الوقت- خرجت وثيقة حركة حماس الجديدة لتُثبت تمسكها بخيار المقاومة وانتماءها الى المحور المقاوم. فالحركة التي بدأت مسيرتها عام 1987 وأطلقت وثيقتها الأولى عام 1988، تعود لتُطلق وثيقة جديدة بعد 30 عاماً، لتؤكد على الثوابت الأصيلة لها في الصراع العربي الإسرائيلي. في حين أقفلت الوثيقة بوضوحها، النقاش الدائر حول الخيارات الفلسطينية، ومحالات إعادة إحياء المشاريع والمبادرات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية من قِبَل بعض الأنظمة العربية. فماذا حملت وثيقة حماس السياسية الجديدة؟ وما هي دلالاتها المهمة؟
ماذا حملت وثيقة حماس السياسية؟
تضمَّنت الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس 11 فصلاً و41 بنداً تفصيلياً. فيما يمكن ذكر أهم ما أكدت عليه الوثيقة كما يلي:
أولاً: التأكيد على أن حركة حماس هي حركة تحرُّر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية هدفها تحرير فلسطين. وتؤمن بأنّ الإسلام يرفض جميع أشكال التطرّف والتعصّب الديني والعرقي والطائفي.
ثانياً: إعتبار إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة عاصمتها القدس ضمن الحدود التاريخية الفلسطينية عام 67، أي من نهر الأردن شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً، ومن رأس الناقورة شمالاً إلى أم الرشراش جنوباً. وإعتبار ذلك صيغة توافقية وطنية مشتركة، والتأكيد على أن القدس المحتلة هي عاصمة فلسطين وحقّ ثابت لا تنازل عنه ولا تفريط فيه. فيما تُعتبر الدولة الفلسطينية نموذجاً للتعايش والتسامح والإبداع.
ثالثاً: عدم السماح بالتنازل عن أي جزء من أرض فلسطين وإستمرار العمل المقاوم من أجل تحرير الأراضي الفلسطينية بالكامل. والمطالبة بعودة اللاجئين والنازحين إلى المناطق التي احتُلَّت منذ عام 1948، واعتبار ذلك حق غير قابل للمساومة من قبل أي جهة كانت، محلية أو إقليمية أو دولية.
رابعاً: حماية القضية الفلسطينية عبر رفض جميع الإتفاقيات والمبادرات والتسويات وإعتبار تحرير فلسطين واجب الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية.
خامساً: المضي في خيار المقاومة على قاعدة أن حق مقاومة الإحتلال حق شرعي للشعب الفلسطيني الأمر الذي يعني المضي قدماً بتطوير كافة وسائل المقاومة المسلّحة كخيار استراتيجي.
سادساً: التاكيد على اعتبار وعد بلفور باطل، والكيان الإسرائيلي كيان غير شرعي. وقيام هذا الكيان يُعتبر مُناقض لحقوق الشعب الفلسطيني.
سابعاً: التعاطي مع المشاريع الإستيطانية على أنها مشاريع عدوانية، مع التفريق بين اليهود والصهاينة. مما يعني أن كل الإجراءات التي يقوم بها الإحتلال في القدس من تهويد واستيطان وتزوير للحقائق باطلة.
الوثيقة ودلالاتها المهمة
عدة دلالات يمكن الخروج بها بناءاً لما تقدم، نُشير لها فيما يلي:
أولاً: جاءت الوثيقة لتؤكد على المسار والنهج الذي تعتمده الحركة منذ تأسيسها، حيث كانت الوثيقة بمثابة إعادة تذكير بمبادئ ورؤية حركة حماس السياسية والفكرية الثابتة والأصيلة والتي تضمنها ميثاق الحركة الأساسي الذي أصدرته عام 19888.
ثانياً: تُعتبر الوثيقة حصيلة للتجربة التي خاضتها الحركة والتي من خلالها - أي بعد ثلاثين عاماً - تأكدت من صحة خيار المُقاومة، وأهمية بقائه كخيار وحيد وإستراتيجي للشعب الفلسطيني. حيث تؤمن الحركة بأن هذا المسار لا يجب أن يتأثَّر بالمتغيرات الدولية والإقليمية، ولا يجب أن يُعير أي اهتمام لمحاولات البعض تصفية القضية الفلسطينية عبر مبادرات تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
ثالثاً: الجديد في الوثيقة كان التأكيد على الإختلاف في الرؤية والتعاطي تجاه الإحتلال الإسرائيلي واليهود. حيث أن الحركة كونها مُقاومة وتنطلق من تعاليم الدين الإسلامي تعتبر وكما يؤمن المسلمون بأن اليهود هم أهل ديانة يجب أن تُحترم. فيما الصراع هو مع الصهيونية والكيان الإسرائيلي كأحد أوجهها.
رابعاً: أنهت الوثيقة النقاش حول انتماء الحركة لمحور المقاومة وإعتبارها جزء أساسي منه لا سيما على الصعيد الفلسطيني. وهو ما أثبته تركيزها على استمرار خيار المقاومة حتى إنهاء الإحتلال الإسرائيلي وتأكيدها العمل على تطوير العمل المقاوم.
خامساً: من ناحية التوقيت، أكدت الحركة ومن خلال فحوى ومضمون الوثيقة رفضها للمشروع العربي الذي تُعدُّه بعض الدول العربية حالياً والهادف للتقريب بين مصالح الأنظمة العربية والكيان الإسرائيلي، والذي يُؤثر في أبعاده ونتائجه على الصراع العربي الإسرائيلي القائم.
سادساً: نجحت الحركة ومن خلال وثيقتها في إعادة توجيه البوصلة الفلسطينية الى هدفها الحقيقي، وأرست من خلال مبادئ الوثيقة برنامجاً يمكن اعتماده على الصعيد الداخلي الفلسطيني كمشروع لمقاومة وإنهاء الإحتلال ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني.
إذن، أعادت حماس تأكيدها على خيار المقاومة. وأعادت بالتالي تمييز نفسها عن الأطراف التي تحمل رؤية غامضة وملتبسة تجاه تحديات المنطقة. أكدت وثيقة حماس الجديدة أن فلسطين هي كل فلسطين بحدودها التاريخية، والقدس عاصمتها. أما الكيان الإسرائيلي فهو العدو الأساسي للأمة العربية والإسلامية أجمع.