الوقت- تحظى زيارة ترامب إلى السعودية بتغطية إعلامية عربية وغربية واسعة، زيارة من المقرر أن يُعقد خلالها ثلاثة قمم أمريكية – سعودية، أمريكية – عربية وأخرى أمريكية – إسلامية. ولكن على الرغم أن العديد من الصحف الغربية قرأت في الزيارة توبيخا من ترامب لسياسة سلفه أوباما، وخطوة في مسير تعزيز العلاقات الأمريكية السعودية، إلا أن صحف أخرى قد نظرت بعين الريبة إلى الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. مقاربة إياها من زوايا مختلفة.
صحيفة "فرانكوفر روندشاو" الألمانية تناولت الزيارة من باب التوقعات والآمال السعودية، حيث حذرت الأخيرة من النشوة السابقة لأوانها، حتى لا تصاب بخيبة أمل، معتبرة أن السعودية قد اشترت الزيارة من خلال أكبر صفقة سلاح بتاريخ أمريكا، صفقة بدأت بعقود وقعها محمد بن سلمان بقيمة تزيد عن 100 مليار دولار، وسترتفع خلال السنوات العشر المقبلة إلى 300 مليار دولار. مبالغ لا تراها السعودية كبيرة في سبيل دفع أمريكا لمواجهة طهران. وهذا التوجه يناسب ترامب الذي سيزور الكيان الإسرائيلي بعد السعودية والذي يترصد طهران بدوره.
صحيفة ألمانية أخرى هي "تاغسشبيغل" ومن باب التعجب أشارت إلى نية ترامب إلقاء خطاب خلال القمة الأمريكية الإسلامية المزمعة في الرياض، مسترجعة خطابات الأخير خلال الحملة الانتخابية وتوعده بمنع المسلمين من دخول أمريكا.
من جانبها "واشنطن بوست" الأمريكية كتبت: السعودية تبذل قصارى جهدها كي تنال إعجاب ترامب، وكي تؤكد على دورها المحوري في العالم في مقابل إيران. ونقلت عن "سيمون هندرسون" مدير برنامج الخليج في معهد واشنطن قوله إن السعودية سعيدة لكونها رائدة العالم الإسلامي وستتجه 50 شخصية من قادة العالم العربي والإسلامي للقاء ترامب في الرياض. لقاء يحضره الطرفان ليس حبا ببعضهما بل بسبب المصالح المشتركة ومنها مواجهة إيران.
وفي مقالة لافتة لمدير تحرير ميدل إيست آي وكبير الكتاب في صحيفة الغارديان البريطانية سابقا "ديفيد هيرست"، تحت عنوان لماذا تفضل السعودية دفع فدية لترامب بدل دعم شعبها؟ فند ثمن الزيارة المدفوعة سلفا لترامب، حيث يقول أن الصفقات السخية السعودية كانت ثمن هذه الزيارة، ومن المتوقع بعد أن تحط طائرة ترامب في مطار الرياض أن يرتفع رقم الصفقات السعودية إلى حدود الترليون دولار بين صفقات تسلح واستثمار في الاقتصاد الأمريكي. وهذا الأمر يُسعد ترامب الذي سيتمكن من الإيفاء بوعوده التي قطعها على نفسه أثناء الحملة الانتخابية. وعود بتأمين فرص عمل وإجبار دول الخليج على الدفع مقابل حمايتهم.
وقد قارنت الصحيفة بشكل لافت موقف السعودية وكوريا الجنوبية التي ترددت بدفع مليار دولار مقابل منظومة الصواريخ الأمريكية ثاد. أما القرار السعودي بصفقا التسلح شيء آخر.
وأشارت الصحيفة أيضا إلى موقف الشعب السعودي من هذه الصفقات، حيث تبلغ نسب البطالة وحسب المصادر الرسمية حدود 12 بالمئة (هي أعلى على أرض الواقع)، مع صعوبات في توفير الاستشفاء ومشاكل مالية تعاني منها الكثير من المؤسسات السعودية الرسمية والخاصة. منها مشاكل تصل لحد عدم دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين في القطاع العام.
تجيب الصحيفة عن سبب البذخ السعودي اللامحدود رغم الخوف من خطر الإفلاس، فالسبب الأول شخصي يعود إلى أن محمد بن سلمان يدفع بإخلاص فدية الملك للأمريكان. طبعا يؤكد الكاتب أن لا شيء مضمون لبن سلمان في ظل وجود محمد بن نايف الواثق من قوته والجالس في مكمنه بهدوء.
والسبب الثاني جماعي، حيث أن السعودية قد تلقت صدمة من إدارة أوباما بعد وضعها الاتفاق النووي مع إيران كأولوية، وهي الآن تدفع فدية أخرى لأمريكا من أجل حمايتها في مواجهة إيران، فكميات السلاح والصواريخ التي اشتراها بن سلمان ستبقى مخزنة ولن تستخدم في مواجهة إيران بل إن أمريكا هي من ستقوم بهذا الأمر من أجل السعودية.
ثم يتناول الكاتب حرب اليمن التي أراد بن سلمان أن تكون رافعة له، والتي جعلته في مأزق كان بغنى عنه، وعن المعلومات التي تتحدث عن تغير موقف بن نايف من هذه الحرب وإصرار بن سلمان عليها.
ينهي الكاتب مقاله متحدثا عن القمة المقررة قائلا: "حسبما هو مقرر، سيجتمع ستة وخمسون زعيماً مسلماً وعربياً في الرياض ليستمعوا إلى ترامب وهو يلقي عليهم محاضرة في الديمقراطية وموعظة في الإسلام. ما أغرب هذا العالم الذي بتنا فيه نعيش!"