الوقت- تحول حزب الاتحاد الديمقراطي السوري (PYD) الى لاعب مهم في الشمال السوري خلال الأعوام الماضية، مما دفع الروس والامريكان الى النظر الى هذا الحزب الكردي بجدية، وقد يشارك هذا الحزب مشاركة حقيقية في عمليات تحرير الرقة من سيطرة تنظيم داعش.
ومن الأركان المهمة لتأثير هذا الحزب في المشهد العسكري، قدرات الحزب القتالية، مما يفسح امامه المجال للتعاون مع اللاعبين الاقليميين والدوليين. رغم ذلك فإن التعاون مع (PYD) في عمليات تحرير الرقة يفرض معادلة معقدة؛ حيث أن الحكومة الأمريكية الجديدة غير مهتمة بدعم الجماعات السورية، ومن جهة أخرى فإن تركيا ترفض وبشدة مشاركة الأكراد في عمليات تحرير الرقة، ومن هذا المنطلق يمكن رسم عدة سيناريوهات لمستقبل الأحداث في الساحة السورية:
السيناريو الأول يقوم على تعاون حقيقي بين واشنطن و PYD ومشاركة حقيقية للأكراد في عمليات تحرير الرقة من سيطرة تنظيم داعش. بالنظر الى رفض أنقرة لمشاركة الأكراد وعدم رغبة واشنطن بتراجع العلاقات مع انقرة، فإن هذا السيناريوا يبدو مستبعدا.
السيناريو الثاني يقوم على عدم مشاركة PYD في عمليات تحرير الرقة، وعدم تقديم واشنطن الدعم للاكراد. هذا السيناريو يبدو مستبعد هو الآخر، حيث وكما أشرنا سابقا، تعد القدرات القتالية العالية التي يتمتع بها حزب PYD من الأسباب الدافعة نحو مشاركتهم في عمليات الرقة. ومن جهة اخرى على الرغم من أن واشنطن لا ترى علاقتها مع الاكراد السوريين علاقة استراتيجية، ولكن هذا لاا يعني أن لا تستغلهم واشنطن تكتيكيا لتحقيق مآربها.
السيناريو الثالث يقوم على تعاون واشنطن مع انقرة و PYD في آن واحد. على الرغم من أن ادارة أمريكا لهذا السيناريو لن تكون بالامر اليسير؛ ولكن يبدو أن الدعم الأمريكي للأكراد سيستمر رغم الاعتراضات التركية.
السيناريو الرابع هو صحيح في هذه الحالة، حيث يبدو أن أنقرة أقرت شيئا فشيئا بحقيقة الاوضاع بشمال سوريا؛ فعلى الرغم من أن الاستقلال النسبي للاكراد شمال سوريا يضر بالمصالح الوطنية التركية، إلا أن أنقرة تعلم أنها جارة للأكراد شاءت أم أبت، وإنها لا تستطيع تغيير موقعها الجغرافي.
في الحقيقة إن المطالب التركية حيال العلاقة مع الاكراد في الشمال السوري لا تتطابق مع واقع الحال؛ لذلك طالبت أنقرة باقامة منطقة آمنة في شمال سوريا وبالقرب من الحدود التركية من أجل عزل جنوب شرقها عن الشمال السوري؛ وهذا لا يتفق مع السياسات التركية المعلنة.
إن معادلة واشنطن انقرة PYD ستكون هي المرجحة احتمالاً رغم أنها متعددة الأوجه والمتغيرات، نظراً لتعدد المصالح الاستراتيجية والاقليمية في المنطقة عموماً وفي سوريا خاصة والتي تديرها الاطراف الدولية العظمى، لذلك فأن حل المعادلة يوجب على تركيا أن تغير من موقفها إزاء الاكراد لأنها ستكون عاجزة عن الاخلال بالنظام القائم حالياً شمال سوريا، ما يعني أنه لم يتبق أمامها سوى الاقرار بالحقائق المفروضة أو القائمة على أرض الواقع، ومن هذا المنطلق فهذه الامور لا تصب في صالح حكومة أنقرة، إلا إذا منحتها واشنطن امتيازات أو بدائل جديدة للتعويض، وهذا بعيد على المنظور القريب.