الوقت - شهد اليومان الماضيان تصعيداً اسرائيلياً عسكرياً براً وجواً تمثل بسلسلة غارات شنها على قطاع غزة الفلسطيني بلغ مجموعها نحو ال60 غارة، الاعتداء الاسرائيلي والذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات طال اهدافاً مدنية وأراضي زراعية، بالإضافة الى مواقع عسكرية للمقاومة الفلسطينية ومنشآت البنى التحتية، الاعتداء الاسرائيلي جاء بذريعة اطلاق صاروخين مجهولي ومشكوكي المصدر من قطاع غزة باتجاه مستوطنة سيديروت الاسرائيلية. حجم الرد الاسرائيلي هذه المرة جاء مغايراً لما سبقه وهو ما دفع نحو الحديث عن الأهداف والرسائل التي حملتها غارات المحتل الاسرائيلي، وبالتالي هل ستؤتي هذه الرسائل والأهداف أُكلها.
رسائل العدوان الاسرائيلي على غزة
اولاً: تصعيد الکيان الاسرائيلي يأتي بالدرجة الأولى في السياق الطبيعي لأصل نشأته واحتلاله للأراضي الفلسطينية، وبالتالي فهو جزء من مواصلة العدوان على الشعب الفلسطيني، وهو بالدرجة الثانية تذمر اسرائيلي من معادلة الردع التي استطاعت المقاومة الفلسطينية فرضها، ولذلك نلحظ انه بعد عدوان عام 2014 الأخير على غزة والذي استمر قرابة ال50 يوماً، سعت قوات الکيان الاسرائيلي في اكثر من مرة لفرض معادلة وواقع جديد لكن محاولتها باءت بالفشل. يضاف الى ذلك محاولة من جانب الكيان الاسرائيلي لخلط الاوراق مع الاقتراب من استحقاقات العملية السياسية داخل كيانه.
ثانياً: ليبرمان قبل توليه منصب وزارة الدفاع، اطلق الكثير من الطروحات المتعلقة بكيفية التعامل مع المقاومة الفلسطينية، وبأنه سيستخدم القبضة الحديدية، هذه اللهجة من الخطاب هي التي استخدمها كطرف معارض، والتي اتسمت بالتهديد ومن جملتها تهديده باغتيال قيادات حركة حماس، وعلى رأسهم إسماعيل هنية، تحتاج اليوم الى اثبات مصداقية طروحاته، ولهذا ذهب الى التصعيد، ليثبت انه قادر على تحمل منصب وزارة الدفاع، فليبرمان قبل توليه منصب وزارة الدفاع تعرض للكثير من الانتقادات من قبل معارضيه الذين شككوا في خبرته وكفاءته العسكرية في التعاطي مع الواقع الموجود.
ثالثاً: الكيان الاسرائيلي وجد لأجل زعزعة امن واستقرار المنطقة، وبالتالي وظيفته الموكلة اليه التذكير دائماً بمنطق القوة والاحتلال، وهي رسالة في الوقت عينه للقول ان المقاومة الفلسطينية بيدها مفتاح الحل في الحفاظ على الهدوء، يضاف الى ذلك القلق الاسرائيلي من الانتفاضة الثالثة او ما يعرف بانتفاضة القدس، لأن العدوان على غزة من شأنه ان يخلط الاوراق.
رابعاً: القلق الاسرائيلي الاكبر من استمرار الشعب الفلسطيني ومقاومته في الاستمرار اعداداً وتجهيزاً للتصدي لأي عدوان قادم، ولهذا يستفيد الكيان الاسرائيلي بين الفترة والآخرى من حوادث اطلاق الصواريخ مشكوكة المصدر، لضرب مواقع مهمة واستراتيجية للمقاومة، كما وفي الوقت عينه تأتي كرسالة ضغط مع الإقتراب من المعركة الانتخابية البلدية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
خامساً: الأيام القليلة الماضية شهدت مهرجاناً فلسطينياً تخلله عرض عسكري في قطاع غزة المحرر، المهرجان جاء بمناسبة الذكرى الثانية لإغتيال ثلاثة من قادة كتائب القسام في غارة اسرائيلية خلال عدوان عام 2014، هذا المهرجان وما تضمنه اعطى احساساً فلسطينياً بالقوة والنصر والعزة والقدرة على التصدي للكيان الاسرائيلي في اي عدوان قادم، ولهذا، اراد ليبرمان وکيانه الانتقام من الفرحة الفلسطينية.
هل ستؤتي رسائل الكيان أكلها؟
خلاف ما يريده ليبرمان، فهذه الضربة ستثبت ضعف خبرته العسكرية، والسبب في ذلك بيّن، فانتفاضة القدس ما جاءت الا كرد على جرائم الکيان الاسرائيلي، ولهذا فالغارات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة ستعطي قوة دفع للفلسطينيين بالإستمرار والمضي قدماً في انتفاضتهم، وستدفع المقاومة للرد على هذه الإعتداءات والتي لن تخدم الكيان الاسرائيلي بأي شكل من الأشكال، لأن المراقب لسير نمو قوة المقاومة الفلسطينية، يمكنه ملاحظة اشتداد قوتها بعد كل عدوان يشن عليها وعلى شعبها.