الوقت- اصدرت المحكمة الإدارية المصرية العليا اليوم الاثنين 16 كانون الثاني، "حكماً تاريخياً" أكدت فيه سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير ورفض نقل تبعيتهما للسعودية، رافضةً بذلك الطعن المقدم من قبل الحكومة المصرية، ومشددة على أن سيادة مصر علي الجزيرتين امرٌ "مقطوع بها".
وأعلن المستشار أحمد الشاذلي، رئيس المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، أنه استقر في يقين المحكمة أن لمصر السيادة الكاملة على جزيرتي تيران وصنافير، ما يعد إلغاء لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
واندلعت مشادات كلامية بين الشرطة والمحامين بمجلس الدولة قبل نطق حكم تيران وصنافير، ولكن المحكمة المصرية اعلنت عن قرارها في النهاية مؤكدة أن الجزيرتين مصريتين بالكامل.
وما أن اعلن المستشار الشاذلي عن قرار مصرية الجزيرتين حتى اشتعلت قاعة المحكمة بأصوات المصريين الذين عبروا عن فرحهم العارم بتاكيد سيادة بلادهم على تيران وصنافير، وردد بعض الحاضرين الاغاني الوطنية المصرية.
الوضع خارج قاعة المحكمة وفي الشوراع المصرية لم يكن أقل حفاوةً وترحيباً،اذا استقبل المصريون في شوارع القاهرة قرار المحكمة بالأهازيج و الأغاني الوطنية، وتريد الهتافات المؤيدة لسيادة بلادهم من قبيل :"تحيا مصر..تحيا مصر..تيران وصنافير مصرية".
موجة الفرح امتدت الى مواقع التواصل الاجتماعي وغصت تلك المواقع بوسم #تيران وصنافير_مصرية والاف التعليقات المعبرة عن فرحة المصريين بقرار المحكمة العليا، ووصف البعض شهر كانون الثاني يناير بشهر الانتصارات، حيث شهد هذا الشهر ثورة الخامس والعشرين من يناير عام ٢٠١١ فضلا عن قرار اليوم ببطلان اتفاقية تيران وصنافير.
وكانت مصر والسعودية أتفقتا، في إبريل/نيسان الماضي، غداة زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الى مصر، على نقل السيادة على الجزيرتين للسعودية، ضمن اتفاقية ترسيم الحدود بين الجانبين والتي وقعها اللمك السعودي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويؤكد حقوقيون مصريون امكانية إحالة الدعوى لدائرة قضائية أخرى ولكن الحكم فيها قد يستغرق عامين وأكثر ومن المستعبد أن يتم قبول الطعن الحكومي من جديد.
وترى الحكومة المصرية إن "الجزيرتين تتبعان السعودية وخضعتا للإدارة المصرية العام 1967 بعد اتفاق ثنائي" بين القاهرة والرياض؛ بغرض حمايتها لضعف القوات البحرية السعودية، آنذاك، وكذلك لتستخدمها مصر في حربها ضد الكيان الإسرائيلي، ولكن الشعب المصري وعدد كبير من أعضاء مجلس الشعب يرفضون تلك المزاعم ويؤكدون أن الجزيرتين مصريتين ولا يحق لأي أحد التنازل عن تلك الأرض.
وشهدت مصر، في اعقاب توقيع الاتفاقية بين القاهرة والرياض مظاهرات ضخمة، استمرت لأيام خلال شهر أبريل/ نيسان الماضي، احتجاجا على التنازل عن ملكية الجزيرتين الى السعودية ، واجهتها الداخلية المصرية بالقمع وألقت القبض على عدد من المشاركين فيها، ولكن ورغم الاجراءات القمعية لم تفلح الحكومة المصرية في السيطرة على نبض الشارع فيما يخص تلك القضية، واستمرت المظاهرات المتقطعة بين الفينة والأخرى حتى قبل صدور قرار المحكمة الأخير.
وانطلقت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، للتواجد، أثناء النطق بالحكم اليوم، وسط إجراءات أمنية حذرت من التواجد أمام المقار الحكومية والقضائية في حدود 800 متر.
وقبل قرار المحكمة بأيام، سارعت الحكومة المصرية الى أحالت القضية الى مجلس النواب، وذلك للتصويت عليها بالقبول أو بالرفض، ولكن مجلس النواب، أرجأ عرضها على التصويت، الذي كان مقرراً له حسم مسألة الاتفاقية يوم 11 يناير/ كانون الثاني الجاري، ولم يحدد موعداً ثابتاً للحسم، لحين الانتهاء من القضية المرفوعة أمام القضاء المصري، والتي من المقرر الحكم فيها اليوم الاثنين 16 يناير/ كانون الثاني.
وتحدثت وسائل اعلام مصرية قبل فترة عن وجود ملاحق سرية للاتفاقية المتعلقة بجزيرتي تيران وصنافير وهو ما دفع الحكومة المصرية لرفض عرضها كاملة على البرلمان للتوقيع عليها، في وقت تسربت معلومات شبه مؤكدة عن رفض وزير الدفاع المصري الفريق صدقي صبحي وكذلك وزير الخارجية سامح شكري التوقيع على الاتفاقية خشية محاكمتهما مستقبلا أو اتهامهما بالتفريط في أراضي مصرية.
وعلى الرغم من امتلاك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتأييد كبير داخل أروقة البرلمان لكن الأخير لم ينجح بتمرير الاتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية أو التوسيق لها شعبياً، كما أثارت القضية بلبلة بين الكتل النيابية الواحدة، حين أعلن ائتلاف "دعم مصر" الموالي للسيسي (أكبر الكتل البرلمانية) بشكل واضح معارضة تسليم الجزيرتين إلى السعودية دون انتظار حكم القضاء، كماأكد عدد من البرلمانيين في ذالك الوقت أنه لا يمكن تمرير الاتفاقية إلا باستفتاء عام مستندين في كلامهم الى المادة 151 من الدستور المصري باعتبار الاتفاقية ليست مجرد ترسيم لحدود مقررة سلفًا وإنما تقع في نطاق التنازل عن السيادة على الأرض.
يذكر أن مصادر حكومية مصرية كشفت قبل أيام أن الوفد العسكري السعودي برئاسة المستشارالاول للمك سلمان بن عبد العزيز، الذي زار مصر مؤخراً، وجهه" انذارا اخيرا" شديد اللهجة للسيسي لتنفيذ الاتفاق فورا، وفي غضون اربعة اسابيع، والا فإن عليه مواجهة عقوبات قاسية، في حين لم تعلق السعودية رسمياً على قرارا المحكمة المصرية الأخير حتى كتابة هذه السطور.