الوقت- يبدو أن أولى نتائج زيارة دونالد ترامب للسعودية بدأت اليوم في البحرين، حيث قام صباح اليوم جنود ومرتزقة النظام البحريني مدعومين بآليات ومدرعات بتنفيذ هجوم بربري على منطقة الدراز التي يقطنها آيت الله الشيخ عيسى قاسم، في وقت اندفع البحرينيون العزل لمواجهة هذا الهجوم مرتدين الأكفان، وبالفعل تتحدث الأخبار القليلة الواردة من هناك عن سقوط شهداء زودا عن الشيخ قاسم الزعيم الروحي لثورة البحرينيين.
إذا وبعد تريث وتأخير لحوالي العام منذ إسقاط الجنسية عن الشيخ قاسم ومحاصرته في منزله إلى اليوم، فقد تجرأ نظام آل خليفة وبسبب جرعة الدعم الأمريكي السعودي التي تلقاها خلال زيارة ترامب إلى السعودية على الدخول إلى منطقة الدراز وذلك بعد سنة من الحيطة والحذر في التعامل مع ملف الشيخ الرمز.
خطوة من الحتمي أنها أتت بضوء أخضر أمريكي سعودي لآل خليفة، فالنظام البحريني لا يجرؤ على اتخاذ هكذا خطوة دون تنسيق مسبق مع آل سعود، وهنا نستذكر قوات درع الجزيرة التي دخلت البحرين بعيد بداية ثورة 14 شباط فبراير 2011، إضافة إلى القوات السعودية التي دخلت أوائل الشهر الحالي عبر الجسر الذي يصل السعودية بالبحرين بهدف تعزيز القوات الأمنية البحرينية قبل جلسة النطق بحكم آيت الله قاسم.
سعوديا، وبعد زيارة ترامب وعقود التسليح بمئات مليارات الدولارت بات آل سعود يشعرون بطفرة من القوة وبأنهم باتوا الحليف الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة، مما دفع بهم للدفع باتجاه ما حصل اليوم في البحرين، فالكل يعلم أن النظام البحريني لا يملك هكذا قرار مصيري دون تنسيق وضوء أخضر مسبق من السعودية.
أمريكيا، نستذكر خطاب ترامب أمام قمة الذل العربية التي عُقدت في الرياض، ترامب أكد على دعم السعودية والدول العربية والإسلامية من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف، غامزا من قناة إيران التي اعتبرها الحامي الأكبر للإرهاب في العالم.
لم يلبث دونالد ترامب أن أنهى سفره المشؤوم حتى بدأت الممارسات الخليجية الوضيعة، التي كانت ولازالت تتغذى على جرعات الدعم المعنوي من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة. فدونالد ترامب وبسبب حفنة الدولارات السعودية أطرب أسماع سلمان وآل خليفة بأجمل ما يحلو لهم سماعه وهو مهاجمة إيران والتغني بالمملكة السعودية العظيمة، وما يحصل اليوم في البحرين لا يخرج عن سياق الدماء التي قرر ترامب أن هدرها أساسي في مكافحة الإرهاب والتطرف الإسلامي.
طبعا النظام البحريني بدوره هو من أشد الأنظمة فسادا وبطشا في المنطقة، وقد اعتمد منذ بداية ثورة 14 فبراير شباط سياسة التأزيم الأمني ونشر الفوضى وقمع المتظاهرين وكل ذلك من أجل أن يقمع الثورة ويدفنها في مهدها.
هذه ليست المرة الأولى التي يعتمد آل خليفة هذا الأسلوب في القمع، وفي كل مرة كانت تزداد جزوة هذه الثورة المباركة التي تطالب بحقوق مشروعة. ولكن ما حصل اليوم لا بد سيكون نقطة تحول في سياق الصراع المستمر منذ سنوات.
آيت الله الشيخ عيسى قاسم هو المرجعية الدينية والروحية للشعب البحريني، وهو ملهم الثورة البحرينية، وقد أكد منذ بداية الثورة على أهمية الحفاظ على سلميتها وعدم الانجرار وراء مواجهة مسلحة، ورغم كل ما جرى على البحرينيين أكد على ضرورة الالتزام الكامل بهذا الأمر. هذا الأمر لم يقرأه آل خليفة جيدا، وقد تكون نفوسهم سولت لهم أن الخوف هو المانع من استعمال السلاح. ولكن الدفاع المستميت عن الشيخ قاسم يؤكد أن الشعب البحريني حاضر لتقديم الأرواح دفاعا عن المقدسات، وهو حاضر لاستخدام السلاح عندما يطلب منه قائده ذلك.
الوضع البحريني اليوم يمكن تلخيصه بما قاله قائد الثورة الإيرانية علي الخامنئي حينما حذر نظام آل خليفة من التعرض للشيخ قاسم، معتبرا أن النظام الخليفي لا يفهم حقيقة أن التعرض للشيخ قاسم هو بمثابة إزالة الحاجز الذي يمنع الشباب البحريني الجريء والمتحمس من القيام على النظام الذي لن يتمكن من إسكاتهم بأي طريق. وما الذي يطلبه هذا الشعب غير حق الانتخاب، وأنتم تدعون أنكم مظهر الديمقراطية. إن الاستكبار العالمي وعلى رأسه أمريكا يريد أن يشغل المنطقة بمشاكل تسمح للكيان الإسرائيلي العيش براحة.