الوقت- زيارة استثنائية ومهمة تأتي ضمن سياق التحول الفلبيني باتجاه المعسكر الصيني الروسي، هي زيارة الرئيس الفلبيني "رودريغو دوتيرتي" إلى موسكو، زيارة سبقتها خطوات أخرى تؤكد نية الأخير باستعادة التوازن وقرار بلاده في مقابل الحليف الأمريكي الذي يصفه بالناقد للعهود والكاذب.
"رودريغو دوتيرتي" هو الرئيس الفلبيني الذي تسلم أواخر حزيران يونيو من العام الماضي رسميا رئاسة جمهورية الفليبين، ومنذ الأيام الأولى أعلن نيته إقامة علاقات اقتصادية وسياسية متينة مع كل من الصين وروسيا.
وفي هذا السياق أتت زيارته الأولى للصين في تشرين الأول أوكتوبر الماضي حيث التقى بالرئيس الصيني ورئيس الوزراء مؤكدا أن بلاده تريد زيادة التعاون مع بكين وتحسين العلاقات بين البلدين. ومن المقرر أن يقوم بزيارة ثانية للصين للمشاركة في مباحثات دولية وذلك خلال العام الجاري.
أما بالنسبة إلى روسيا فقد التقى "دوتيرتي"، الرئيس الروسي بوتين للمرة الأولى في تشرين الثاني نوفمبر الماضي على هامش فعاليات منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (آبيك) في ليما عاصمة البيرو، لقاء دعا فيه بوتين الرئيس الفلبيني لزيارة موسكو.
اليوم وبعد مضي حوالي عشرة أشهر على تسلمه زمام الحكم في الفليبين وصل دوتيرتي إلى موسكو في زيارة رسمية تستمر لخمسة أيام، زيارة يقول دوتيرتي أنها أتت لتعزيز العلاقات بين الجانبين وخاصة العسكرية، حيث ينوي عقد صفقات تسلح مع الروس بدل أمريكا التي وصفها بأنها لا تلتزم بعهودها وتكتفي ببعض الحركات الاستعراضية والغير مجدية، وذلك رغم أن الفلبين يجمعها اتفاقية دفاع مشترك مع واشنطن.
هذه الزيارة تأتي في سياق التغيير الجذري للسياسة الفلبينية وخاصة اتجاه حليفها القديم (أمريكا) وإعادة التموضع التي يقوم بها الرئيس الجديد المعروف بعدائه للأمريكيين، حيث ينوي تفعيل العلاقات التجارية والسياسية مع دول جنوب شرق آسيا.
أما الطرف الروسي الذي يرحب بالزيارة وعلى لسان المتحدث باسم الخارجية الروسية: أكد أن زيارة رئيس جمهورية الفلبين يبعث رسالة مهمة وهي أنه يود تعزيز التعاون مع دول لم تكن حليفة أساسية للأمس القريب كروسيا، ويضيف المتحدث: هذه الزيارة الأولى لدوتيرتي إلى موسكو وسان بطرسبرغ، وروسيا الاتحادية تأمل بأن تكون الزيارة بداية فصل جديد من العلاقات بين البلدين.
يُذكر أن الرئيس الفلبيني من المقرر أن يتحدث حول "السياسة الخارجية المستقلة للفلبين" و"كيفية الوصول إلى السلام والأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ" وذلك في المركز الروسي للعلاقات الدولية في موسكو، يسبق ذلك لقاء له مع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، ومن المقرر أن يلتقي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس القادم في لقاء يتوقع الطرفان أن يكون ثمرة وخلاصة الزيارة. هذا وكان الرئيس الروسي قد ذكر في تصريحات لافتة له أن دوتيرتي هو "البطل الذي يعجبه".
ويرافق الرئيس الفليبيني وفد سياسي واقتصادي كبير، وقد جهز الطرف الروسي برنامجا حافلا للوفد يتضمن لقاءات مختلفة للتباحث حول مواضيع دفاعية، أمنية، اقتصادية، حقوقية، سياحية، ثقافية إضافة إلى موضوع الاستفادة من الخبرات الروسية في مجال الطاقة النووية السلمية لنقل التجربة إلى الفلبين.
هنا ومع الأخذ بعين الاعتبار القرب الجغرافي والثقافي بين الشعبين الروسي والفليبيني، إضافة إلى العلاقات الدبلوماسية التي تمتد لأربع عقود، فمن المنتظر أن تتحسن هذه العلاقات وتزداد عمقا، كما يمكن توقع علاقات عسكرية واقتصادية مهمة في المستقبل القريب خاصة بوجود شخصية كدوتيرتي محبة للحرية على رأس السلطة في الفليبين، ووجود شخصية كبوتين توصف بالشجاعة في استغلال الفرص وأخذ المكاسب من أمام الأمريكيين.
ختاما، وللإضاءة أكثر على شخصية دوتيرتي، من الجيد التذكير بتصريحات له حول الرئيس الأمريكي السابق أوباما يصفه بها بأنه "ابن عاهرة" كما أنه وصف المسؤولين الأمريكيين بالأغبياء والقردة بعد إلغاء صفقة بنادق كان المفترض تزويد الفلبين بها، وهو معروف بقوته وصلابة قراراته في مواجهة الفساد المستشري في بلاده وهذا الأمر الذي جعل له شعبية واسعة رغم المعارضة القوية من قبل المفسدين.