الوقت- أقل من أربعة أشهر تفصل المرشحين عن السباق الرئاسي الحقيقي للوصول الى البيت الأبيض. بعد أن اختار ممثل كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري نائبه.
ونالت هيلاري كلينتون ثقة الجانب الديمقراطي لتمثله في الإنتخابات الرئاسية العامة، كما استطاع الملياردير الأمريكي دونالد ترامب أن يضمن لنفسه موقع الصدارة في الحزب الجمهوري. واختار كل من كلينتون وترامب مع إعلانهما ممثلين لكل من حزبيهما نائبيهما في حال فوز أحدهما بكرسي الرئاسة، وأعلنا بوضوح عن سياسة كل منهما في حال وصوله الى البيت الأبيض.
ولا شك فـي أن فوز أحدهما (كلينتون وترامب) سوف يكون له تأثير كبير على مجريات الأمور فـي فلسطين، ولهذا سنتطرق الى أهم التصريحات التي أدلى بها كل من ممثلي الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول القضية الفلسطينية وموقفه منها في حال فوزه بالإنتخابات.
الحزب الديمقراطي: توجه كامل نحو اسرائيل.. ونظرة خاطفة على فلسطين
يميل الديمقراطيون لنزعة تدخلية خارجية داعمةً بشكل سافر غزو الاسرائيليين للأراضي الفلسطينية المحتلة، ويرحبون بأن تكون القدس عاصمة الكيان الاسرائيلي. ويؤكدون باستمرار على ثبات دعمهم المطلق للدولة الاسرائيلية الغاصبة للأراضي الفلسطينية، حيث ورد في بيان للحزب الديمقراطي: إن اسرائيل قوية ومنيعة بالنسبة لأمريكا أمر حيوي لأنها تحقق منافع واسعة وقيّمة لأهداف الحزب الديمقراطي، ولهذا نحن على تواصل وتعاون مستمر معها (اسرائيل). ويكشف الديمقراطيون للعلن موقفهم الفاضح بشأن إصرارهم على حماية الكيان الاسرائیلي ويظهر هذا واضحا في بيانهم المشؤوم اتجاه القضية الفلسطينية: نحن سنقف دائما الى جانب دفاع اسرائيل عن حقها في الاراضي الفلسطينية، وسندعم حقها هذا من خلال دعمنا العسكري المطلق لها، وسنقف بوجه أي حركة مناوئة للمشروع الاسرائيلي والتي تتمثل بالمساع الكبيرة التي تبذل في منظمة الأمم المتحدة الداعمة لفلسطين تحت عنوان "النشاط المناوئ لاسرائيل" أو عن طريق البايكوت الاسرائيلي (مقاطعة البضائع الاسرائيلية)، والحركات التي تعمل على فرض عقوبات تجارية على الكيان.
وحول بـنية التسوية للمشكلات الأخرى القائمة بين الکیان الإسرائيلي والفلسطينيين، تظهر صيغة الديمقراطيين لدى تحرّي جزئيات سياستهم، أنهم يتركون تلك المشكلات للمفاوضات، وعدم إملاء الحلول على أي من الطرفين، مع رسم خط عريض يتضمن الاعتراف بالکیان الإسرائيلي كدولة يهودية قومية آمنة إلى جانب دولة فلسطينية، ذات سيادة على أراضٍ متواصلة جغرافياً.
وبما أننا تطرقنا الى مواقف الديمقرراطيين من القضية الفلسطينية، لابد من ذكر الحقيقة الواضحة لنهج هذا الحزب اتجاه الکیان الاسرائيلي، حيث أنه دعا عدة مرات وعلى مدى العقود الماضية الى الاعتراف بأورشيليم (بيت المقدس) كعاصمة لاسرائيل.
والمرشحة كلينتون التي كانت وزيرة خارجية فـي ادارة أوباما لمدة أربع سنوات، لاتتردد في إعلان موقفها أمام شعبها والعالم أجمع، بشأن دعمها المطلق للكيان الاسرائيلي قائلة: لا يمكن أن نكون محايدين، فنحن نرى أنفسنا في الموضوع الإسرائيلي.
وأكدت المرشحة الديمقراطية فـي مقالة لها نُشرت على موقع "فورورد" (forward.com) العام الماضي، إلتزامها بالحفاظ على "الرابط غير القابل للكسر" مع إسرائيل. وأعلنت حسرتها على ما وصفته "الإرهاب الفلسطيني الذي ملأ شوارع القدس". ولم تنس أن تُذكِّر من يهمُّه الأمر داخل "اللوبي الاسرائيلي" بسجلها فـي الدعوة إلى تقديم مزيد من المساعدات لإسرائيل منذ أيامها فـي مجلس الشيوخ الأميركي وتعهداتها بحماية إسرائيل حتى من الانتقادات.
