الوقت - لم يعد بخاف على متتبع لما جرى ويجري في المنطقة من تدمير ممنهج ومخطط من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وبعض الحكام الخليجيين الذين زجوا مليارات الدولارات ليس لإعمار المنطقة، بل للمساهمة في نشر الفوضى والقتل والدمار فيها، بحجج وذرائع لم ولن تقنع ذا بصيرة، وخاصة إذا علمنا بأن الغرب عموما والإدارات الأمريكية ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما انتقل النشاط الصهيوني ماليا وإعلاميا إلى نيويورك وواشنطن، عملت تلك الإدارات على دعم مطلق للكيان الإسرائيلي بكل أشكال الدعم، بحيث أصبح أمن الكيان هو أحد أبرز السياسات الخارجية لتلك الإدارات سواء كانت تحكم بالحزب الجمهوري أم الحزب الديموقراطي، حتى دعت البعض للقول بأن مصلحة الكيان تتقدم على مصالح الأمريكيين في معظم الأحيان.
صحيح بأن سايكس بيكو قسما المنطقة ولكن الصحيح أيضا بأن تقسيم المنطقة منذ مكماهمون ومراسلاته المعروفة مع الشريف حسين بن علي كانت تركز على تطبيق أخطر مقررات سرية لمؤتمر(كامبل بنرمان 1905 حتى1907 المنعقد في لندن لإيجاد كيان يفصل بين الدول العربية في آسيا وأفريقية وحتى اللقاء بين روزفلت وملك السعودية المؤسس عبد العزيز آل سعود، كان الشرط الأساسي لبقاء حكم آل سعود هو عدم القيام بأي عمل من شأنه إعاقة قيام الكيان الإسرائيلي، بل وتبديد أي جهد مستقبلي يمكن أن يشكل خطرا افتراضيا على الكيان العتيد وهذا مثبت في حروب العرب منذ 1948 النكبة، وموقف هؤلاء الحكام من الوحدة السورية المصرية، والدفع للإنفصال و1967 النكسة مرورا بمواقف معادية لكل تقارب عربي ولا أدل على ذلك موقف هؤلاء الحكام من معاهدة الدفاع العربي المشترك، للحفاظ على الأمن القومي العربي وبشكل صارخ من موقفهم المعادي من عدوان 2006 عندما طلب من (اسرائيل) سحق المقاومة اللبنانية.
ربما البعض يقول بأن موقف الملك فيصل كان إيجابيا في حرب تشرين اكتوبر 1973 ولكن مجرد موقف انتهى بقتل صاحبه بالسم من قبل أحد أفراد الأسرة الحاكمة نفسها، ولن ننسى الموقف من دعم صدام للقضاء على الثورة الإسلامية في إيران 1979، هذه الثورة التي رفعت شعار دعم القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية قولا وفعلا بعد أن كان الشاه محمد رضا بهلوي يقيم سفارة للكيان الإسرائيلي في طهران وتم استبدالها بمكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية آنذاك، إلى أن جاءت فوضى الربيع القاتل فكانت مواقف بعض مشيخات وممالك الدول الخليجية رأس حربة لإسقاط سوريا الدولة التي تعتبر واسطة العقد في محور المقاومة، فكان دعمهم اللامحدود لكل المتطرفين، والإرهابيين وطالبوا بضرب سوريا وإثارة الفتن الطائفية والإثنية واستخدموا دولا ومسؤولين أوروبيين وأمريكيين وجيشوا بإعلام أسود انتهك كل المحظورات بهدف دعم كل ارهابيي العالم ودعم كل العصابات، وبأموالهم ووضعوا كل امكاناتهم في خدمة المشاريع التي تدمر البلدان، حتى انتشر الإرهاب الذي لبس لبوس الدين تارة من خلال التجييش المذهبي لدرجة باتت الوهابية والإخوانية تشكلان خطرا لا يقل خطورة عن النازية أو الفاشية، وتنفيذ أهداف استراتيجية منها:
1- حرف البوصلة دعما للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وإضعاف مكامن القوة التي لا تزال تعتبر قضية فلسطين هي القضية المركزية للعرب والمسلمين. والسؤال المطروح والمشروع هل فعلا السعودية الوهابية تريد فعلا نشر الحرية والديموقراطية (كما تدعي واشنطن في حروبها في المنطقة العربية؟ وهل فعلا المشكلة ليست في فلسطين بل(أطماع إيران في المنطقة) كما يزعم هؤلاء؟ وماذا تريد السعودية بل ما مصلحتها في تدمير سوريا والعراق وليبيا واليمن...؟؟
نعتقد بأن ما يخطط لحروب بأموال الدول الخليجيين سينعكس عاجلا أم آجلا على تلك الممالك والمشيخات، والسؤال لماذا لم نسمع ولو موقفا بسيطا من حصار غزة والأقصى من قبل الكيان الإسرائيلي؟ ونعتقد بأن هذه السياسات التدميرية لتلك الممالك لن تحقق أكثر مما فعلته، وربما حروبا ستفتعل خلال الفترة القادمة من خلال انتشار الفكر الوهابي الداعشي في الحجاز ونجد، وستتغير خرائط، وسيدفع هؤلاء ثمن التهور والتغول في الدم السوري والعراقي واليمني والليبي...لأن الأمريكي براغماتي ومجرد أن تفرغ السندات والأموال سيتخلى الأمريكي بفعل التغيرات التي تحصل في المنطقة، وبعد بداية انهيار المخططات ووعي شعوب المنطقة وتقهقر الإرهاب بكل أشكاله، وسوف يندمون حيث لا يفيدهم الندم.
بقلم: طالب زيفا الباحث في الشأن السياسي