الوقت- 16 شباط، يوم ليس ككل الايام في حياة المقاومة الاسلامية، يوم عبر فيه اكبر القادة الذين سطروا بسواعدهم و هتافاتهم ابرز ملاحم البطولة من دار الزوال الى دور البقاء.
استشهد الشيخ راغب حرب في هذا اليوم ملتحقا بقوافل الشهداء فكان السلاح كلمة قذفت في صدر العدو والاعتراف بوجود الكيان الإسرائيلي مستحيل. السيد عباس الموسوي لم يطل البقاء ايضا فكان حفظ المقاومة هاجسه الوحيد الذي اختاره وصية اساس. وعلى قوافل الشهداء القادة سار الحاج عماد مغنية فكان له نصيبه من الشرف والعزة و الكرامة، شهادة بعد جهاد طويل و فداء. هؤلاء هم قادة المقاومة الاسلامية الذين عشقوا الجهاد و الشهادة فكانت لهم. وكما في كل عام احيى حزب الله مناسبة الشهداء القادة باحتفال حضره حشود غافرة وتكلل بخطاب الامين العام السيد حسن نصرالله.
مناشدة بحجم الامر الذي لا عاصي له
قبل الاحتفال بساعات لم تتجاوز ال 24 اصدر السيد حسن نصرالله بيانا ناشد فيه جميع المحبين عدم الاحتفاء بظهوره عبر اطلاق الرصاص. فجاء البيان مطالبا باحياء المناسبة الجلية ولكن الامين العام للحزب اضاف: "نظرا للمحاذير الشرعية والقانونية وما يلحق بالناس من اذى والمناسبة الكريمة من توهين، اتوجه اليكم بكل اصرار واناشدكم بكل ما هو عزيز عندنا وعندكم ان يمتنع الجميع عن اطلاق النار بشكل قاطع".
"اشرف الناس" لبوا النداء فكان اطلاق البالونات التي كتب عليها "بامرك يا سيد" بديل لاطلاق الرصاص وكان الاحتفال بظهور القائد هتافات بالتلبية وبالونات و دعوات بالحفظ. وبدا الخطاب.
خطاب على قاعدة خير الكلام ما قل و دل
كلام السيد نصر الله مساء الاثنين خلال الاحتفال المركزي الذي اقامه حزب الله إحياء لذكرى القادة الشهداء في مجمع سيد الشهداء(ع) في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، حمل العديد من المعاني وتناول المواضيع كافة الداخلية و العربية و العالمية، معتبرا ان لبنان جزء من العالم و مصير العالم اليوم يصنع في المنطقة كما يصنع مصير شعبنا وبلدنا وكراماتنا ومستقبل أجيالنا.
واضاف "لبنان اليوم متأثر بما يجري في المنطقة أكثر من أي وقت مضى"، ولفت الى ان "هناك منطق يقول إننا نريد لبنان بمعزل عن أحداث المنطقة والنأي بالنفس عن كل ما يجري في المنطقة هذا كلام جميل لكن هذا غير واقعي".
وحول خطر تنظيم "داعش" الارهابي، اشار السيد نصر الله الى ان "تهديد التيار التكفيري ليس تهديدا لبعض الأنظمة بل لكل البلاد وكل الشعوب بل هذا تهديد للاسلام كدين ورسالة"، وأكد ان "هدف داعش هو مكة المكرمة والمدينة المنورة وليس بيت المقدس". ولفت السيد نصر الله الى ان "كل العالم اليوم سلّم أن هذا التيار التكفيري داعش يشكل تهديدا للعالم والمنطقة وفقط اسرائيل لا تعتبر داعش خطرا وتهديدا"، واشار الى ان "كل ما فعلته داعش(يخدم مصالح اسرائيل لذلك فتشوا عن الموساد الاسرائيلي والمخابرات الغربية في أهداف داعش ".
واشار السيد نصر الله الى انه "يجب ان لا نخدع أنفسنا في التفريق بين داعش والنصرة فهما جوهر واحد وفكر واحد وثقافة واحدة". وتابع "على الدول الخليجية مقاربة ملفات المنطقة بطريقة أخرى لأن التهديد يطال الجميع"، داعيا "حكومات المنطقة أن تعمل على تجميد الصراعات القائمة في المنطقة".
واكد السيد نصر الله ان "أميركا تستنزفنا وتؤسس من خلال داعش لأحقاد وعداوات كبيرة وتدمر المنطقة لمصلحة هيمنتها وقوة اسرائيل
وحول جريمة "داعش الارهابي " بقتل العمال المصريين، دان السيد نصر الله الجريمة الارهابية التي ارتكبها التنظيم الارهابي وتقدم "بالعزاء الى الشعب المصري والكنيسة القبطية بهذه الجريمة والحادث الجلل".
