن السياسة التي تنتهجها الأخيرة إزاء قضايا المنطقة ولاسيّما فيما يتعلق بالتطورات التي تشهدها أفغانستان في المرحلة الراهنة.
وأعرب الخبير بالشؤون الأفغانية عن اعتقاده بأن السعودية تواصل دعمها للجماعات الإرهابية في عموم المنطقة وتسعى للتنسيق مع قادة هذه الجماعات ومن بينها تنظيم "داعش".
وأضاف أن العديد من قادة الحركات الأفغانية يتحركون لتوظيف "داعش" خدمة لأهدافهم السياسية، ملمحاً إلى أن حنيف أتمر ومسؤولين آخرين في الحكومة الأفغانية سعوا أيضاً إلى التنسيق مع "داعش" لضرب قوميات "الأوزبك" و"الطاجيك" في شمال أفغانستان و"الهزارة" وسط البلاد.
كما أشار فياض إلى أن "غلبدين حكمتيار" متهم أيضاً بالتعاون مع داعش، وذلك من خلال توفير منازل لهم تعينهم على التخفي والتحضير لتنفيذ عمليات إرهابية في العاصمة كابول.
وفي جانب آخر من كلامه أكد الخبير بالشؤون الأفغانية أن أمريكا والسعودية قد دعمتا "داعش" وسهّلتا انتقال عناصره إلى أفغانستان في إطار خطة تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في دول آسيا الوسطى للتعويض عن الهزائم المرّة التي لحقت بالجماعات الإرهابية ومن بينها "داعش" في سوريا والعراق، والانتقام من روسيا التي دعمت الجيش السوري ضد هذه الجماعات.
كما أكد فياض أن أمريكا والسعودية تسعيان لخلق حالة من الفوضى وإثارة الاضطرابات الأمنية في المناطق الحدودية بين أفغانستان والدول المجاورة لها من خلال دعم الجماعات الإرهابية ومن بينها "داعش"، وذلك بهدف الضغط على هذه الدول ولاسيّما الجمهورية الإسلامية في إيران.
وأشار فياض إلى أن بعض عناصر "داعش" هم من طائفة البشتون المنتشرة في جنوب وشرق أفغانستان، وهناك عناصر أخرى من طائفة الأوزبك في شمال البلاد، ومعظم هؤلاء هم من بقايا ما يعرف بـ"جماعة الحركة الإسلامية" في أوزبكستان التي كانت مرتبطة في السابق بتنظيم القاعدة.
وتابع الخبير بالشؤون الأفغانية كلامه بالقول بأن بعض المسؤولين في الحكومة الأفغانية يقدّمون الدعم لـ"داعش" من أجل الضغط على سكّان المناطق الشمالية من البلاد وتحريضهم ضد زعيم الأوزبك "الجنرال عبد الرشيد دوستم" و"عطا محمد نور" والي مقاطعة بلخ.
وأوضح فياض أن أمريكا تعتقد بأن أكثر من 50 بالمئة من أراضي أفغانستان هي الآن بيد حركة طالبان أو تحت نفوذها، مشدداً على أن واشنطن تتعمد إبقاء الأوضاع متوترة في أفغانستان كي يتسنّى لها التحكم بشؤون هذا البلد من ناحية، وتوظيف هذا الواقع المتأزم لزعزعة الأمن والاستقرار في دول أخرى في مقدمتها إيران وبلدان آسيا الوسطى من ناحية ثانية.
وأشار الخبير بالشؤون الأفغانية إلى أن السعودية تسعى أيضاً من خلال دعمها للجماعات الإرهابية ولاسيّما "داعش" للترويج للفكر الوهابي التكفيري المتطرف، في حين تتحرك أمريكا لفرض هيمنتها على المنطقة والتحكم بمصيرها عن هذا الطريق.
ولفت فياض كذلك إلى أن أمريكا في زمن رئيسها "دونالد ترامب" والسعودية في زمن الملك "سلمان بن عبد العزيز" قد عززتا من تحالفهما لتحقيق مآرب مشتركة، وقد تجلّى هذا التحالف بشكل واضح في الحرب على اليمن وزعزعة الاستقرار في دول إقليمية أخرى بينها أفغانستان، وبتعبير آخر يمكن القول بأن السعودية لعبت وتلعب دوراً مهماً في تنفيذ سياسات أمريكا وتحقيق أهدافها في المنطقة من خلال السعي لتمزيق دولها وضرب شعوبها.
ولفت فياض إلى أن الحكومة الأفغانية تعتمد بشكل كبير في إدارة شؤون البلاد على الدعم الأجنبي وتتلقى حوالي 6 مليارات دولار سنوياً عن هذا الطريق، أي ما يعادل 80 بالمئة من الميزانية السنوية للدولة، مشيراً إلى أن هذا الأمر قد أثّر سلبياً وبشكل واضح على سيادة واستقلال البلاد، وبناءً على هذا يرى الكثير من الأفغانيين ونخبهم الفكرية والثقافية بأن تبعية حكومة بلادهم لواشنطن هي التي مهدت الأرضية للسعودية للتغلغل في شؤون أفغانستان، ويعتقدون كذلك بأن الرياض هي التي أنتجت طالبان والقاعدة وداعش وقدّمت لهم الدعم في شتى المجالات لتنفيذ العمليات الإرهابية.
وختم الخبير بالشؤون الأفغانية كلامه بالقول بأن جميع المستقلين والأحرار يرفضون تدخل السعودية في أفغانستان على الرغم من الضائقة الاقتصادية والأمنية والسياسية التي يعاني منها البلد والتي أرغمت الحكومة الأفغانية على الرضوخ لإملاءات واشنطن والرياض.