الوقت- يوما بعد آخر تزداد الفجوة بين المانيا وكيان الاحتلال عمقاً، وتكبر الخلافات وتزداد المشاكل. فبعد الغاء قمة كانت مقررة بين ميركل و نتنياهو، بسبب خطط الاخير لتسريع بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، جاء دور رئيس وزراء الكيان، في ضربة علنية نادرة للعلاقات الألمانية "الإسرائيلية"، ليلغي لقاءا كان مقرراً يوم الثلاثاء مع وزير الخارجية الألماني "سيغمار غابريال".
وجراء ذلك علق "رودولف درسلر" السفير الالماني السابق في تل أبيب على الحادث، معتبرا ان "غابريال" لم يكن يتصور ان تصل الامور الى ما وصلت اليه، و اكد ان نتانياهو عاجلا ام آجلا سيرى ردة فعل الاتحاد الاوروبي على قراره هذا.
وأضاف "درسلر" أن اسرائيل بسياسة الاستيطان التي تتبعها، تنعزل شيئا فشيئا عن المجتمع الدولي، وأن أغلب الدول الديمقراطية في الشرق و الغرب بدأت تتجنب التعاطي مع تل ابيب، سعيا منها عدم الدخول بمفاوضات معها، وقال ايضا أن "بنيامين نتنياهو " ليس له صديق في العالم.
ووفق صحيفة "دير شبيغل" إن هذه لم تكن المرة الأولى التي يخطأ بها نتنياهو مع ضيف رفيع المستوى من أوروبا، فسبق أن استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية في القدس السفير البلجيكي، على خلفية التقاء رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل مع منظمات مناهضة إسرائيلية أثناء زيارته لإسرائيل، وأكملت بأن غابريال استهل زيارته في أول يوم لإسرائيل بانتقاده تعزيز سياسات الاستيطان الإسرائيلي.
أسباب إلغاء الّلقاء
موقف "نتانياهو" جاء بعد قرار غابريال المضي قدماً للقاء منظمتي "كسر الصمت" و"بتسيلم" الحقوقيتين المناهضتين للاستيطان، منظمة "كسر الصمت" التي ترصد انتهاكات الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، و تنشط "بتسيلم" في توثيق الاعتداءات والدفاع عن حقوق الإنسان وقد عارضت بشدة بناء المستوطنات الإسرائيلية.
وكان الوزير الألماني أكد في مؤتمر صحافي عقده في رام الله في الضفة الغربية المحتلة مع رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله رداً على سؤال حول اللقاءات، أنه يأمل بلقاء الجانبين.
وعلى الرغم من موقف "نتنياهو"، أمرت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل الوزير ألا يتخلى عن الاجتماع مع المنظمتين، بل عن اللقاء مع نتنياهو. وفي وزارة الخارجية اقترحوا على الوزير أن يستمع إلى تفسير نتنياهو لموقفه، لكن الوزير رفض.
وفق صحيفة "إسرائيل هيوم" إن الخلاف بدأ بعد أن نشر في الصحف الصهيونية الإنذار الذي وجهه نتنياهو للوزير الألماني، مطالبًا إياه ألا يلتقي المنظمتين الحقوقيتين، وإلا سيرفض رئيس وزراء الكيان مقابلته. ومع ذلك، فإن لقاءات الوزير تمت كما كان مخططًا، وقد تحدث مع رئيس الكيان "الإسرائيلي" رؤفين ريفلين ورئيس المعارضة إسحق هرتسوغ، وفي أثناء زيارته إلى المنطقة التقى الوزير أيضًا برئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن وملك الأردن عبدالله الثاني.
وأوضح نتنياهو بأنه قام بخطوة محسوبة، كما تنقل الصحيفة، تستهدف نقل رسالة للدبلوماسيين في المستقبل، وقال:"إني أقود علاقات "إسرائيل" الخارجية نحو ازدهار غير مسبوق، لكني أفعل هذا انطلاقًا من سياسة وطنية فخورة وحازمة، وليس انطلاقًا من طأطأة الرأس والانحناء".
تعليق الوزير الالماني
الألمان لم يخفوا استغرابهم، فقد جمع غابريال المراسلين في فندق الملك داود في القدس وقال لهم:"زرت هنا مرات عديدة، استمتعت دومًا باللقاء مع رئيس الوزراء، ولهذا فقد فوجئت بسماعي إلغاء اللقاء معه".
وقال غابريال إن اللقاء مع ممثلي المنظمتين لم يكن خفيا، وأضاف،"عندما يأتي المرء إلى دولة معينة ويسعى إلى معرفة شيء ما عنها، فإنه يحتاج لان يتحدث مع الناس. وبالتالي فان كل هذا الامر فاجأني. برأيي انه محظور ان نتحول هنا الى أداة لعب في السياسة الداخلية لـ"إسرائيل"، ستكون فرصة اخرى للقاء في مكان ما، وبرأيي ليس الامر بمصيبة. عندما نأتي الى هنا ينبغي أن نعرف بأنه لا يمكن منع المفاجآت، وعلاقات المانيا و"إسرائيل" لن تتغير بأية حال". واعتبر أن هذه اللقاءات تأتي في سياقها الطبيعي تماما، موضحا أنه لا يمكن تخيل أن يأتي رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى ألمانيا مخططا للقاء منتقدين للحكومة، بينما يتم رفض هذا الأمر وإلغاء اللقاء معه، وقال: "لا يمكن تصور ذلك".
فماذا بعد مضي نتنياهو بأفعاله هذه؟ كيف سيؤثر قراره على علاقة تل أبيب ببرلين؟ وهل سيكمل بطريق الانعزال عن المجتمع الدولي؟