الوقت- مما لاشك فيه بأن العلاقات الدبلوماسية بين تونس وسوريا لم تنقطع بشكل كامل على مدار السنوات الماضية من عمر الأزمة السورية وإن كانت قد فترت هذه العلاقات في السنين الأولى من أزمة البلدين لأسباب كانت معروفة في حينها، إلا أن القادة التونسيون أدركوا على الفور أن قطع العلاقات لايخدم الشعبين الصديقين معتبرين أن الفتور السابق بالعلاقات كان خطأً كبيرا.
وهاهم التونسيون يطالبون عبر برلمانهم بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا على مستوى السفراء، مقدمين كل الدعم للرئيس السوري بشار الأسد في حربه ضد الإرهاب، معلنين عن رغبتهم في التعاون مع الحكومة السورية فيما يخص التونسيين الذين تورطوا في أعمال إرهابية في سوريا وتسليمهم للحكومة التونسية الأمر الذي لاقى ترحيبا واسعا من دمشق، وأعلنت الأخيرة استعدادها لتقديم معلومات ومعطيات حول شبكات تسفير الشباب التونسي إلى سوريا.
مشروع لإعادة العلاقات
وفي جديد التطورات المتعلقة بتوسيع دائرة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ما قام به أعضاء الكتل النيابية الأربعة يوم الخميس الفائت، حيث قدموا مشروع لائحة تتعلق بالمطالبة بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، إلى مكتب البرلمان على أن تتم إحالته في وقت لاحق إلى جلسة عامة للتصويت عليه.
وتمثلت هذه الكتل بكل من : كتل الحرة "21 مقعدا في البرلمان من أصل 217"، والجبهة الشعبية "15 مقعدا"، والاتحاد الوطني الحر "11 مقعدا"، وآفاق تونس ونداء التونسيين بالخارج "10 مقاعد".
وصرحت الكتل الأربعة التي قدمت هذا المشروع بعد زيارة قام بها ممثلو هذه الكتل إلى دمشق بأن مبادرتهم جاءت "بناءً على أن تونس عضو في جامعة الدول العربية، وعلى ما أعلنه رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، أثناء حملة الانتخابات الرئاسية من وعد بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع الشقيقة سوريا، إصلاحا لخطأ قطعها من طرف الرئيس السابق، محمد المنصف المرزوقي".
وأكدت الكتل في مشروعها على حرص تونس على دعم الوحدة المغاربية، باعتبارها خطوة نحو تحقيق الوحدة العربية ، ووجهت دعوة إلى رئيس الجمهورية السبسي، إلى "اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة العلاقات بين تونس والجمهورية العربية السورية" في إطار صلاحياته الدستورية.

مواقف
قال وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، أمام البرلمان الأسبوع الماضي، في جواب على سؤال عن العلاقات بين سوريا وتونس،"العلاقات مع سوريا لم تقطع، بدليل عمل البعثة التونسية في سوريا، التي تتابع عن كثب ما يجري هناك، وتقدم خدماتها الممكنة إلى التونسيين المقيمين في سوريا".
من جانبه علق النائب الصحبي بن فرج على مشروع اللائحة بالقول إن"هذا الإجراء لا يتعارض مع صلاحيات رئيس الدولة ولا يتجاوزها، وإنما يهدف إلى تبليغه رسالة مفادها أن النواب يؤيدون إعادة العلاقات مع الجمهورية العربية السورية".
أما عضو البرلمان التونسي عن كتلة "نداء تونس"، ابتسام الجبالي، فأشارت إلى أن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا تحظى بطلب شعبي واسع، مضيفة بأن الصداقة والترابط بين الشعوب تتجاوز في أغلب الأحيان الإطارات الدبلوماسية، ولكن كموقف شخصي، لابد من استرجاع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.
وفيما يخص عودة الإرهابيين التونسيين إلى بلدهم، قالت النائبة عن كتلة نداء تونس، هالة عمران في تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية: "الحملة التي تم تنظيمها من طرف المجتمع المدني، والمطالبة من حركة نداء تونس لمجلس نواب الشعب لعدم قبول عودة الإرهابيين التونسيين، من بؤر التوتر وخاصة سوريا، ورغم الضغط الدولي، إلا اننا نرفض عودتهم إلا بالتنسيق مع سلطات دمشق، حتى يكون لدينا على الأقل بنك معلومات على كيفية دخول هؤلاء، وما هي ارتباطاتهم، ولن يتم ذلك سوى بإعادة ربط العلاقات مع سوريا".

الجزائر و مصر
هاتين الدولتين اللتين تسعيان بكل قوة وبمطالبة شعبية منقطعة النظير لإعادة العلاقات مع سوريا، حيث صرح كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي و الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وفي أكثر من مناسبة بوقوفهم إلى جانب الجيش السوري في محاربته للإرهاب ودعمهم لصمود الشعب السوري المقاوم.
ولايخفى على أحد التطابق الكبير في مواقف كل من الجزائر وسوريا في الكثير من القضايا وخاصة القضية الفلسطينية، كما أن بلد المليون شهيد عانت من الإرهاب ما تعانيه سوريا في الوقت الحالي، لذلك فهي تدرك جيدا حجم المؤامرة التي تتعرض لها دمشق من قبل الدول الداعمة للإرهاب.
وربما سنشهد في القريب العاجل تغير في المواقف تجاه الأزمة السورية لاسيما من قبل دول الخليجیة، حيث بدأ العالم عموما والغرب خصوصا يعلم بأن الجيش السوري هو صمام الأمان في سوريا وأنه يخوض حربا ضد الإرهاب لو لم يبذل كل هذه الأرواح والدماء في الدفاع عن أرضه لانتشر الإرهاب كالنار في الهشيم في كل أنحاء المعمورة.