الوقت - يمارس النظام الخليفي منذ عام 2011 أبشع انوع القمع ضد الشعب البحريني بمساعدة سعودية مباشرة ومساهمة المخابرات الامريكية والبريطانية لأن قادة النظام الخليفي غير الديمقراطي يدركون جيدا انهم لايملكون قاعدة شعبية وانهم مضطرون للاستعانة بلندن وواشنطن لحفظ حكمهم.
وليس من قبيل الصدفة ان تزور رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي المنامة في مستهل عهدها تحت ذريعة المشاركة في قمة دول مجلس التعاون فالمنامة تعتبر من زبائن الاسلحة البريطانية علما بان مشترياتها ارتفعت الى 45 مليون جنيه استرليني بين فبراير 2011 وسبتمبر 2015 في حين كان حجم هذه المشتريات 6 ملايين جنيه استرليني فقط في السنوات الثلاثة التي سبقت اندلاع الثورة البحرينية في عام 2011.
لكن رغم محاولات النظام الخليفي لحفظ نظام الحكم الملكي البالي في عصر سيادة الشعوب يبدو ان النتيجة الوحيدة للدعم الغربي والسعودي لهذا النظام هو تسريع انهياره.
ان تنفيذ حكم الاعدام بـ 3 شبان أبرياء بتهمة قتل عسكريين اماراتيين وباكستانيين في عام 2014 قد زاد الهوة الموجودة بين السلطة والشعب وأحيا روح الثورة من جديد حيث أيقن الثوار ان النظام لايبحث ابدا عن مخرج سلمي للأزمة الموجودة ولذلك لم يعد هناك مجال للتراجع في الاحتجاجات.
ان حكام البحرين الذين استخلصوا هذه النتيجة ايضا قد اعلنوا الاثنين تأجيل محاكمة الزعيم الروحي لحراك الشعب البحريني والمرجع الديني الشيخ عيسى قاسم من جديد، وجاء هذا القرار بعد ان تظاهر 150 الف بحريني في 40 نقطة من البلاد وهم يرتدون الأكفان ليل الأحد.
وكانت تلك المظاهرات بمثابة جرس انذار للنظام فيما يعتصم عشرات الآلاف ايضا امام منزل هذا العالم الديني منذ اكثر من 220 يوما.
وربما يظن آل خليفة انهم قادرون على استنساخ الجريمة السعودية في محاكمة واعدام الشيخ المجاهد نمر باقر النمر، لوضع حد لحراك الشعب البحريني لكن ردة فعل هذا الشعب والدعم الذي أبداه لمرجعه الديني وقائده الروحي أثبت بأن محاكمة هذا الزعيم الديني لن تمر من دون جواب ولايمكن تكرار ما حدث للشيخ النمر وان الامور ستتطور وربما ستصل الى تغيير النظام الحاكم في البحرين.
ان مكانة الشيخ عيسى قاسم تتعدى البحرين وشيعتها الذين يشكلون 80 بالمئة من عدد سكانها، وهو رمز وحدة الشعب وأملهم لتحقيق مطالبهم.
وكان النظام يأمل في احداث شرخ بين المحتجين اذا استطاع حذف الشيخ عيسى قاسم من الساحة السياسية في البلاد علما بأن ما يميز الثورة البحرينية عن باقي التحركات الشعبية في المنطقة طوال الأعوام الـ 6 الماضية هو وجود قائد قوي على رأس هذا الحراك الشعبي.
ولذلك يمكن القول ان حراك الشعب البحريني مميز عن باقي التطورات الجارية في المنطقة وقد اعلن مسؤولو الدول الرائدة في محور المقاومة في المنطقة ان وجود الشيخ عيسى قاسم هو سبب الحفاظ على سلمية الحراك والمطالبات الشعبية ويمنع حدوث حرب داخلية.
ولو كان الحكام الخليفيون يتمتعون بالعقلانية لنظروا الى هذا العالم الديني ليس فقط كتهديد بل كضمان لمنع وقوع حرب داخلية وعدم الانجرار الى العنف لكن تبعية حكام النظام الخليفي لآل سعود واملاءاتهم أدت الى قيام هؤلاء بوصف حراك الشعب البحريني بقيادة زعيم روحي فذ، بأنه "سعي ايراني للتدخل في البحرين" حسب زعمهم.
ان تبعية حكام البحرين للسعودية ونظرة الرياض السلبية للحراك الشعبي البحريني تقطع الطريق أمام حل الأزمة عبر الحوار خاصة في ظل اسلوب التعامل الأمني الذي يتبعه النظام الخليفي وسعيه لتحويل المطالب السياسية المشروعة للثوار الى ظاهرة أمنية لخلق الذريعة اللازمة لقمع الثورة، لكن ما أفشل هذا المخطط حتى الان هو يقظة قادة الثورة البحرينية وادارتهم الناجحة لهذا الحراك السلمي.