الوقت - تسارع الأحداث على مختلف الساحات اقليميا ودوليا، والتحولات في الحرب على الإرهاب، والخلافات (المنسقة) بين الدول الخليجية وتبدل الأدوار وانكشاف المستور يشي للمتابع بتغيرات خطيرة تنتظر من كان يطبل ويزمر (للربيع العربي وثوراته) والذي لم يعد خافيا بأنه مخطط مرسوم بدقة من صناع السياسة الغربية وخاصة الأمريكية، ولم تعد تنطلي على أحد ممن يقرأ تاريخ الدول الاستعمارية وبأثوابها وأشكالها المعاصرة ما تقوله تلك الدول وما تخطط له على مستوى العالم خدمة فقط لمصالحها الاستراتيجية التي تغلف بشعارات براقة وبأساليب مخادعة.
ولدينا من الأمثلة القريبة وليست البعيدة على كثرتها التي تفضح نفاق تلك الدول التي تدعي حرصها على الديمقراطية وحرية ورفاهية الشعوب المستلبة خيراتها من خلال حماية مطلقة لشيوخ وممالك وإمارات قبلية هزيلة وأسر حاكمة ومالكة منذ عشرات العقود بهدف استنزاف خيراتها مقابل البقاء لتلك الأسر مادامت تحقق المصالح للرأسمالية المتوحشة وتبقي بؤر التوتر كجرح نازف لعشرات السنين.
ونظرا لأهمية منطقة الشرق الأوسط وللثروات الطائلة كان لابد من ابقاء حالة الانقسام بكل أشكاله ولا نريد هنا تأكيد المؤكد (من حماية الكيان الإسرائيلي وزرع بذور التفرقة الاثنية والطائفية والاقليمية...لاستمرار إبقاء التخلف وكل أشكال الصراع الذي يضمن استمرار الهيمنة الأمريكية والغربية) وهذا ما شهدته المنطقة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي 1990 حتى الثورات الملونة في شرق أوروبا إلى تقسيم يوغسلافيا وتدفيعها ثمن استقلالها وتوجهاتها الشرقية، إلى توسيع حلف الناتو بعد زوال حلف وارسو المقابل، إلى ما جرى ويجري في المنطقة والدمار الممنهج للأوطان(التدمير الذاتي)على حساب شعوب المنطقة كلها وليس فقط دول (الربيع) لأن بوصلة التدمير قادمة لا محالة لدول ومشيخات الخليج والاردن والمغرب العربي وتركيا والقضية قضية وقت وأولويات لأن سوريا واسطة العقد في محور استراتيجي يبدو بأنه خيب آمال الأمريكان وبعض أوروبا وقد يضع حدا لهيمنة القطب الواحد ويمهد لعالم متعدد الأقطاب ستكون أمريكا جزءا منه وليست حجر الرحى كما حصل في العقود الثلاثة السابقة.
والسؤال الآن بعد انكشاف معظم الاوراق ما مصير منطقة تعتبر الشريان الأساسي للغرب؟ وهل ستتمكن أمريكا العميقة من اللعب في المنطقة كما ترغب؟ وهل مشيخات الخليج التي مولت الإرهاب بكل أشكاله ودفعت مئات المليارات تمويلا وتسليحا وتحريضا وغسل أدمغة بتفويض ورعاية أمريكية، أن تتخلص من الفكر الإرهابي والسطوة الأمريكية؟
يبدو بأن اللعب أصبح على المكشوف والرياح(الهواء الأصفر) قادمة لتلك الممالك حالما تنتهي صلاحيات تلك الدول لأن التاريخ علمنا بأن المستعمر براغماتي يسير خلف مصالحه وعندما يشعر بأن مصالحه في خطر ينقلب ولن يبقي (الذئاب المتوحشة) تسرح بعد أن أدت مهامها في تدمير القيم وشوهت الدين بل خربت الأوطان، وقد تختلف التحالفات ويبدو بأن ارهاصاته بدأت وما على القارئ سوى العودة لمراكز الأبحاث الأمريكية ليستشف ما يحضر لبقية المنطقة بما فيها السعودية التي تحاول الهروب إلى الأمام بعدما تم تسخيرها لعشرات السنين (ماليا وأيديولوجيا) لخدمة المشاريع الأمريكية والصهيونية في المنطقة.
ونستطيع أن نقول إنه حتى لو فات الأوان فهل يمكن لمن مول الإرهاب (الفوضى الخلاقة) أن يعيد النظر في حساباته الخاطئة؟ وهل فعلا قطر فقط هي من مولت كل الإرهاب وحتى هذه اللحظة؟ هل سيدرك هؤلاء بأن خطاياهم تجاوزت كل التابوهات والمحظورات وداسوا على كل القيم من أجل تدمير أوطان الغير ثم أوطانهم لاحقا؟
نحن مع الأسف ندرك بأن هؤلاء لن يرعووا وسيبقون على غيهم؛ لأن البطر والمال والمصالح الضيقة والحسابات الخاطئة والغرور هو من يحكم ويتحكم بسياساتهم، وسيندمون حيث لا يفيدهم الندم.
بقلم: الباحث في الشأن السياسي طالب زيفا