الوقت - ما إن اندلعت الأزمة في سوريا حتى سارعت أمريكا إلى المجاهرة في دعم الأكراد في هذا البلد على الرغم من معارضة الحليف القوي لأمريكا في المنطقة وحساسيته من موضوع دعم الأكراد -تركيا-.
ويأتي الدعم الأمريكي للأكراد في المنطقة في الوقت الذي تدعو فيه الحكومة التركية القوات المسلحة الكردية بأنهم فصيل إرهابي على الأرض السورية، وهنا يتساءل مراقبون كيف ترسل أمريكا السلاح للأكراد وسط رفض حليفها التركي لهذا؟ فهل أمريكا لا تراعي الخطوط الحمراء لحلفائها في المنطقة أم أن أمريكا تستخف بالحليف التركي في المنطقة ولا تعيره أي أهمية؟
وفي جانب آخر يقول مراقبون ألم يحن الوقت لتركيا أن تفهم أن أمريكا لا تأبه بها ولا بخطوطها الحمر؟ فأمريكا اليوم لا تقوم بدعم الأكراد بالسر بل تقوم بدعمهم بالعلن وعن طريق نشر الصور لهذه الأسلحة وكأنها تريد إيصال رسالة واضحة لتركيا بأن الأكراد هم حلفاء أمريكا في المنطقة وليس تركيا.
تاريخ إعلان تسليح الأكراد
وحتى تاريخ الإعلان الأمريكي لتسليح الأكراد في 10/أيار/2017 كان فيه رسالة قوية لتركيا لأنه جاء قبل أقل من أسبوع على موعد زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الولايات المتحدة لإجراء محادثات مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حيث أعلن البيت الأبيض مصادقة ترامب على خطة لتزويد المليشيات الكردية في سوريا بالأسلحة الأمريكية الثقيلة رغم معارضة أنقرة المعلنة لذلك. وحينها طرح مراقبون العديد من إشارات الاستفهام عند تزامن إعلان إدارة ترامب قرار تسليح الأكراد السوريين مع وجود وفد تركي رفيع المستوى في واشنطن، حيث أجرى محادثات مع المسؤولين الأمريكيين للاتفاق على جدول أعمال اجتماع ترامب وأردوغان.
الدفعة الأولى:
أول دفعة من الأسلحة الأمريكية الثقيلة وصلت إلى مطار أربيل في شهر مايو 2017 وحينها نقلت قناة PAREAKING NEWS الأمريكية أن الإدارة الأمريكية نفذت قرارها بتسليح قوات سوريا الديمقراطية بقيادة وحدات حماية الشعب في سوريا، وقد نشرت القناة صورا تؤكد فيه وصول أول دفعة من الأسلحة الثقيلة على متن طائرات شحن أمريكية إلى مطار أربيل ومن ثم إلى روج افاي كردستان.
الدفعة الثانية:
وفي تاريخ 25/7/2017 وجهت الولايات المتحدة إلى "قوات سوريا الديمقراطية" في إطار العملية الحالية لتحرير الرقة 190 مركبة محملة بالسلاح الثقيل. وأوضح ممثل "قوات سوريا الديمقراطية"، الذي طلب عدم كشف اسمه، الوضع قائلا: "أرسلت الولايات المتحدة لنا مدرعات وأسلحة ثقيلة تم توريدها من أراضي كردستان العراق. وكانت 190 مركبة تقوم بتوريد السلاح، خلال العشرة أيام الماضية أرسلت الولايات المتحدة لنا يوميا السلاح الثقيل والمدرعات. كما تورد الولايات المتحدة السلاح إلى القواعد التي تم بناؤها في منطقة تمركزنا. وبشكل عام، توجد في منطقة روج آفا حوالي 8 قواعد أمريكية. كما توجد قاعدتان جويتان، وأحيانا يتم توريد السلاح عبر الجو.
الدفعة الثالثة:
وكانت ثالت دفعة أسلحة أمريكية لـ"قوات سوريا الديمقراطية" خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، في العام الحالي وكشف مسؤول امريكي حينها عن نوعية الأسلحة المقدمة وهي صواريخ حرارية بأهداف مركزة ومباشرة لصد الدبابات، بالإضافة إلى مدرعات عسكرية برية خاصة تستخدم في ظروف جغرافية وعرة. وشملت الدفعة كمية كبيرة من الذخائر المختلفة وقطع غيار للآليات العسكرية المقدمة سابقا من الولايات المتحدة.
الدفعة الرابعة:
ومنذ حزيران / يونيو من العام الماضي، أصبح العدد الإجمالي للشاحنات التي تحمل أسلحة أمريكية للأكراد حوالي 1621 شاحنة، فخلال الأسبوع الماضي فقط تم إرسال أكثر من 200 شاحنة تحمل أسلحة ثقيلة أمريكية وخفيفة إلى "قوات سوريا الديمقراطية" في شمال شرق سوريا.
حيث نشرت وكالة فرانس برس صور شحنات أمريكية ثقيلة إلى القوات الكردية في مدينة القامشلي التي تقبع تحت سيطرة القوات الكردية. ووفقا للتقرير، سيتم إرسال هذه البضائع إلى مواقع القوات الكردية في مدينة دير الزور والتي تحتوي على العشرات من المركبات العسكرية ومجموعة متنوعة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة.
أما وكالة الأناضول التركية فقد كشفت اليوم بأن الولايات المتحدة زودت وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا بمئتي شاحنة من المساعدات العسكرية والمدرعات. وأوضحت الوكالة أن مئة شاحنة من المساعدات العسكرية -بما فيها شاحنات تحمل ناقلات جنود مدرعة- عبرت الحدود العراقية السورية إلى محافظة دير الزور قادمة من معبر "سيمالكا" العراقي، في حين عبرت مئة شاحنة أخرى الحدود من نفس المعبر إلى محافظة الحسكة في 11 سبتمبر/أيلول الحالي. وتمكن مراسل الأناضول من تصوير بعض الآليات العسكرية والمعدات اللوجستية التي كانت على متن الشاحنات، وشملت عربات عسكرية مدرعة مضادة للألغام، وسيارات دفع رباعي مخصصة للاستخدام العسكري، وخزانات وقود، وصناديق ذخيرة.
وأفادت مصادر بأن هذه المساعدات العسكرية تضمنت جسورا مائية لعبور نهر الفرات وعشرات من عربات "همر" وأخرى هندسية، وأنها تهدف إلى مساعدة ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية المكون الرئيس فيها لحسم معركتي الرقة ودير الزور ضد تنظيم الدولة.
وفي الختام يتساءل مراقبون عن طبيعة تعامل أمريكا مع حلفائها في المنطقة وبشكل خاص تركيا - عضو في الناتو - فهل أمريكا تحترم حلفاءها وسياساتهم في المنطقة وخاصة القضايا التي تتعلق بالأمن الحدودي، أم أن أمريكا تلعب على عدة حبال بغية تحقيق مصلحتها ومخططها في المنطقة دون مراعاة الحلفاء.