و اما على الصعيد اللبناني، اكد السيد نصر الله على "تأييده لوضع استراتيجية وطنية في لبنان لمواجهة الارهاب"، واضاف "يمكن ان نتفق على عدو اسمه الارهاب لكن للاسف قد لا نتفق على عدو اسمه اسرائيل" واضاف "أمام خطر الارهاب نحن في حزب الله نؤيد الدعوة لوضع استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب"، ولفت الى انه"يجب على الدولة ان تحزم أمرها كيف ستتعامل مع الخطر الموجود على تلال وجبال السلسلة الشرقية حيث داعش والنصرة"، واعتبر ان "هذا الأمر يحتاج إلى قرار"، مجددا التحية "لضباط الجيش اللبناني والقوى الأمنية ورجال المقاومة الذين يدافعون عن لبنان.
من جهة ثانية، أكد السيد نصر الله انه "لا يحق لمن يتدخل في سوريا عسكريا وسياسيا أن ينتقد موقفنا السلمي بشأن الحراك في البحرين"، واضاف "من ينتقد موقفنا من البحرين ويعتبر ان هذا الموقف يسيء إلى علاقات لبنان مع دولة شقيقة عليه عدم التدخل في سياسة بلد آخر ولا سيما سوريا"، ولفت الى ان "النظام البحريني يهدد بإبعاد اللبنانيين من البحرين بسبب بعض التصريحات لانه هكذا تتصرف الانظمة الضعيفة".
السيد نصر الله تطرق ايضا الى الخطة الامنية التي تطبق في منطقة البقاع، ودعا الى تواصلها وتفعيلها معتبرا انه "يجب جميعا ان ندعم ونساند ونقف وراء الجيش والقوى الأمينة في هذا المجال"، واشار الى انه "بجانب الخطة الأمنية في البقاع نحتاج خطة إنمائية للبقاع خصوصا بعلبك الهرمل وعكار ايضا وحل مشكلة عشرات الآلاف من المطلوبين باستنابات قضائية بسيطة".
وفي الشأن السياسي اللبناني الداخلي، طالب السيد نصرالله "بمعاودة الجهد الداخلي في موضوع الإستحقاق الرئاسي"، وتابع "لكل الحريصين على منع الفراغ أقول لهم لا تنتظروا المتغيرات في المنطقة والخارج لأن المنطقة متجهة إلى مزيد من المواجهات والازمات".
وحول العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، دعا السيد نصر الله الى "تعميق العلاقة بين الحزب والتيار"، وتابع " ندعو لعقد تفاهمات متشابهة على مستوى كل الوطن".
وفيما يتعلق بالحوار مع "تيار المستقبل"، قال السيد نصر الله "سنواصل الحوار مع تيار المستقبل الذي أنتج بعض الأمور الإيجابية التي كانت ضمن توقعاتنا ونأمل أن نتوصل إلى نهاية إيجابية".
وحول ذكرى القادة الشهداء، قال السيد نصر الله "في كل سنة في مثل هذا الوقت نحيي ذكرى قادتنا الشهداء السيد عباس الموسوي استاذنا وقائدنا ومعلمنا وزوجته العالمة السيدة ام ياسر وطفلهما الصغير حسين وشيخ الشهداء الشيخ راغب حرب والقائد الكبير الحاج عماد مغنية، هؤلاء الشهداء هم عنوان ثباتنا"، واضاف "نحيي هذه الذكرى من اجلنا نحن ومن اجل اجيالنا وليس من اجلهم فقط ونحيي هذه الذكرى لتثبيت الذكرى في عقولنا ووجداننا ووجدان أجيالنا وأطفالنا".
واشار السيد نصر الله الى انه "نحيي الذكرى للاطلاع على التاريخ منذ انطلاق المقاومة ومنذ انتصار الثورة الاسلامية الايرانية وبدء تطور المقاومة والانجازات التي بدأت تسجلها"، وتابع "هذه الحقبة من التاريخ تمثل مدرسة للانسانية وكان قادتنا الشهداء هم من ابرز عناوينها وهم الشهود الشهداء عليها".
وقال السيد نصر الله "قادتنا في ثمانينات القرن الماضي لم يتحدثوا فقط ان اسرائيل فقط ستخرج من ارضنا بل كانوا يؤكدون ان اسرائيل ستزول وتنتهي"، واضاف "عندما نرجع الى هؤلاء القادة لانهم مدرسة فكرية كاملة يجب التعريف بها والتعلم منها".
من جهة ثانية، توجه السيد نصر الله الى عائلة الشهيد رفيق الحريري وعائلته ومحبيه بالتعازي لجريمة اغتياله الاليمة التي تصادف في 14 شباط، و شكر "جميع المواطنين والاهالي للالتزام التام بعدم اطلاق النار في جميع المناطق خلال اطلالته".