الوقت- في زيارة هي الثالثة من نوعها منذ تولي الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم في يناير الماضي قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة مفاجئة وغير معلنة الى الرياض، وصفها المراقبون بالحساسة.
وأفادت مصادر رسمية أن السيسي عقد قمة مغلقة مع ملك السعودية، تبعتها مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، فيما لم ترد أي تفاصيل عما دار في الاجتماعين، واكتفت وكالات الأنباء الرسمية بنقل ما صدر عن الديوان الملكي السعودي بأنه جرى خلال اللقاء عرض أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، والحرص على تعزيز العلاقات في مختلف المجالات.
وجاءت هذه الزيارة في اعقاب سلسلة التغييرات التي قام بها الملك السعودي مؤخراً بينها اقالة ولي عهده مقرن بن عبد العزيز وتعيين وزير الداخلية محمد بن نايف خلفاً له واقالة وزير الخارجية السابق سعود الفيصل واستبداله بعادل الجبير السفير السعودي السابق في واشنطن.
ويرى المراقبون ان هذه التغييرات اقلقت كثيراً الرئيس المصري الذي كان يحظى بدعم مقرن والفيصل والذي تجلى بوضوح خلال المؤتمر الاقتصادي الذي نظمته القاهرة في شرم الشيخ منتصف اذار/ مارس الماضي وحصلت من خلاله على ستة مليارات دولار من السعودية والكويت والإمارات حسبما اكد محافظ البنك المركزي المصري هشام رامز.
واشار مراقبون الى ان زيارة السيسي الى الرياض كانت تهدف في الاساس الى تجديد البيعة والوفاء للملك السعودي وولي عهده الجديد وولي ولي العهد محمد بن سلمان والطلب من الاسرة الحاكمة الاستمرار بدعم الحكومة المصرية التي يرأسها السيسي مقابل تعهده بدعم الامراء السعوديين الجدد على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وتجدر الاشارة الى ان حكومة السيسي كانت تتمتع بالاستقلال النسبي في المنطقة في زمن الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز لكنها تراجعت عن ذلك الى حد ما بعد مجيء الملك سلمان بن عبد العزيز، مرجحة استمرار تدفق المعونات السعودية السخية عليها حتى وإن كان على حساب مكانتها ونفوذها السياسي في المنطقة.
وتشارك مصر الآن السعودية في عدوانها على اليمن في إطار التحالف الذي تقوده امريكا ضد هذا البلد منذ نحو اربعين يوماً والذي ادى حتى الآن الى استشهاد وجرح الآلاف من اليمنيين معظمهم من الاطفال والنساء وتشريد عشرات الآلاف من منازلهم وتدمير البنى التحتية والمنشآت الحيوية لبلدهم.
وهنا لابد من الاشارة الى ان الشعب المصري نظم احتجاجات واسعة ضد العدوان السعودي على اليمن، وانتقد بشدة حكومة بلاده لوقوفها الى جانب الرياض في هذا العدوان، كما وجه الكثير من وسائل الاعلام المصرية غير الرسمية انتقادات واضحة لهذا العدوان وطالب الحكومة بوقف دعمها للسعودية، محذراً من مغبة تكرار سيناريو تدخل الجيش المصري عسكرياً في اليمن كما حصل في زمن حكم الرئيس الاسبق جمال عبد الناصر في ستينات القرن الماضي والذي أدى الى مقتل وجرح الآلاف من العسكريين المصريين.
ويرى المتابعون لشؤون المنطقة ان السياسة الخارجية المصرية اتسمت بالتذبذب منذ تسلم السيسي مقاليد الامور في هذا البلد في حزيران / يونيو 2014 خصوصاً فيما يرتبط بالعلاقات بين القاهرة والرياض، مشيرين الى ان هذه العلاقات تأثرت كثيراً بالمنافع المادية التي تحرص القيادة المصرية على تأمينها لمواجهة الازمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهها مصر في هذه المرحلة، معربين عن اعتقادهم بأن حل هذه المشكلة لا ينبغي ان يتم على حساب الاسس والمبادئ التي اقرتها المنظمات الدولية وجامعة الدول العربية والتي اكدت على ضرورة احترام سيادة واستقلال الدول الاخرى ومن بينها اليمن التي يسعى شعبها لتحقيق عزته وكرامته بعيداً عن أي تدخل أجنبي.
ومن نافلة القول التأكيد على ضرورة صيانة تاريخ مصر العريق وتجنب الاساءة اليه ورفض الدخول بتحالفات لن تخدم سوى الكيان الإسرائیلي. كما لابد من التأكيد على ضرورة توفير الطاقات لنصرة الشعوب المظلومة لاسيما الشعبين الفلسطيني واليمني بدلاً من الاصطفاف الى جانب اعدائهما، فالتاريخ لن يرحم من يتخاذل عن نصرة قضايا الأمة المصيرية ولن يغفر ابداً لمن يقف الى جانب اعدائها، وحري بمصر وقيادتها السياسية ان تكون في طليعة المتصدين للاعداء والواقفين الى جانب الاشقاء والاصدقاء لا سيما المظلومين منهم وفي طليعتهم الشعبين الفلسطيني واليمني، وحري بمصر أيضاً أن تبتعد عن كل ما من شأنه الاساءة الى تاريخها المشرف؛ فآل سعود لا يستحقون الوقوف الى جانبهم في عدوانهم الظالم على اليمن الذي لن يخدم سوى امريكا والکیان الاسرائيلي وحلفائهما الغربيين والانظمة الرجعية والعميلة في المنطقة وفي مقدمتها النظام السعودي نفسه.