الوقت - أكدت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن الجماعات الإرهابية وقطر والسعودية هم الخاسر الأكبر من التقارب الروسي - التركي الأخير.
وقالت الصحيفة في تقرير لها بقلم الكاتب والمحلل السياسي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط "روبرت فيسك" بأن روسيا وإيران تحركتا بحنكة وذكاء إزاء ما حصل مؤخراً في تركيا في إشارة إلى الإنقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته البلاد قبل عدّة أسابيع.
وأضاف التقرير أن اللقاء الذي تم مؤخراً بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طیب أردوغان في "سان بطرسبورغ" يحمل في طياته بوادر تشير إلى أن الجماعات الإرهابية التي تنشط في سوريا وعموم المنطقة والدول الداعمة لها لاسيّما السعودية وقطر ستكون الخاسر الأكبر من وراء هذا اللقاء. مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه من الأفضل للدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا أن تعيد النظر في حساباتها فيما يتعلق بالعلاقات مع تركيا بعد الإنقلاب الفاشل، خصوصاً فيما يرتبط بمحاولاتها الرامية إلى إسقاط نظام حكم الرئيس السوري وكيفية السيطرة على الأزمات الناجمة عن نزوح أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين إلى الدول الأوروبية عبر تركيا.
وتابع فيسك مقاله بالقول بأن أردوغان الذي تصفه الصحافة الغربية بالرجل المريض شعر بالإرتياح الشديد خلال لقائه نظيره الروسي وهو ما ظهر جليّاً في التصريحات التي أدلى بها قبل وأثناء زيارته إلى روسيا ومن بينها تصريحه الذي أكد فيه بأن هذه الزيارة تمثل تغييراً جوهرياً في علاقات أنقرة تجاه موسكو، وإعرابه كذلك عن شكره وتقديره لروسيا خصوصاً للرئيس بوتين الذي رحب أيضاً من جانبه بتطبيع العلاقات مع أنقرة والتي تأزمت قبل عدّة أشهر إثر قيام المضادات الجويّة التركية بإسقاط طائرة السوخوي الروسية أثناء توجهها لضرب مواقع ومقرات الجماعات الإرهابية في سوريا.
وأشار فيسك كذلك إلى تصريح أردوغان الذي أكد فيه بأن الأزمة السورية لا يمكن حلّها ما لم يتم التعاون مع روسيا بهذا الخصوص، متسائلاً في الوقت نفسه؛ إذا كان أردوغان مستعداً لتطبيع علاقات بلاده مع روسيا، رغم وجود خلافات معها حول عدد من القضايا، فلماذا لا يفعل هذا الأمر مع نظيره السوري بشار الأسد خصوصاً وأن العلاقة بين أنقرة ودمشق كانت طبيعية في السابق، أيْ قبل إندلاع الأزمة السورية عام 2011.
ودعا محلل صحيفة "الإندبندنت" مرشحيْ الرئاسة الأمريكية، الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب إلى الإستعداد لما أسماه سيناريو التقارب التركي - السوري المحتمل، معرباً في الوقت ذاته عن إعتقاده بأن هناك مجموعة من الخاسرين من زيارة الرئيس التركي الأخيرة إلى روسيا أولهم الجماعات الإرهابية مثل "داعش" و"جبهة النصرة" و "فتح الشام" والتي وجدت فجأة أن الدولة الأكثر موثوقية في تزويدها بالأسلحة (ويقصد بها تركيا) قد تحالفت مع أكثر أعدائها شراسة في إشارة إلى روسيا صاحبة السطوة الجويّة.
وكشف "فيسك" عن أن الدور الذي لعبته تركيا في السنوات الأخيرة فيما يخص سوريا مشابه لدور باكستان في أفغانستان، حيث تأخذ الأموال والأسلحة من بعض الأثرياء العرب لاسيّما في السعودية وقطر لتمويل الجماعات المتطرفة وتأجيج الصراع في عدد من دول المنطقة وتحديداً في العراق وسوريا.
ولفت الكاتب البريطاني كذلك إلى الدور المهم الذي لعبته كل من روسيا وإيران في تحذير أردوغان من مؤامرة الإنقلاب العسكري الفاشل، معرباً عن قناعته التامة بأن الرئيس التركي هو الآن بصدد تقوية علاقات بلاده مع طهران وموسكو والإبتعاد عن حلف شمال الأطلسي" الناتو".