ويضيء للأذهان كلام كلينتون تورط بلادها في الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين، لاسيما عندما قالت: بالنسبة لي، القتال من أجل إسرائيل ليس مجرد سياسة.. انه التزام شخصي للصداقة التي تجمع بين شعبينا ورؤيتنا المشتركة للسلام والأمن.
الحزب الجمهوري: دائما وفي جميع الأماكن اسرائيل
قد يتراءى للبعض بأن سياسة كل من الجمهوريين والديمقراطيين متفاوتة بشأن القضية الفلسطينية و الکیان الاسرائيلي، وإن كانت بعض التصريحات الواردة ضمن الحملة الانتخابية تظهر بعض التعاطف مع القضية الفلسطينية، إلا أن الحقيقة تخبرنا بعكس مانراه ونسمعه، وتضيء لأذهاننا واقع النهج الذي يتبعه كل من الجمهوريون والديمقراطيون بشأن الکیان الاسرائيلي، لندرك بعدها بأنه لايوجد أي اختلاف في سياسة كل من الحزبين اتجاه القضية الفلسطينية وماتمثله اسرائيل من أهمية لمصالح امريكا الخارجية، حيث يدعم الجمهوريون كما الديمقراطيون الكيان الاسرائيلي في جميع المجالات، لاسيما بعد أن أعلن حزب المرشح ترامب الذي أثار تساؤلات عديدة حول كراهيته المعلنة للمسلمين بأنه سيقف بوجه أي حملة مقاطعة للبضائع الاسرائيلية، وسيتصدى لكل العقوبات التي ستفرض على اسرائيل في الامم المتحدة في حال حصلت، وسيعتبر كل مقاطعة لاسرائيل أنها حقد مكمون اتجاه اليهود وبالتالي سيواجه هذا العداء ويحاكم منتحليه.
وأعلن الجمهوريون بشكل علني في بيان أطلقوا عليه "دعمنا الصريح لاسرائيل" كتبوا فيه: تقف اسرائيل كدولة استثنائية خلف منافعنا المتقابلة، وتمثل أهم شريك لنا في القيم التي تبنيناها. ويعتقد الجمهوريون أن الكيان الاسرائيلي يعد الجهة السياسي الوحيدة التي تمارس الحرية السياسية بشكل محترم.
كما أن الجمهوريون يؤكدون على حمايتهم للكيان الاسرائيلي تحت عنوان مشبوه أطلقوا عليه " بيان امريكا الرمادي"، ويعتبرون أيضا أنه على الدولة الامريكية ان توجه سياساتها بما يعكس الميل الشديد للأمريكان من أجل الحفاظ على روابطها الجيدة مع اسرائيل.
وعلى الرغم من كل هذه النوايا الكامنة في سياسة الحزب الجمهوري اتجاه الکیان الاسرائيلي، إلا أنه يسعى في بعض الأحيان الى إظهار نفسه كمحايد يعمل على إبرام صلح بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
على الخلاف من نهج الحزب الديمقراطي، لم يُشر الجمهوريون في سياستهم الى حل الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين بالاعتراف بكل منهما ضمن دولة مستقلة، بل إن أسوأ مافي الأمر أنهم لم يذكروا اسم فلسطين حتى.
أمل زائف بالتغيير
نستنتج في خلاصة هذا المقال، أنه كلما واصل كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري تأكيدهما بشأن تقديم دعم الولايات المتحدة المطلق لسياسة الكيان الاسرائيلي في المنطقة، كلما بات لنا مكشوفا زعم موقفهما العادل اتجاه القضية الفلسطينية.
في الواقع، أعرب أعضاء الحزب الديمقراطي عن نيّتهم في تقديم بعض الحقوق الانسانية والسياسية للفلسطينيين، في حال أن الجمهوريون لم يعترفوا حتى بفلسطين من الناحية اللفظية، بل وأكدوا بأنهم لن يدافعوا عن الشعب الفلسطيني.
وعلى هذه الحال لن يُنتظر من الرئيس الامريكي الجديد، إحداث أي تغيير في سياسة بلده الخارجية اتجاه القضية الفلسطينية، وذلك لأن النهج المعلن لكل من الحزبين هو "أمن امريكا من أمن اسرائيل" و"مصالح امريكا من مصالح اسرائيل".