الوقت- بعد اكتمال السنوات السبع على الأزمة السورية، وتمكن النظام السوري بمساندة حلفائه من مواجهة الحرب الكونية الدائرة على أرضه، والصمود في وجه المؤامرة الدولية التخطيط والعربية التنفيذ، يبدو أن أطراف التأزيم في سوريا بدأوا بخطة جديدة قديمة لتشكيل ما سمي بالناتو العربي تحت مسمى محاربة تنظيم داعش ومواجهة الإرهاب وما إلى ذلك من شعارات هم بعيدين كل البعد عنها.
ففي قراءة للمشهد السوري خلال المدة الأخيرة وبعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري وخاصة في مدينة حلب القريبة من الحدود التركية، وما شكله ذلك من ضربة قسمت ظهر المشروع التركي العربي في الشمال السوري، بدأ تلوح بالأفق بوادر مشروع تخريبي جديد متشكل من حلف أمريكي عربي إسرائيلي لضرب سوريا والمقاومة تحت غطاء مكافحة الإرهاب في سوريا وبرعاية ومباركة دولية بامتياز.
أما عن تفاصيل هذا الحلف ولتفكيك الصورة بشكل أوضح على خارطة الصراع السوري فهذا عرض لخيوطه التي لا تنفصل عن بعضها البعض ولو انفصلت جغرافيا على مساحة سوريا ومحور المقاومة.
الطرف الأمريكي
بعد مرحلة رمادية من المواقف التي أطلقها الرئيس الأمريكي الجديد بدأت الصورة تتضح أكثر فأكثر لجهة موقف الإدارة الجديدة. حيث أن كافة المراقبين يؤكدون أن الأمريكيين وعبر الدعم الجديد القديم لأكراد سوريا يسعون لإيجاد موطئ قدم لهم في المعادلة السورية ولإعادة التوازن مع روسيا وإيران بعد مرحلة من التقهقر أمام المحور الإيراني الروسي في عهد أوباما.
بدوره وزير الخارجية الأمريكي ريك تيلرسون وفي افتتاح اجتماع للتكتل الدولي لمحاربة تنظيم داعش أكد أن هدفهم هو إقامة مناطق استقرار مؤقتة لتمكين اللاجئين والنازحين من العودة إلى مناطقهم. دون الكشف عن تفاصيل أخرى مكتفيا بعرض الإنجازات التي نسبها للتحالف بتحرير 62 بالمئة من الأراضي العراقية و30 بالمئة من الأراضي السورية التي كانت تحت سيطرة داعش.
هذا وأكد في موقف لافت أن كلا من مصر والسعودية والإمارات تقوم بدور مهم في مواجهة داعش والفكر المتطرف. وهذا الكلام يعزز فرضية السعي الأمريكي العربي التركي لإقامة مناطق عازلة في سوريا، إن كان شمالا أو جنوبا على الحدود الأردنية.
الطرف العربي وتفعيل غرفة عمليات الموك
حيث تتوارد الأنباء عن تحضيرات بدأت تظهر بعض معطياتها الميدانية لتفعيل غرفة عمليات الموك في الأردن، عبر حلف أردني سعودي إماراتي إسرائيلي، بدعم ومباركة أمريكية. وغرفة عمليات الموك الشهيرة كان قد عطل دورها بسبب الفشل الذي تعرض له ما سمي "جيش سوريا الجديد" منذ حوالي العامين.
وتدور علامات استفهام كثيرة حول الحلف الجديد وأهدافه من إعادة إحياء غرفة الموك اليوم. فجبهة النصرة تسيطر على مناطق واسعة في تلك المنطقة كنوى والصنمين والشيخ مسكين ومعبر نصيب الحدودي، وهي مدعومة من أطراف الحلف الجديد بشكل شبه مباشر.
ناهيك عن أن للكيان الإسرائيلي علاقاته ضمن الجماعات التي تسيطر على المنطقة. لذلك فإن أي حلف تحت مسمى مكافحة الإرهاب هو واجهة لعدوان على سوريا النظام والمقاومة، حماية للكيان الإسرائيلي من اشتداد قدرة المقاومة الشعبية في الجولان المحتل وهو الأمر الذي يقض مضجع قادة الكيان.
الطرف الإسرائيلي
إسرائيلياً، يتزايد الحديث عن حرب محتملة ضد جبهة المقاومة إن في لبنان أو سوريا، وتصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي تؤكد العدوانية التي يكنها قادة العدو اتجاه الساحتين السورية واللبنانية، ويتناغم معهم أطراف ودول عربية وإقليمية. حيث تجد إسرائيل نفسها في مرحلة من التخلي العربي الكامل عن القضية إضافة إلى الحروب المنتشرة على مساحة العالم العربي. كما أن الظرف الدولي مناسب وخاصة أمريكيا.
خلاصة الموضوع، يبدو أن حلفا ثلاثيا، يعيدنا إلى العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، يتألف من أمريكا وإسرائيل وأتباعهم العرب قد تشكل بصور مختلفة على مساحة الحرب الكونية الدائرة في سوريا، وتحت شعار محاربة الإرهاب وتنظيم داعش الإرهابي يسعى لكي لشن عدوان على سوريا والمقاومة بهدف إضعاف هذا المحور. طبعا ليس الأمر بهذه السهولة خاصة مع تغيير قواعد اللعبة والاشتباك الذي فرضته القيادة السورية على العدو الإسرائيلي وإسقاط الطائرة الحربية. إضافة إلى التهديدات التي تطلقها المقاومة باتجاه "إسرائيل" مؤكدة القدرة على التصدي لأي عدوان وضرب العمق الإسرائيلي بشكل دقيق وموجع يؤدي إلى تدمير هائل في البنى التحتية. وتبقى التطورات الميدانية في الأيام المقبلة هي الكفيلة بكسر هذا الحلف قبل أن يتجرأ على الإقدام على أي حماقة في المستقبل.