الوقت- عاد التوتر بين ألمانيا وتركيا إلى الواجهة الإعلامية من جديد، على خلفية الاستفزازات الأخيرة التي قامت بها أنقرة، بدءا من قمعها للحريات في بلادها وصولاً إلى اعتقالها صحفي ألماني، ما أثار حفيظة ألمانيا، فخرجت برلين عن صمتها محذرة أردوغان وحكومته من التعدي على مواطنيها، كما ألغت تجمعين مؤيدين لتسويق استفتاء حول توسيع صلاحيات أردوغان الرئاسية على أراضيها.
وفي غضون ذلك حدث تراشق كلامي بين البلدين، حيث وجهت أنقرة سلسلة من الاتهامات لبرلين، معتبرة منعها تنظيم مهرجانين لدعم أردوغان على أراضيها "عمل مشين"، متهمة إياها بالعمل "ضد مصالح" الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولم تتوقف اتهامات تركيا عند هذا الحد بل تعدت ذلك متهمة الأجهزة الأمنية الألمانية بالتقاعس عن ملاحقة الأشخاص الذين يعملون ضد مصالح أنقرة قائلةً " إن برلين توفر ملجأ لأشخاص يرتكبون جرائم ضد تركيا".
في المقابل رفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اتهامات أنقرة بالتدخل في إلغاء مهرجانين مؤيدين للرئيس التركي في ألمانيا، وانتقدت في المقابل القيود على حرية الصحافة في تركيا.
وخلال زيارتها إلى تونس علقت ميركل بالقول" الوضع القانوني في ألمانيا هو كالآتي: نحن نظام فدرالي و البلديات والمناطق لها صلاحيات، وكذلك بالنسبة إلى الحكومة الفدرالية. وفي ما يتعلق بالتجمعات، يتم إعطاء التراخيص على مستوى البلديات".
من جانبه هاجم أردوغان السلطات الألمانية ورد على انتقادات ميركل بشأن الصحفي المعتقل بأنه "جاسوس، لألمانيا، الأمر الذي يشير إلى أن أنقرة ماضية في تصعيد التوتر مع برلين.
وكان من المقرر أن يشارك وزيرا العدل والاقتصاد التركيان، في تجمعين كان من المقرر أن يتم تنظيمهما في مدينتي كولونيا وغاغناو، بهدف دعم توسيع صلاحيات الرئيس التركي قبل ستة أسابيع من استفتاء على الدستور ستنظمه تركيا.
وبرر رئيس بلدية غاغناو الألمانية مايكل فايفر، إلغاء التجمع بالقول إن المكان لا يتسع للأعداد المتوقعة من المشاركين، من جانبها اعتبرت بلدية كولونيا، عدم قدرة الشرطة المحلية على ضمان الأمن خلال المناسبة، هي السبب وراء إلغاء التجمع.
ورداً على ذلك، اتهمت أنقرة برلين بالعمل لمصلحة معسكر "لا" في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وكان من المقرر أن يقوم وزير العدل التركي، بكر بوزداغ بزيارة إلى ألمانيا يلتقي فيها مع نظيره الألماني هايكو ماس، لكنه أعلن في الأمس إلغاء الزيارة على خلفية الإجراءات الأخيرة التي قامت بها ألمانيا، معتبراً حظر المهرجان" إجراء فاشي"، وتابع بالقول " الإرهابيون يتمتعون بحرية التعبير في ألمانيا، لكن ليس وزير العدل"، أما وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبقجي، رفض العدول عن زيارته لألمانيا وقال أنه سيتوجه إلى برلين غداً، وأعلن عن استعداده "التنقل من مقهى إلى مقهى ومن بيت إلى بيت" في إشارة منه للرد على حظر ألمانيا للمهرجانين على أراضيها.
وزادت حدة التوتر بين أنقرة وبرلين، بعد سجن السلطات التركية، مراسل صحيفة "دي فيلت" الألمانية، دينز يوجل، الثلاثاء الماضي، ما سبب غضب كبير في الأوساط السياسية والشعبية الألمانية، حيث نددت المستشارة الألمانية، بالقيود على حرية الصحافة في تركيا، مؤكدة التزام بلادها بالدفاع عن حرية التعبير في ألمانيا، وقالت ميركل" أعتقد أننا محقون في انتقاد أي قيود على حرية الصحف في تركيا"، مضيفة أن "حرية الإعلام لم تنل الحماية الكافية في حالة دنيز يوجل".
وخلال زيارته لأوربا، رفض وزير العدل التركي بكر بوزداغ التعليق على إعتقال الصحفي الألماني، واكتفى بالقول، "هذه التحقيقات والملاحقات يجريها نظام قضائي غير منحاز ومستقل".
وفي ردها على إعتقال الصحفي دنيز يوجل، قامت برلين بإستدعاء السفير التركي، وأعلنت إحتجاجها على الممارسات القمعية التي تقوم بها السلطات التركية.
يذكر أن الشرطة التركية، قامت بإعتقال يوجل، بسبب مقالاته عن قرصنة البريد الإلكتروني لبيرات البيرق، وزير الطاقة وصهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأحالته إلى السجن من دون محاكمة أو توجيه تهم، على رغم تدخل عدد من المسؤولين الألمان بلا جدوى لضمان إخضاعه لإجراءات تحقيق عادلة.
وبالعودة إلى تداعيات حظر مهرجان لأنصار أردوغان على الأراضي الألمانية، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أمام صحافيين في أنقرة: "إنهم لا يريدون أن يخوض الأتراك حملة هنا، يعملون من أجل معسكر لا... يريدون منع قيام تركيا قوية".
من جهته قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية المتحدث مارتن شافر، أمس، إن قرار الحظر اتخذته سلطات البلديتين المعنيتين و"لا تأثير" للحكومة الفدرالية فيهما. وأضاف المتحدث أنه "ليس من مصلحتنا أو من مصلحة تركيا أن يكون الحوار بيننا عبر وسائل الإعلام، أو أن ندخل في مواجهة مفتوحة".
يذكر أن السلطات التركية استدعت مساء الخميس السفير الألماني إلى أنقرة للاحتجاج على إلغاء التجمعين.
تأتي هذه التطورات بعد قيام السلطات التركية بحملة غير مسبوقة على وسائل الإعلام التي لا تتماشى سياستها مع سياسة الحكومة التركية، ما أثار انتقادات دول أوربا وخاصة ألمانيا.